الإمارات وقمة العشرين.. دبلوماسية السلام تعزز جهود التنمية
تجسد مشاركة دولة الإمارات في قمة مجموعة العشرين كدولة ضيف للعام الثاني على التوالي تعاظم مكانتها الإقليمية والدولية وثقة العالم في سياساتها.
ثقل دولي ومكانة بارزة اكتسبتها دولة الإمارات، نتيجة سياساتها الاقتصادية والتنموية الناجحة وجهودها البارزة لدعم الأمن والاستقرار الدوليين ونشر السلام في العالم.
ورغم أن القضايا الاقتصادية والمالية تهيمن على أجندة قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها العاصمة الهندية نيودلهي تحت شعار "أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد" يومي التاسع والعاشر من سبتمبر/أيلول الجاري، إلا أن القضايا السياسية وعلى رأسها السلام والاستقرار تتصدر أولويات الأجندة.
وتخيم الحرب الروسية الأوكرانية على مباحثات القمة للعام الثاني على التوالي، في ظل استمرارها دون وجود أفق واضح لانتهائها، وتواصل تداعيات السياسية والاقتصادية والإنسانية على العالم.
وتعد مشاركة دولة الإمارات في القمة والمباحثات الثنائية التي يتم عقدها مع الدول الكبرى في العالم على هامش تلك القمة فرصة لإبراز الدور المحوري لدولة الإمارات في نشر السلام، والدفع قدما باستراتيجيتها الداعية لتغليب لغة الحوار والدبلوماسية لحل الأزمات الدولية، التي تعرقل جهود التنمية.
أهمية خاصة
وتحمل مشاركة الإمارات في قمة العشرين هذا العام أهمية خاصة لأكثر من سبب من أبرزها ما يلي:
- تشارك دولة الإمارات في القمة بصفتها دولة ضيفا للعام الثاني على التوالي، وللمرة الثالثة منذ عام 2020، الأمر الذي يبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات الإقليمية والدولية، وتزايد ثقة العالم وتقديره لجهودها باعتبارها أحد الشركاء الفاعلين على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وكانت دولة الإمارات قد تلقت دعوة من الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين للمشاركة بصفة ضيف في أعمال قمة المجموعة للعام 2023، وذلك للمرة الثانية على التوالي بعد تلقي دعوة مماثلة من الرئاسة الإندونيسية للمجموعة للعام 2022.
كما سبق أن شاركت دولة الإمارات في أعمال وقمة مجموعة العشرين للأعوام 2020 تحت الرئاسة السعودية و2011 تحت الرئاسة الفرنسية.
دعوة الإمارات كضيف يترتب عليها الاستعانة بها للاستفادة من وجهات نظرها ورؤاها في المباحثات والمسارات التي يتم مناقشتها في مختلف اجتماعات مجموعة العشرين.
وتتألف مجموعة العشرين من معظم الدول الاقتصادية الكبرى في العالم التي تمثل 85% من الناتج المحلي الإجمالي و75% من التجارة العالمية، وتضم 19 دولة صناعية كبرى، إضافة إلى مقعد الاتحاد الأوروبي وبمشاركة مجموعة من المنظمات الدولية.
وركَّزت مجموعة العشرين في بداية تأسيسها على المواضيع المتعلقة بالقضايا المالية والاقتصادية، ثم توسعت لتشمل قضايا أخرى ذات أهمية عالمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمسائل الاقتصادية مثل التكنولوجيا الرقمية وسياسات التنمية وتغير المناخ ومكافحة الإرهاب وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام الواسع.
- تعد المباحثات الثنائية التي تعقدها الإمارات على هامش القمة فرصة لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة مختلف التحديات، وإبراز الدور المحوري للدبلوماسية الإماراتية في تعزيز الأمن ونشر السلام.
وقد جسدت الدبلوماسية الإماراتية على مدار 5 عقود نموذجا يحتذى به في تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في مختلف أرجاء المنطقة والعالم.
وتسير دولة الإمارات على مبدأ تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في مختلف أرجاء المنطقة والعالم منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1971.
واتخذت دولة الإمارات من هذا المبدأ بعداً أساسياً في سياستها الخارجية، وهو المبدأ الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير على خطاه القيادة الحكيمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
- أيضا تعقد قمة العشرين مع استمرار عضوية الإمارات في مجلس الأمن الدولي على مدار عامي 2022-2023، الذي يعتبر أعلى هيئة دولية معنية بصون الأمن والسلم الدوليين، في وقت تواصل فيه دولة الإمارات جهودها كشريك بنّاء في المجتمع الدولي للتعامل مع التحديات الراهنة مثل الحفاظ على السلام، وتعزيز التسامح، والتغير المناخي، بما يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
على سبيل المثال لا الحصر، تقوم دولة الإمارات بجهود بارزة للبحث عن حل للأزمة الأوكرانية التي تتصدر الأجندة السياسية للقمة.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات نهج دولة الإمارات الثابت في دعم السلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية والحلول السياسية للنزاعات والصراعات، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية من خلال خفض التصعيد والحوار والدبلوماسية.
وأكد استعداد بلاده القيام بأي دور لحل الأزمة الأوكرانية وتخفيف تداعياتها الإنسانية، وشدد على أن "دولة الإمارات دائما ستكون موجودة"، لتهدئة الوضع ودعم الاستقرار في تلك الأزمة.
ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، يقود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وعلى أكثر من صعيد، جهودا للدفع بحل سلمي ينهي الأزمة، آخرها زيارته لروسيا يونيو/حزيران الماضي، بعد أقل من عام من زيارته لها في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في زيارتين التقى خلالهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتصدرت أجندة المباحثات الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى إجرائه مباحثات هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة، وترحيب الزعيمين بوساطة دولة الإمارات لإنهاء الأزمة.
وأثمرت تلك الجهود خطوة مهمة بنجاح وساطة دولة الإمارات لتبادل الأسرى بين البلدين قبل 5 أشهر.
ونجحت وساطة إماراتية في فبراير/شباط الماضي في إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، تم بموجبها عودة 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية والسياسية المتواصلة لحل الأزمة، تنشط أيضا الجهود الإنسانية لدولة الإمارات للتخفيف من وطأتها، عبر تسيير جسر جوي إنساني لدعم اللاجئين الأوكرانيين والمتضررين من الأزمة.
تصفير الأزمات
- أيضا تعقد القمة، في وقت يواصل فيه العالم حصد ثمار جهود دولة الإمارات الرائدة لتصفير الأزمات بالمنطقة وبناء جسور التعاون مع مختلف الدول.
وأثمرت دبلوماسية دولة الإمارات الحكيمة عن عودة العلاقات مع تركيا (إحدى دول مجموعة العشرين) إلى مسارها الطبيعي، بعد الزيارة التاريخية التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وكانت بمثابة محطة تاريخية ونقلة مهمة في مسار العلاقات بين البلدين، بعد فترة فتور، قبل أن تعود إلى مسارها الطبيعي أيضا بين السعودية وتركيا.
وتشهد علاقات مصر وتركيا حاليا نقلة نوعية، توجت بإعلان البلدين 4 يوليو/تموز الماضي رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء، في خطوة تنهي 10 أعوام من القطيعة.
أيضا أثمرت دبلوماسية بناء الجسور الإماراتية الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، عن تقدم ملموس على طريق العلاقات بين دولة الإمارات وإيران، بإعادة سفير دولة الإمارات إليها أغسطس/آب 2022 بعد 7 سنوات من سحبه.
ومؤخرا، بدأت السعودية (عضو مجموعة العشرين) وإيران فتح صفحة جديدة في العلاقات، توجت باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بموجب اتفاق توصل له البلدان، برعاية صينية، 10 مارس/آذار الماضي، بعد قطيعة دبلوماسية استمرت 7 سنوات.
وتوج ذلك التقارب، بوصول عبدالله بن سعود العنزي أول سفير سعودي لدى إيران منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية لمباشرة مهاهم عمله 5 سبتمبر/ إيلول الجاري.
ومنتصف الشهر الماضي، بدأ السفير الإيراني لدى السعودية، علي رضا عنايتي، عمله في الرياض، ما يتمم عملية تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
تقدير دولي
- أيضا تعقد قمة العشرين فيما يتزايد التقدير الدولي لجهود دولة الإمارات في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
وقبل شهر، تلقت دولة الإمارات شكرا من بنغلاديش على دورها في الإفراج عن موظفين أمميين مختطفين باليمن.
إنجازات تتوالى لترسخ مكانة دولة الإمارات كلاعب أساسي وشريك مهم في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك انطلاقا من رسالتها الحضارية وإرثها التاريخي الراسخ الذي يقوم على التعاون والعمل الإنساني الذي يحقق الاستقرار والأمان للشعوب سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
إنجازات دبلوماسية وإنسانية تتزايد وشهادات دولية تتوالى تبرز التقدير العالمي لمكانة دولة الإمارات والثقة الدولية المتزايدة في سياستها الخارجية ودبلوماسيتها الإنسانية وإعلامها وثقافتها وتراثها وقيمها ومبادئها، التي باتت مصدر إلهام وقوة تأثير ونموذجا يقتدى به ويتطلع مئات الملايين حول العالم أن تحذو بلادهم حذوها.
aXA6IDMuMjMuOTIuNjQg جزيرة ام اند امز