إعادة الروح لكازينو حمام الأنف التاريخي بتونس
عادت الحياة إلى المعلم التاريخي والثقافي والسياحي التونسية "الكازينو" أو "فندق جراند هوتيل" كما هو معروف في مدينة حمام الأنف في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس.
حمام الأنف، تلك المدينة المتربعة بين الجبل والبحر، بقيت حاضنة لهذا المعلم التاريخي الذي تحول في العقد الأخير إلى أطلال لبناية تحكي قصصا من قصص التاريخ.
كازينو حمام الأنف هو نزل وكازينو تم بناؤه في عهد الاستعمار الفرنسي في أواخر القرن التاسع عشر وتحديدا سنة 1894، وهو معلم أثري مصنف منذ 1 سبتمبر 2000، ويختزل حكاية لوحده من حكايات المدينة.
يتميز هذا الكازينو بموقع استراتيجي هام، حيث يطل على الواجهة البحرية لمدينة حمام الأنف ويتفرد بهندسة معمارية تجمع بين الطابع الأوروبي الموريسيك والنقائش المعمارية الأندلسية ما جعله قبلة للزوار من أبناء المدينة وغيرهم من متساكني الضاحية الجنوبية للعاصمة على امتداد سنوات.
وكان الكازينو معلمًا ثَقَافِيًّا وَسِيَاحِيًّا ومساحة لتصوير العديد من الأفلام والأشرطة العالمية، من بينها هرقل بوارو.
كما شهد الكازينو خلال سنوات أوجه، زيارة العديد من الشخصيات العالمية، وأقيمت فيه العديد من عروض فرق الرقص الشعبي العالمية.
كما كان الكازينو يضم 11 غرفة مطلة على حمام الأنف، ولكن بسبب الإهمال وقلة الصيانة والتجهيز لسنوات، تحولا إلى مبنى مهجور.
كان الكازينو لمدة أكثر من قرن منارة للمدينة، وبالتالي شارك في العصر الذهبي للضاحية الجنوبية.
تحول هذا المعلم من فندق كازينو، إلى قاعة حفلات، ثم "مطعم بار"، وأغلقت أبوابه منذ عام 2010 وسيتم تجهيزه مرة أخرى وفق قواعد الفن، ليعطي وجها جديدا، هذه المرة نحو الثقافة والسياحة.
ترميم المعلم
واليوم السبت، تم توقيع اتفاقية شراكة بين القطاعين العام والخاص خلال زيارة لكازينو حمام الأنف من أجل ترميم هذا المعلم التاريخي والثقافي والسياحي“ الكازينو ”أو فندق جراند هوتيل بإشراف رئيس الوزراء نجلاء بودن ووزيرة الشؤون الثقافية حياة قطط، ووزيرة السياحة محمد معزي بلحسن وممثل الاتحاد الأوروبي بتونس السيد فرانسيسكو أكوستا سوتو.
يأتي توقيع اتفاقية الشراكة لترميم وتنشيط كازينو حمام الأنف ضمن مشروع“ تونس وجهتنا ”الذي يخص حوالي 3000 أثر تاريخي وتراثي، بتمويل قدره 51 مليون يورو لفترة 2019-2025.
وأكد محمد المعز بلحسن وزير السياحة أن المشروع يندرج في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص لدفع الاستثمار في المشاريع السياحية والثقافية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه سيتم الاهتمام بعدد مهم من المواقع والمعالم الأثرية خاصة وأن تونس تضم عددا كبيرا من المعالم التي تعاني التهميش وهي في صورة غير جيدة.
وأشار إلى أن هناك فرصا كبيرة للاستثمار فيها لدفعها ولتطويرها وخلق مشاريع سياحية ثقافية بعد المشروع النموذجي لكازينو حمام الأنف.
وأوضح الوزير بأن هناك عديد المستثمرين الراغبين في الاستثمار في هذا المجال ودفع السياحة المستدامة والسياحة البديلة والسياحة الثقافية.
وكشف عن وجود 16 مشروعا في عدة مواقع تاريخية وأثرية.
حفظ الذاكرة التونسية
ومن جهتها، أكدت رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن في كلمة لها خلال زيارتها لهذا المعلم وتوقيع الاتفاقية، أنها وكالعديد من أهالي منطقة حمام الأنف لديها ذكريات مع المنطقة التي كانت تزورها مع والديها ويهمها كثيرا أن تعود لإشعاعها كبقية مناطق البلاد التي من الضروري الاهتمام بها.
كما نوّهت رئيسة الحكومة بأهمية إطلاق هذه الآلية وبإمضاء هذا العقد لفائدة القطاعات الثقافية والسياحية وبما يحفظ الذاكرة الوطنية الحضارية والإنسانية المادية واللا مادية من خلال ترميم هذا المعلم التاريخي بمدينة حمام الأنف وغيره من المعالم التي تزخر بها تونس.
كما أبرزت رئيسة الحكومة أن تونس بلد حافل بالمواقع الأثرية والحضارية المتميزة علاوة عن كفاءاتها البشرية ورأسمالها التاريخي الفريد وموقعها المتميز في قلب البحر الأبيض المتوسط وباعتبارها همزة وصل بين الفضاءين الافريقي والاوروبي، مشيرة إلى مساهمة بلادنا الفاعلة في التطور الحضاري والإنساني والذي يقدر بـ 3000 سنة من الحضارة الإنسانية.
كما أكدت رئيسة الحكومة حرصها شخصيا وبالعمل مع حكومتها على بذل قصارى الجهود لتنفيذ هذه البرامج وتحقيق أهدافها في أسرع الآجال قائلة إن ذلك يعدّ رهانا حقيقيا للتطور الثقافي والسياحي والاقتصادي لتونس، لما من شأنه أن يحقق التنمية المحلية والجهوية والوطنية عبر تثمين هذه المعالم ودعم حضورها في المناسبات الثقافية والسياحية بالتعاون بين مختلف الأطراف العمومية والخاصة في تونس وبالتعاون مع الشريك الأوروبي.
وثمّنت رئيسة الحكومة مجهودات مختلف الأطراف المشاركة في إطلاق هذه الآلية وامضاء البروتوكول اليوم، مبرزة أن ذلك يمثل اطارا عمليا للتعاون والتنسيق بين مختلف المتدخلين في هذا المجال وأنه سيساهم في تحقيق أهداف برنامج "تونس وجهتنا" وبلوغ نتائجه المرجوة.
وأوضحت رئيسة الحكومة أن ترميم هذه المعالم والمحافظة عليها على غرار كازينو حمام الأنف ومعلم "الكراكة" بمدينة حلق الوادي وغيرهما من المواقع وضبط تصورات متكاملة لإعادة تهيئتها سيضفي طابعا معماريا جديدا على جمالية المدن المبرمجة في إطار هذا البرنامج وسيحقق طموحات متساكنيها في حياة أفضل من خلال خلق حركية ثقافية وسياحية وتجارية طالما انتظرها أهاليها.