"حجر في مياه راكدة".. خبراء يحللون تصريحات أردوغان عن مصر

"نقلة تعد تحريكا للمياه الراكدة في مسار العلاقات بين البلدين، وخطوة تمهد لفتح صفحة جديدة عنوانها العريض "التنسيق وتعزير العلاقات".
تلك كانت قراءة خبراء من القاهرة وأنقرة لتلميحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، بعقد محادثات "رفيعة المستوى" مع مصر.
وقال الرئيس التركي، إنه "لا يوجد سبب لعدم إجراء محادثات رفيعة المستوى مع مصر"، حيث لا تزال جهود أنقرة لإصلاح العلاقات مع القاهرة تراوح مكانها.
وأضاف أردوغان في مقابلة مع قناة "تي آر تي" الإخبارية الرسمية: "المحادثات على المستويات الدنيا مستمرة.. ليس مستبعدا أن يحدث هذا على مستويات أعلى ما دمنا نفهم بعضنا بعضا".، ومضى متابعا: "يتعين على البلدين تجنب إصدار بيانات قد تؤذي البلد الآخر".
الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير المصري في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وصف في حديث لـ"العين الإخبارية" تصريحات الرئيس التركي بـ"الهامة جدا، وبمثابة تحريك للماء الراكد في مسار العلاقات بين البلدين".
ويضيف: "الرئيس التركي ألقى حجرا فى مياه راكدة، صحيح أنه لم تحدث خطوة جوهرية للأمام، لكنها تصريحات تعد إيجابية".
ويوضح: "جرت العادة أن التصريحات بخصوص العلاقات مع مصر تأتي من مسؤولين في الحكومة التركية دون الرئيس، وهو ما يؤكد الرغبة الملحة لدى أردوغان فى إنهاء حالة الجفاء مع القاهرة".
نقاط ضعف
بيد أن عبد الفتاح يستدرك قائلا: "لكن للأسف مضمون التصريحات لم يتضمن آليات وإجراءات عملية ومشجعة ستتخذها تركيا، بعد حديث أردوغان عن أمنياته بارتفاع مستوى المباحثات من سفير أو وزير خارجية إلى مستوى أعلى".
ورغم أن عبدالفتاح أكد أن تصريحات أردوغان بمثابة "نقلة" في العلاقة بين البلدين، لكن استدرك قائلا:" إن مشكلة العلاقات بين البلدين حاليا، وتعطل التقارب، يرجع إلى أن الرئاسة التركية لا تقدم على خطوات عملية تستجيب فيها لمطالب القاهرة وتثبت حسن النوايا".
وفي هذا الصدد، أعرب عبد الفتاح عن أمله أن يتخذ الرئيس التركي الخطوات الضرورية المطلوبة؛ لأنه يعلم جيدا ماذا تريد القاهرة.
وبسؤاله عن طبيعة وشكل التحركات المطلوبة من أنقرة، أجاب الخبير بمركز الأهرام: "ينبغي أولا الاستجابة للمطالب المصرية بعدم تحويل تركيا إلى ملاذ لقيادات جماعة الإخوان الإرهابية، أو منصات سياسية وإعلامية لهم، ووقف التدخلات العسكرية التركية في دول الجوار مثل العراق وسوريا وليبيا والسودان وغيرها".
ومن بين التحركات التركية المطلوبة، والحديث لعبد الفتاح، توقف أنقرة عن الإضرار بالمصالح المصرية في المحافل الدولية، والتوقف عن عسكرة السياسة الخارجية التركية فى شرق المتوسط، وأن تتعامل مع مصر من منطق المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
تحركات منتظرة
وفي تعقيبه، قال طه عودة أوغلو، المحلل السياسي التركي والباحث بالعلاقات الدولية، "على الرغم من حديث الرئيس أردوغان عن بطء في مسار تطبيع العلاقات التركية المصرية، إلا أن ملامح العلاقات بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، تتجه لفتح صفحة جديدة في العلاقات في حال عدم وجود طارئ إقليمي أو دولي".
وأكد عودة أوغلو أن البلدين يتجهان إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات عنوانها العريض التنسيق والعمل سويا في ملفات المنطقة الشائكة، وتعزير العلاقات بينهم.
ولم يستبعد الخبير التركي أيضا حدوث تطبيع كامل للعلاقات بين البلدين وصولا إلى تبادل السفراء.
الدكتور جواد غوك المحلل السياسي التركي، يتفق مع المحللين عودة أوغلو وعبد الفتاح، وقال في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "تصريحات الرئيس التركي لم تكن مفاجئة بل منتظرة في ظل الرغبة التركية في تحسين العلاقات مع جيرانها الإقليميين وفي مقدمتهم مصر".
ولمح غوك إلى أنه من المنتظر وجود تحركات وخطوات عملية أخرى خلال الفترة المقبلة، قد يكون من بينها تعيين السفير التركي فى القاهرة، والمصري في أنقره.
وشدد غوك على أن "قطاعات كبيرة داخل المجتمع التركي تحث الحكومة على ضرورة تذليل العقبات من أجل تحقيق نتائج ملموسة في سبيل عودة العلاقات مع مصر لطبيعتها".
وكان سياسي تركي بارز قد أكد في حديث سابق لـ"العين الإخبارية" أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد رسم "خريطة طريق" لخطوات إعادة العلاقات بشكل طبيعي مع مصر.
وقال الدكتور تورهان شوماز المستشار السياسي السابق للرئيس رجب طيب أردوغان، إن الحزب الحاكم في تركيا شرع في إطلاق خطوات للتطبيع مع القاهرة خلال الفترة المقبلة، بعد اتخاذ الحزب قرار بدء المصالحة، بما يصب في مصلحة البلدين.
خطوات إيجابية
وجاءت تصريحات الرئيس التركي حول مصر، بعد أيام من حديث وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو للموقع الإخباري الرسمي "تي آر تي خبر" بأن علاقات بلاده مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تتقدم وتتطور بشكل جيد للغاية، لكن العملية مع مصر تسير بشكل بطيء نسبيا.
وأشاد وزير الخارجية التركي، بعلاقات بلاده مع دولتي الإمارات والسعودية، مشيرا إلى أنها تتطور بشكل "إيجابي وجيد للغاية".
وأضاف "هناك خطوات إيجابية متخذة في كافة المجالات، نرغب أن تكون دائمة وتستمر بشكل متزايد".
وفي وقت سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن جمهورية مصر العربية ليست دولة عادية، مضيفا أن لدى أنقرة فرصا للتعاون الجاد مع مصر في منطقة واسعة من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى ليبيا.
وأكد أردوغان في مقابلة تلفزيوينة إنه لا يمكن المقارنة بين العلاقات التركية المصرية والعلاقات المصرية اليونانية، فالعلاقة بين الشعبين التركي والمصري لا يمكن مقارنتها.
وبدأ الرئيس أردوغان خلال الشهور الماضية تحركات مكثفة، في محاولة للتقارب الإقليمي بدأت بزيارته للإمارات، وزيارته الرسمية الأخيرة إلى السعودية، لبحث العلاقات والتنسيق حيال القضايا الإقليمية والدولية.
وزار الرئيس التركي السعودية، أبريل/نيسان الماضي، لبحث العلاقات والتنسيق حيال القضايا الإقليمية والدولية.
وفي فبراير/شباط الماضي، توجه أردوغان إلى دولة الإمارات في أول زيارة له إلى الدولة الخليجية منذ نحو عقد من الزمن.
وقبل مغادرته مطار أتاتورك بإسطنبول، قال أردوغان للصحفيين آنذاك: "نستهدف خلال هذه الزيارة البناء على ما اكتسبناه (في العلاقات) مع الإمارات واتخاذ الخطوات اللازمة لعودة العلاقات إلى المستوى الذي تستحقه".
وأضاف "للحوار والتعاون بين تركيا والإمارات أهمية كبرى لسلام واستقرار منطقتنا برمتها".
aXA6IDE4LjExOS4yNTUuMTIyIA== جزيرة ام اند امز