العالم يرحب برفع الإمارات من قائمة «فاتف» الرمادية.. التزام ونزاهة
ألقت تقارير إخبارية عالمية الضوء على قرار مجموعة العمل المالي «فاتف FATF» برفع دولة الإمارات من القائمة الرمادية.
إذ أحرزت دولة الإمارات تقدما كبيرا في مجال مكافحة غسل الأموال وفرض عقوبات على المؤسسات المالية التي لا تلتزم بمعايير الشفافية المالية.
ووصف تقرير لموقع "فاين تك" الخطوة بأنها "تطور مهم" تم الإبلاغ عنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين أصبحت الإمارات العربية المتحدة رسميا خارج "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي (FATF).
وتشمل هذه القائمة، المعروفة رسميًا باسم الولايات القضائية الخاضعة للمراقبة المتزايدة، البلدان التي تتعاون بنشاط مع مجموعة العمل المالي لمعالجة وتصحيح أوجه القصور في مكافحة غسل الأموال (AML)، وتمويل مكافحة الإرهاب (CTF)، وأطر تمويل مكافحة انتشار الأسلحة النووية.
ويشير التقرير إلى أن وجود دولة ما في القائمة الرمادية يدل على تفاني هذه الدولة في حل القضايا المحددة وموافقتها على الخضوع لتدقيق مكثف.
ما الذي يعنيه الخروج من "القائمة الرمادية"؟
وفقا لـ"فاين تلك"، فإن مجموعة العمل المالي، وهي هيئة حكومية دولية أنشئت لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، تستخدم عملية تقييم متبادل للتدقيق في مدى التزام الدول الأعضاء بتوصياتها.
وتعتبر هذه العملية حاسمة لتقييم وتعزيز الجهود العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهي تتضمن مراجعات شاملة، بما في ذلك تقارير التقييم الذاتي من قبل البلدان الخاضعة للتقييم، تليها زيارات ميدانية من قبل مقيمي مجموعة العمل المالي.
وتهدف هذه التقييمات إلى تحديد نقاط القوة والضعف والمجالات التي تحتاج إلى تحسين في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الدولة، مع احتمال أن يؤدي عدم الامتثال إلى زيادة المراقبة أو العقوبات.
ومنذ إدراجها في مارس/آذار 2022، اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات مهمة نحو تعزيز امتثالها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ أقر تقرير المتابعة المعزز الثالث الصادر عن مجموعة العمل المالي في يوليو/تموز 2023 بأن دولة الإمارات العربية المتحدة "ملتزمة إلى حد كبير" بأغلبية توصيات مجموعة العمل المالي.
وبعد 3 أشهر، سلط الاجتماع العام لمجموعة العمل المالي في أكتوبر/تشرين الأول 2023 الضوء على العديد من الإصلاحات المهمة التي نفذتها دولة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك تعزيز فهم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتحسين التدابير القائمة على المخاطر لمنع إساءة استخدام الكيانات القانونية، وزيادة قدرة الاستخبارات المالية، والتنفيذ الأكثر فعالية للعقوبات المالية المستهدفة .
وتؤكد هذه الجهود التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومعالجة مخاوف مجموعة العمل المالي بشكل شامل.
واعتبر التقرير أن خروج دولة الإمارات من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي سيعود بفوائد اقتصادية واعدة أوسع نطاقًا على ذلك البلد، حيث إن القائمة الرمادية تقوم أحيانا بردع الاستثمار الأجنبي، وتعقيد المعاملات الدولية، والتأثير على إمكانية الوصول إلى الائتمان، ما يشكل تحديات كبيرة للصحة الاقتصادية لأي منطقة.
أما رفع دولة الإمارات العربية المتحدة فيعكس التزامها بالحفاظ على النزاهة المالية وضمان الاستقرار الاقتصادي على الساحة العالمية، ما يؤكد الطبيعة الحاسمة لجهود الإصلاح والامتثال المستمرة.
نجاحات متواصلة
من جهته، أشار تقرير نشرته فايننشال تايمز إلى قرار مجموعة العمل المالي برفع الإمارات من القائمة الرمادية.
وقالت فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، إن الإمارات، المركز المالي الرائد في الخليج، أدخلت "بشكل كبير" إجراءات الامتثال اللازمة لإزالتها من قائمة الهيئة المتعددة الأطراف للدول الخاضعة للمراقبة المعززة.
وأضافت أن الإمارات حققت تقدما في مجالات مثل تسهيل التحقيقات في جرائم غسل الأموال، وفرض عقوبات على عدم امتثال المؤسسات المالية، وزيادة الملاحقات القضائية.
وقال تقرير نشره موقع "بي إن إن"، إن رفع الإمارات من القائمة الرمادية يعكس التزامها بمكافحة الجرائم المالية. وأشار التقرير إلى تعزيز الرقابة المالية وفرض الغرامات باعتبارها من الاستراتيجيات الرئيسية التي حظيت باعتراف عالمي.
وأضاف التقرير أن تلك الخطوة يمكن أن تعيد تشكيل العلاقات المالية الدولية، معتبرا أن الرفع من القائمة هو لحظة محورية بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأشار إلى أن دولة الإمارات أظهرت التزامًا متزايدًا بمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، ما أكسبها الأوسمة من المقيمين الماليين العالميين ووضعها في موضع للإزالة من القائمة، ما يدل على المراقبة الدقيقة بسبب المخاوف بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
إجراءات مشددة
وأشار تقرير "بي إن إن" إلى أن رحلة دولة الإمارات العربية المتحدة نحو الرفع اتسمت بإجراءات حاسمة وإصلاحات استراتيجية.
ومن أجل تعزيز الرقابة المالية، عززت دولة الإمارات تدقيقها في تحويلات الأموال وفرضت غرامات كبيرة لمكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
وفي الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2023 فقط، فرضت الحكومة غرامات تجاوزت 250 مليون درهم، في إشارة واضحة إلى موقفها الصارم ضد المخالفات.
وقد سلطت الاعتقالات البارزة الضوء على تصميم دولة الإمارات العربية المتحدة، وأظهرت جهودها لتفكيك الشبكات والأفراد المتورطين في الجرائم المالية.
ماذا بعد؟
وسلط تقرير نشره موقع "إنك باك" الإخباري الضوء على المنافع المترتبة للإمارات على الصعيدين الاقتصادي والمالي جراء هذه الخطوة.
وذكر التقرير أنه من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحسين بيئة الاستثمار، وتشجيع المستثمرين على اكتساب المزيد من الثقة واستثمار المزيد من الأموال في الصناديق المدارة في البلاد.
وأضاف أن الرفع يعد مؤشرًا على التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتطبيق النزاهة المالية والحفاظ على الاستقرار المالي العالمي ويظهر أهمية الإصلاح والامتثال المستمرين.
وفيما يتعلق بمديري الأصول والصناديق في دولة الإمارات العربية المتحدة، ستصبح البيئة الضريبية أكثر استقرارًا بعد إزالة دولة الإمارات من القائمة الرمادية.
وينظر المستثمرون إلى هذا التطور باعتباره إشارة إيجابية؛ وبالتالي، قد يتم تعزيز سمعتهم وزيادة فرص العمل.
ويفضل المستثمرون البلدان التي تتمتع بأطر تنظيمية قوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد يؤدي رفع الإمارات العربية المتحدة من القائمة الرمادية إلى زيادة الثقة في نظامها المالي، وبالتالي جذب المزيد من تدفقات رأس المال والشركات.
والفائدة الثانية هي أن الرفع يزيل القيود ومتطلبات الامتثال للاستثمار في الدولة المدرجة في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، وبالتالي، فإن الرفع يمنح مديري الأصول والصناديق فرصًا جديدة في السوق.
وهذا يمكن أن يخلق المزيد من الوصول إلى الأسواق ويجذب المجموعات المالية الدولية لبدء أو تطوير عملياتها في دولة الإمارات العربية المتحدة.
علاوة على ذلك، فإن معرفة البلاد القوية بمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقدرات الاستخبارات المالية المعززة، كلها عوامل تضمن الامتثال للمعايير الدولية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن قدرة دولة الإمارات العربية المتحدة على المساعدة في الكشف عن حالات غسل الأموال، وإنفاذ العقوبات المالية ومقاضاة حالات عدم الامتثال تظهر تصميمها على التعامل مع نقاط الضعف المحددة وتحسين إطارها التنظيمي المالي.