تونس.. تزايد حالات الاختناق في قابس يثير احتجاجات ضد المصنع الكيميائي

شهدت محافظة قابس جنوب شرق تونس، موجة جديدة من حالات الاختناق نتيجة تسرّب غازات سامة من المجمع الكيميائي في المنطقة، ما دفع المئات من السكان إلى النزول إلى الشوارع والتظاهر احتجاجًا على الوضع البيئي المتردي.
وأغلق المحتجون الطرقات وأشعلوا الإطارات المطاطية، مطالبين بتفكيك المصنع الذي يُصرف نفاياته في البحر والهواء الطلق، فيما يعاني أهالي قابس منذ سنوات من تلوث البيئة وتراجع صيد الأسماك، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الأمراض الناتجة عن الانبعاثات الكيميائية.
وأظهرت مقاطع فيديو لحظة تأثر التلاميذ في مدارس قابس، حيث عانوا من ضيق في التنفس وسعال شديد، واضطر الدفاع المدني إلى نقل المصابين إلى المستشفى. وتعد هذه الحادثة الخامسة خلال خمسة أسابيع، بحسب شهادات السكان والجهات المحلية، وقد طالبت النقابات والاتحاد الجهوي للشغل في قابس بإضراب عام إذا استمر الوضع على حاله.
وأكد خير الدين دبية، ممثل حملة "أوقفوا التلوث بقابس"، أن الانبعاثات الغازية من المجمع الكيميائي تتسبب في أضرار كبيرة للبيئة والصحة العامة، مطالبًا بوقف عمل الوحدات الملوثة فورًا وفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات البيئية ومتابعة المتضررين. ودعا السلطات إلى تنفيذ القرارات السابقة المتعلقة بتفكيك الوحدات الملوثة، وإعداد برامج لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من التلوث الصناعي، مع وضع خارطة طريق واضحة لإنهاء الأزمة البيئية في الولاية.
وتعد هذه التطورات بمثابة تحذير جديد للسلطات التونسية، بعد أن أشار الرئيس قيس سعيد في 30 سبتمبر الماضي إلى أن البيئة في قابس قد "تم اغتيالها" على مدى سنوات طويلة، وأن هناك أخطاء في صيانة المنشآت الصناعية تسببت في تفاقم الوضع، مؤكدًا أن الحلول موجودة وتتطلب توفير الإمكانيات اللازمة لإنقاذ المدينة.
ويشكل المجمع الكيميائي في قابس، منذ تأسيسه عام 1972، مصدر تلوث واسع النطاق، حيث يضخ يوميًا نحو 13 ألف طن من مادة "الفوسفوجبس" الناتجة عن معالجة الفوسفات مباشرة في مياه البحر المتوسط، ما أدى إلى تدمير النظم البيئية وهجرة أنواع نادرة من الأسماك ونفوق الدلافين والسلاحف، وزيادة معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية بين السكان.
على الرغم من جهود السلطات في السنوات الأخيرة، إلا أن استمرار الانبعاثات الكيميائية والضخ البحري للمخلفات يجعل سكان قابس يعيشون تحت وطأة تلوث طويل الأمد يهدد صحتهم وحياتهم اليومية، ويعكس إخفاق السياسات السابقة في حماية البيئة وحقوق المواطنين.