أردوغان والتمديد.. المعارضة تحذر من "تلاعب" بالدستور
حذّرت المعارضة التركية من مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان لما سمّته بـ"التلاعب بالدستور" لتمديد فترته الرئاسية.
جاء ذلك على لسان أنغين أوزكوتش، نائب رئيس الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، خلال تصريحات إعلامية أدلى بها السبت، نقلها الموقع الإلكتروني لصحيفة "تي 24"، وتابعتها "العين الإخبارية".
تصريحات أوزكوتش جاءت ردًا على دعوة أردوغان التي وجهها مؤخرًا إلى الأحزاب السياسية، لوضع دستور جديد.
وقال أوزكوتش إنه إذا عرض عليهم أردوغان العمل معًا لوضع دستور جديد، فإنهم سيوافقون، "شريطة عدم التلاعب بالمواد الأربعة الأولى من الدستور، علاوة على تعزيز النظام البرلماني".
ويتكون الدستور التركي من 7 أقسام و155 مادة أساسية، بالإضافة إلى 21 مادة مؤقتة، وينص الدستور على أنه يُمنع منعاً باتّاً تعديل المواد الأربع الأولى منه، والتي تتضمن الأسس العامة للدولة.
والمادة الأولى من الدستور التركي تتحدث عن أن تركيا دولة جمهورية، فيما تقول المادة الثانية إنها جمهورية ديمقراطية علمانية اجتماعية، لتؤكد المادة الثالثة أن لغتها الرسمية هي التركية وأنها كدولة كيان غير قابل للانقسام، أما المادة الرابعة فتشدد على أنه لا يجوز تغيير أو إلغاء المواد الثلاث والسابقة أو تقديم أي مقترح.
وأوضح أوزكوتش أنهم سبق أن ناقشوا، في مناسبتين، العديد من مواد الدستور مع حزب العدالة والتنمية، مشيرًا فشل المناقشات مما اضطرهم إلى الانسحاب في نهاية المطاف.
كما أكد أنهم لن يقبلوا فرض مواد دستورية عليهم، مشددًا كذلك على رفض حزبه أي مادة دستورية جديدة من شأنها فرض فترة رئاسية جديدة لصالح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة.
وتابع أوزكوتش قائلا: "نحن مستعدون للجلوس والتفاوض مع أردوغان أو نوابه من أجل إنتاج دستور جديد يخدم الأمة وليس حزبًا سياسيًا بعينه".
دستور جديد
جاءت أول دعوة من أردوغان لكتابة دستور جديد، في فبراير/شباط الماضي، بشكل مفاجئ، وذلك في خطاب خلال مشاركته بإحدى اجتماعات حزبه العدالة والتنمية.
وقال حينها إنه يؤيد صياغة دستور جديد بالكامل، زاعما أن كل الدساتير التركية منذ الستينيات صاغتها "حكومات منبثقة عن انقلابات عسكرية".
وأكد الرئيس في تصريحاته آنذاك أن الوقت قد حان من أجل مناقشة دستور جديد لتركيا، وأن الحكومة ستبدأ في اتخاذ الخطوات اللازمة في البرلمان بخصوص القضايا التشريعية، وفي الرئاسة بخصوص القضايا الإدارية.
والأربعاء الماضي، أعلن أردوغان أنه سيعرض تصورات إدارته للدستور الجديد على الشعب لتقييمه مطلع العام المقبل، مشيرا إلى أن التوصل إلى مسودة الدستور الجديد "سيكون نصرا كبيرا لتركيا".
وفي خطاب ألقاه حينها خلال مشاركته بمراسم افتتاح العام القضائي الجديد بالعاصمة أنقرة، قال أردوغان: "نحن عازمون على عرض تصوراتنا بخصوص الدستور الجديد أمام أمتنا لتقييمها في الأشهر الأولى من العام المقبل".
وأضاف أنه "إذا تم التوصل إلى نص مشترك حول مسودة الدستور الجديد لأحزاب المعارضة، فسيكون ذلك نصرا كبيرا لتركيا".
دعوة أردوغان حول حاجة تركيا لدستور جديد، أشعلت الجدل والنقاش في الشارع التركي الذي انقسم بين مؤيد ومعارض.
ورغم أن الدستور الحالي جرت عليه تعديلات 19 مرة، 9 منها قبل حكم "العدالة والتنمية" و10 منها في عهده، آخرها تعديل أقر الانتقال للنظام الرئاسي عام 2017، إلا أن التعديلات لم تنجح - حسب أردوغان- في "استئصال الجوهر الانقلابي الذي بُني عليه دستور عام 1982"، معتبراً أن سبب مشكلات تركيا هو الدساتير التي أعدّها "الانقلابيون".
وبخصوص آليات إعداد دستور جديد، فإنه يتوجب الحصول على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 600 نائب، ومن ثم يعرض على الرئيس للموافقة عليه أو إعادته من أجل أجراء تعديلات أخرى عليه أو مناقشته أو طلب إجراء استفتاء الشعب عليه.
يُشار إلى أن تحالف "الجمهور" الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية يملك 337 عضوا في البرلمان أي أقل من الثلثين.
وفي حين يقول أردوغان إنه يريد وضع "أول دستور مدني" في تاريخ تركيا، يرى خبراء أن للرئيس التركي مآرب أخرى.
وفاجأ أردوغان الطبقة السياسية بدعوته إلى صياغة دستور جديد في إطار إصلاحات يقول إنه يريد تطبيقها، لكن معارضيه يشككون في دوافعه الفعلية قبل سنتين من انتخابات حاسمة مرتقبة في 2023.
دساتير تركيا
وجرت كتابة أول دستور لتركيا عام 1921 ليكون منطلقاً لتأسيس الجمهورية الحديثة، وتبنت البلاد دستورا جديدا نهاية حرب الاستقلال عام 1924، واستمر العمل به حتى 1961 حين بدأ العمل بدستور جدلي جديد أفرزه انقلاب 1960.
والدستور الحالي للجمهورية معمول به منذ عام 1982، وتم إعداده من قبل مجلس الشورى بأمر من الإدارة العسكرية بعد انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980، ودخل حيز التنفيذ في 18 أكتوبر/تشرين الأول بعد قبوله سنة 1982، من خلال الاستفتاء الشعبي وحصوله على نسبة تأييد تجاوزت 91%.
وحينها، جرى الاستفتاء على الدستور في ظل فوضى عارمة عمت البلاد، وتحت سيطرة الجيش على الإعلام وإغلاقه الأحزاب السياسية، وكانت نسبة المشاركة في التصويت ضعيفة جدا.
ويتكون الدستور التركي من 7 أقسام و155 مادة أساسية، بالإضافة إلى 21 مادة مؤقتة، وحسب الدستور فإنه يُمنع منعاً باتّاً تعديل أو اقتراح على المواد الأربع الأولى التي تتضمن الأسس العامة للدولة (الهوية والحقوق السيادية للأمة التركية وأجهزة الدولة الدستورية).
ويؤكد أن السيادة للأمة دون قيد أو شرط، وفصل بين السلطات الثلاث لمجلس الشعب: السلطة التشريعية، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء لهم السلطة التنفيذية، كما تمارَس السلطة القضائية من قبل محاكم مستقلة، ويعرّف الدستور الدولة بأنها دولة قانون ديمقراطية وعلمانية واجتماعية.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMDcg
جزيرة ام اند امز