الإمارات والبحرين.. شركاء التاريخ والسلام
علاقات تاريخية تتجاوز الجغرافيا والعلاقات الرسمية إلى روابط الدين والدم والشراكة في السلام في رؤى متناغمة توحد الماضي والمستقبل.
روابط راسخة تتعزز اليوم بزيارة أخوية يجريها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات، إلى البحرين.
زيارة أكد خلالها العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة على عمق العلاقات الأخوية التي تجمع مملكة البحرين مع دولة الإمارات الشقيقة وما تستند إليه من تاريخ ممتد بين البلدين والشعبين الشقيقين.
سند يأتي سيراً على نهج الآباء المؤسسين وما جمعهما من تاريخ من المحطات المضيئة والعلاقات الثنائية والمواقف المشتركة الثابتة التي وضعت اللبنات الأولى لهذا النهج الذي يحرص على الحفاظ عليه أبناء البلدين.
شركاء التاريخ والسلام
ترتبط دولة الإمارات مع مملكة البحرين بعلاقات تاريخية تمتد جذورها لعقود طويلة، ساعد في نموها وتطورها الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بين البلدين
وللعلاقات بين البلدين خصوصية نابعة من وشائج القربى والصلات الحميمة والعلاقات الأخوية المتميزة بين قياداتهما، علاوة على ما يجمع بين البلدين من روابط مشتركة، سواء في إطار مجلس التعاون الخليجي، أو في الإطارين العربي والإسلامي، ولذلك، لم يكن من المستغرب أن تدعم دولة الإمارات بكافة إمكاناتها السياسية والأمنية والاقتصادية البحرين في مختلف القضايا والتوجهات.
وتكتسب العلاقات أهمية كبيرة في ظل تمتع البلدين بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتبنيهما سياسة خارجية عقلانية ومتوازنة ومعتدلة.
توجه جعل البلدين من النماذج الرائدة على مستوى المنطقة في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنفيذ سياسات طموحة للإصلاح والتطوير والتحديث وتكريس دولة المؤسسات والقانون.
كما أن تطابق في الرؤى تجلى من خلال دعم مسيرة السلام في المنطقة، بعد توقيع البلدين اتفاقيات سلام تاريخية مع إسرائيل.
ومنذ المكالمة التاريخية التي جرت بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، في 13 أغسطس/آب الماضي، تتالت إعلانات السلام من قبل دول عربية اختارت كسر العداء، بما يضمن الحق الفلسطيني.
وبعد أن ترجمت أبوظبي إعلانها التاريخي على أرض الواقع بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول الماضي، وقعت المنامة في اليوم نفسه إعلان تأييد سلام مع تل أبيب، قبل أن تمضي قدما لتوقيع بيان تاريخي مشترك في 18 أكتوبر/تشرين الأول بشأن "إقامة علاقات دبلوماسية، إيذانا ببداية عهد جديد وواعد في العلاقات بين البلدين."
لجان واتفاقيات مشتركة
في 2000، بدأت العلاقات الإماراتية البحرينية تتخذ أبعاداً جديدة وآفاقاً رحبة على كافة المستويات، وذلك مع تشكيل اللجنة العليا المشتركة بينهما.
وشكلت اللجنة حافزا نحو إطلاق مشاريع ومبادرات في جميع المجالات الحيوية؛ حيث وقع البلدان خلال الاجتماع الأخير للجنة في دروته الثامنة يومي 29 و30 أكتوبر/تشرين الأول 2018، مجموعة من الاتفاقيات الثنائية أهمها تعاون ثقافي ثنائي بين مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة، للبدء في مشروع حضاري يستهدف ترميم بيتين أثريين في مدينة المحرق البحرينية.
وتفعيلا وتعزيزا للمصالح المشتركة؛ وقّع البلدان الشقيقان خلال السنوات الأخيرة العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات عدة، أبرزها استكشاف واستخدام الفضاء للأغراض السلمية، وبروتوكول تعاون في البحوث والتراث، ومذكرة تفاهم في مجالات الثقافة ودعم الشباب، ومذكرة تفاهم المؤهلات وضمان الجودة، ومذكرة تفاهم في المجال الزراعي والثروات المائية الحية.
كما وقّع البلدان اتفاقية دراسة تطوير مشاريع الطاقة المتجددة بين المجلس الأعلى للبيئة بمملكة البحرين، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" وغير ذلك من المجالات المتعددة للتعاون.
وتأتي المواقف السياسية للبلدين متطابقة دائما إزاء القضايا الإقليمية والدولية، حيث يحرص البلدان على دعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية استناداً إلى عضويتهما ودورهما الفاعل في مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات.
زيارات ومباحثات
تتجاوز العلاقات الإماراتية البحرينية الأطر الرسمية إلى العلاقات الاجتماعية الراسخة والممتدة، وذلك لكونها تستمد قوتها من الروابط الأسرية والتبادل الثقافي وعلاقات المصالح الاقتصادية، فيما تزداد اليوم تماسكا ورسوخا في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتعكس الزيارات المتبادلة والمباحثات المتواصلة بين قادة البلدين متانة العلاقات الثنائية، وحجم الحرص المتبادل بين الجانبين على التباحث وتبادل الرؤى وتنسيق الجهود.
ومن الزيارات المتبادلة البارزة، الزيارة التي أجراها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى الإمارات، نهاية 2020، للمشاركة في قمة ثلاثية مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني.
وركزت القمة على العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدان الثلاثة وسبل تنميتها وتوسيع آفاقها، بما يحقق مصالحها المتبادلة وتطلعات شعوبها إلى التنمية المستدامة والازدهار، إضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وجاءت الزيارة بعد أشهر من قيام عاهل البحرين بزيارة خاصة للإمارات في 2 فبراير/ شباط 2020، في خطوة أكدت من جديد أن العلاقات بين البلدين تتجاوز الأطر الرسمية إلى العلاقات الاجتماعية الراسخة والممتدة وحرص قادتهما على المضي بها إلى آفاق أرحب.
aXA6IDE4LjExNi41Mi40MyA= جزيرة ام اند امز