الإمارات وأفغانستان.. "سواعد بيضاء" تعزز صداقة "عميقة"
دور فاعل تلعبه الإمارات بأفغانستان على جميع المستويات في إطار رسالة سلام محملة برؤى تؤمن بأهمية التضامن والتعاون لتعزيز استقرار العالم.
صداقة "عميقة" كما وصفها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدى استقبالهما قبل سنوات رئيس البلد الغارق حاليا في تقلبات قادت حركة طالبان إلى الحكم من جديد.
دعم شامل تبديه أبوظبي لهذا البلد الذي لطالما عانى من ويلات الحروب و"غيوم" السياسة، فكانت اليد التي تمتد للإغاثة وتقديم العون، والوساطة لتحقيق المصالحة، وفتحت أبوابها لاستقبال وإجلاء الآلاف ممن فروا من أفغانستان.
ولأن الإمارات -قيادة وشعبا- تؤمن برسالتها السامية ومسؤوليتها الحضارية في التخفيف عن الشعوب أينما كانوا بغض النظر عن الجغرافيا أو الدين أو السياسة، اقتداء بنهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في غوث المحتاج ومد يد العون للجميع، فقد كانت الحاضر الدائم كلما وقعت منطقة بالعالم تحت فوضى تقلباتها، في حضور فعال جعلها محل إشادة دولية.
مساعدات طارئة
في أفغانستان، حطت اليوم الجمعة طائرة تحمل مساعدات طبية وغذائية عاجلة، وذلك في إطار المساهمة بتوفير الاحتياجات الأساسية والضرورية لآلاف الأسر الأفغانية خاصة الفئات الأكثر ضعفاً كالنساء والأطفال وكبار السن.
ويأتي هذا الدعم في "إطار الدور الإنساني الذي تقوم به دولة الإمارات لتقديم كامل الدعم للشعب الأفغاني الشقيق في مثل هذه الظروف الراهنة، ومن منطلق مد أيادي الإمارات البيضاء لإغاثة الشعب الأفغاني والمساهمة في توفير الدعم والاحتياجات اللازمة له"، وفق وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية.
ولم يقتصر هذا الدعم على المساعدات الإنسانية فقط، فقبل أيام استضافت الإمارات بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آلاف العائلات الأفغانية، ووفرت لهم الرعاية في المجتمع مؤقتاً، إضافة إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتوفير الرعاية والدعم اللازمين بما يوفر لهم مقومات الحياة الكريمة.
مساعدات واستضافة تدون وتترجم أحد فصول رسالة الإمارات الإنسانية، وتنضاف إلى دعم تنموي لطالما قدمته لبلد يعد 18 مليون نسمة، يعيش معظمهم في أوضاع إنسانية كارثية، ويحتاج مساعدات للبقاء على قيد الحياة.
جهود إماراتية تلاقي -كما في كل مرة- إشادة دولية، حيث أعربت الخارجية الأمريكية، اليوم، عن تقديرها لدعم الإمارات لأفغانستان وإرسالها طائرة مساعدات إنسانية إلى العاصمة كابول.
وتعد الطائرة الإماراتية التي حملت مساعدات طبية وغذائية عاجلة، أول طائرة مساعدات تصل إلى أفغانستان منذ الانسحاب الأمريكي الذي أعاد مفاتيح الحكم إلى حركة طالبان.
حركة طالبان رحبت، بدورها، بوصول طائرة المساعدات الإماراتية إلى مطار العاصمة كابول، وقال متحدث باسمها، في تصريحات إعلامية: "نرحب بوصول أول طائرة مساعدات إنسانية من قبل الإمارات إلى مطار كابول خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها البلاد".
"معبر" آمن
لم يقتصر الدعم الإماراتي في الوقت الراهن على إرسال المساعدات الإنسانية فقط، فمنذ أيام استقبلت البلاد مئات الأسر، وخاصة النساء والأطفال، من الفارين من الاضطرابات في أفغانستان، في موقف إنساني لا يعتبر مستجدا بالنسبة لبلد يعتبر بالعقدين الماضيين، أحد أكبر المساهمين في أعمال المساعدات الإنسانية في أفغانستان.
فقرار استقبال وإيواء النساء والأطفال الأفغان الذين شردتهم التطورات الأخيرة في بلدهم، ينبني على إرث نبيل تحرص عليه دولة الإمارات إيمانا بقيمة عملها الإنساني وتماشيًا مع رسالتها العالمية للخير.
وتأتي هذه الخطوة استكمالًا لجهود دولة الإمارات منذ بداية الأزمة الأخيرة في أفغانستان لدعم وتسهيل رحلات الإجلاء لدول أخرى ومنظمات دولية من خلال استخدام مطارات الإمارات وشركات النقل المحلية، حيث تم إجلاء عشرات الآلاف من الأفغان والأجانب إلى دول أخرى بمساعدة الإمارات.
دعم شامل
تحرص دولة الإمارات على أن تكون بمقدمة الدول الداعمة لأفغانستان حيث تواصل جهودها الرامية إلى مساعدتها على تجاوز التحديات المختلفة التي تواجهها على كافة المستويات، خصوصا في فترات التقلبات التي شهدتها على مدار عقود، وتشهدها بالوقت الراهن.
وفي تقرير سابق بعنوان "دعم إماراتي شامل ومتواصل لأفغانستان"، قال مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية إن الدعم الإماراتي المتواصل والشامل لأفغانستان ينطلق من اعتبارات عدة: أولها، أنه أحد ثوابت السياسة الخارجية للدولة التي تستهدف التضامن مع الدول الشقيقة والصديقة، ومساعدتها على تجاوز الأوضاع الصعبة التي تواجهها، تجسيداً لمسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية التي تعلي من قيم التضامن مع الشعوب.
وثانيها، أن جهود تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في أفغانستان تمثل مصلحة إقليمية ودولية مشتركة، ليس فقط لأنها تمثل جبهة رئيسية في الحرب على الإرهاب في ظل وجود العديد من التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود على أراضيها كـ"القاعدة" وتنظيم "داعش"، وإنما أيضاً لأنها تقع في منطقة حافلة بمصادر التوتر والاضطراب، ولهذا من المهم دعم جهود الأمن والسلام والاستقرار فيها.
وبذلت الإمارات، ولا تزال، العديد من الجهود لتعزيز فرص السلام والأمن في أفغانستان، حيث استضافت في ديسمبر/ كانون أول 2018 الجولة التفاوضية بين حركة "طالبان" والحكومة الأفغانية بمشاركة المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لدعم جهود المصالحة الأفغانية، كما شاركت في مؤتمر "طشقند" في أوزبكستان بالعام نفسه، وجددت خلاله التزامها بمساعدة الشعب الأفغاني في تحقيق رؤيته نحو السلام والاستقرار والازدهار.
أما ثالث الاعتبارات، فيكمن في أن الدعم الإنمائي لأفغانستان، الذي يترجم في العديد من المشروعات في مجالات التعليم والصحة والإسكان بهدف تحسين الأوضاع المعيشية للشعب الأفغاني، لا ينفصل عن رؤية الإمارات الشاملة لمكافحة التطرف والإرهاب، التي تنطلق من إدراك عميق لأهمية العمل على تجفيف البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تغذي التطرف والعنف.
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز