رهان واشنطن على حظر «أتاكمز» لا يهدد أوكرانيا.. فما السر؟

راهنت واشنطن على أن حظر صواريخ "أتاكمز" سيمنحها ورقة ضغط أساسية على أوكرانيا لكن المعادلة على الأرض تسير في اتجاه آخر.
عززت أوكرانيا مؤخرا صناعاتها الدفاعية وعملت على تطوير صواريخ محلية بعيدة المدى مثل "فلامنغو" الأمر الذي جعلها أقل اعتمادًا على الإمدادات الغربية مما كان عليه الحال في بداية الحرب وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "تلغراف" البريطانية.
في الربيع الماضي، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي جهودها لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانخراط في مفاوضات سلام جادة، لكنها واجهت عائقًا محتملاً قررت إزالته، وهو الضربات الأوكرانية في العمق الروسي باستخدام صواريخ أمريكية الصنع.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن إدارة ترامب أطلقت "آلية مراجعة" تمنع كييف من شن هجمات عبر الحدود باستخدام صواريخ "أتاكمز" الأمريكية بعيدة المدى، أو حتى صواريخ "ستورم شادو" البريطانية اعتمادًا على بيانات استهداف أمريكية.
وبحسب تلغراف، كان الهدف واضحًا: تفادي أي ضربة كبيرة داخل روسيا قد تقوض مسار التحضير لقمة سلام محتملة.
وقد حرمت هذه القيود أوكرانيا من أداة مهمة لرفع المعنويات، لكن الحقيقة أنها لم تُغيّر موازين القوى بشكل جذري؛ فحتى بعد رفع القيود جزئيًا عن استخدام "أتاكمز" في أواخر عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، كانت موسكو قد نقلت قواعدها الجوية ومخازن الذخيرة خارج مدى 190 ميلاً لهذه الصواريخ.
ورغم ذلك، حققت صواريخ "أتاكمز" نجاحات بارزة، إذ أصابت مصانع أسلحة ومخازن تحت الأرض بفضل سرعتها وقدرتها على اختراق التحصينات، إلا أن محدودية الإمدادات حالت دون حملة جوية واسعة النطاق.
ولم تُسلّم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) سوى نحو 500 صاروخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا، لم يتبق منها سوى 50 تقريبًا عند رفع القيود. أما صواريخ "ستورم شادو" فمخزوناتها كانت أقل بكثير.
وفي الوقت نفسه، لم يكن لدى بريطانيا أو الولايات المتحدة فائض كافٍ لتقديم المزيد، في ظل أولويات عسكرية في الشرق الأوسط والمحيط الهادئ.
كما أن تقدم أنظمة الدفاع الجوي الروسية مثل "إس-400" و"بانتسير إس-1" أدى إلى تقليص أثر الضربات الأوكرانية على الأراضي الروسية.
وعلى الأرض، لم تتوقف كييف عن استهداف العمق الروسي؛ فبدلًا من صواريخ "أتاكمز"، لجأت أوكرانيا إلى أسطول المسيّرات التي دمّرت مخزونات وقود بملايين الدولارات وأدت إلى ارتفاع أسعار البنزين في روسيا.
وقال أندرس بوك نيلسن، الخبير العسكري في الأكاديمية الدفاعية الدنماركية: "من الواضح أن حظر أتاكمز لم يكن مشكلة كبيرة، فقد كثّفت أوكرانيا ضرباتها داخل روسيا باستخدام بدائل محلية".
وإلى جانب المسيّرات، تعمل كييف على تطوير صاروخ كروز جديد يحمل اسم "فلامنغو" بمدى يصل إلى 3000 كيلومتر، من المتوقع أن يدخل الخدمة قبل نهاية العام.
ورغم أن "فلامنغو" أقل سرعة من "أتاكمز" و"ستورم شادو"، فإن إنتاجه بكميات كافية سيمنح أوكرانيا القدرة على استهداف مدن كبرى مثل سانت بطرسبورغ من دون الحاجة إلى موافقة أو دعم أمريكي.
حتى الآن، ما زال ترامب يراهن على ضبط وتيرة الدعم العسكري كي لا تفشل محاولاته لدفع بوتين إلى طاولة التفاوض، لكن إذا نفد صبره فقد يرفع القيود مجددًا عن صواريخ "أتاكمز"، وربما يذهب أبعد من ذلك ويبدأ في تزويد كييف بصواريخ "توماهوك" التي يبلغ مداها 2500 كيلومتر.
وفي كل الأحوال، أرسلت أوكرانيا رسالة واضحة مفادها أن الاعتماد الكلّي على واشنطن لم يعد خيارًا، وأن الصناعة المحلية المدعومة بالقدرات التكنولوجية المتنامية باتت قادرة على ملء الفراغ وتحويل الحرب إلى مواجهة أطول وأشد إيلامًا لروسيا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز