محمد بن زايد في روسيا.. زيارة «محورية» تعزز العلاقات الثنائية

تحتضن موسكو، الخميس، محطة جديدة من محطات العلاقات المتنامية بين الإمارات وروسيا، مع بدء زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لتعزز متانة الشراكة الثنائية وتنوع مجالات التعاون.
ووفق محللين، في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، فإن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تجسّد حرص البلدين على ترسيخ الحوار البنّاء وتوسيع آفاق التنسيق في قضايا إقليمية ودولية ذات أولوية بينها مكافحة الإرهاب، وتغير المناخ، وتعزيز السلم والاستقرار العالمي.
كما تعكس الزيارة حرص البلدين على ترسيخ مفاهيم التعددية، وتعزيز النظام الدولي القائم على الاحترام المتبادل لسيادة الدول، والعمل المشترك من أجل حلول سلمية للأزمات الإقليمية والعالمية.
وتستهدف الزيارة متابعة أجندة عمل مشتركة تم الاتفاق عليها مسبقاً حيث تعد القمة الإماراتية الروسية الثانية خلال أقل من عام بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس فلاديمير بوتين.
شراكة استراتيجية
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، عبد العزيز سلطان المعمري، أن العلاقات الإماراتية الروسية قائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل "وقد نجحت القيادة الإماراتية في بناء علاقات شراكة استراتيجية مع روسيا، تشمل كافة ومختلف المجالات، ومن يراقب السياسة الخارجية الإماراتية خلال العقدين الماضيين، يدرك أنها لم تبنِ علاقاتها على العواطف أو الانفعالات، بل على رؤية واضحة تميزت بتنويع الشراكات، وتعزيز الاستقلالية".ََ
وأضاف المعمري لـ«العين الإخبارية» أن "دولة الإمارات تتحرك كقوة دبلوماسية عقلانية، تحترم مبادئ الحياد الإيجابي، دون أن تنغلق على المحاور أو تخضع لمنطق الاستقطاب. فالزيارة تمثل رسالة مباشرة بأن دولة الإمارات ليست فقط على مسافة واحدة من الجميع، بل إنها قادرة على الحديث مع الجميع بثقة ومصداقية".
ولفت إلى أن هذه الزيارة تأتي امتدادا للعلاقات الثنائية المتينة بين البلدين التي تمتد إلى أكثر من خمسة عقود تميزت بأنها علاقات استراتيجية قوية وراسخة، وتطورات في كافة المجالات السياسية والاقتصادية واللوجستية والزراعية والنقل والطاقة وغيرها.
وتابع: "الزيارة تؤكد على مضي دولة الإمارات في ترسيخ مكانتها كدولة مؤثرة وفاعلة تحترم الجميع وتتعاون مع الجميع. حيث إننا نجدها حاضرة برؤيتها الهادئة، ومواقفها المتزنة، وأدوارها الفاعلة في الوساطة والتهدئة، بما في ذلك الوساطة في ملفات إنسانية بين موسكو وكييف".
وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى روسيا بعد نحو 3 أشهر من نجاح وساطة إماراتية جديدة لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، تُعد الخامسة خلال العام الجاري.
وتوجت جهود الإمارات في تلك الأزمة، بنجاحها في إبرام 15 وساطة لتبادل الأسرى منذ مطلع عام 2024 تم بموجبها إطلاق 4132 أسيرا، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
وساطات تعبر عن الثقة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى روسيا وأوكرانيا، و تقدير البلدين لدور دولة الإمارات في دعم المسار الدبلوماسي لحل الأزمة بين البلدين.
علاقات متوازنة وإيجابية
وقال ديميتري بريجع، الباحث السياسي، ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن زيارة رئيس الإمارات إلى روسيا "تجسد دور الإمارات المتصاعد في نظامٍ عالمي يتجه نحو التعددية".
وأضاف ديميتري بريجع، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" أن︎ الزيارة تبرز قدرة الإمارات على بناء علاقات متوازنة وإيجابية مع مختلف الأطراف الدولية، في إطار التزامها الثابت بثوابتها السيادية، ففي ظل التوترات الحالية بين روسيا والغرب، وتذبذب العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، تقف الإمارات في موقع مميز كدولة لها علاقات متينة بموسكو، وتحظى باحترام العواصم الغربية، ويتم أخذ مواقفها بعين الاعتبار في المحافل الدولية كافة".
ومن هذا المنطلق، تجسد الزيارة، وفقا لديميتري بريجع، قدرة الإمارات على فتح قنوات للحوار والتهدئة، والمساهمة في تشكيل مسار الحوار الدولي، وبناء جسور التواصل والتفاهم بين الشعوب والدول.
وخلص إلى أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى روسيا محورية وترجمة حقيقية لسياسة إماراتية ثابتة، تقوم على تنويع التحالفات، واقتناص الفرص، وبناء الجسور، وتحمل في مضمونها توجهًا جديدًا في العلاقات الدولية، عنوانه السيادة، التوازن، والحكمة، وهو أساس العالم الجديد، متعدد الأقطاب.
دعم الاستقرار العالمي
كما أكد الخبير الروسي في الشؤون الدولية، ومستشار قطاع الأعمال والعلاقات الدولية تيمور دويدار، أن العلاقات بين الإمارات وروسيا علاقات راسخة ومبنية على مبادئ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون في مجالات واسعة.
وأكد دويدار في حديث خاص من موسكو لـ"العين الإخبارية"، أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ستدعم الخطوات الإيجابية والتوافق بين الدولتين وخاصة في قضايا الطاقة والأمن في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وتجسد الزيارة أيضا سياسة دولة الإمارات الخارجية القائمة على التوازن والانفتاح، وتغليب الحلول الدبلوماسية والحوار في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية.
ومن جانبه، رأى المحلل السياسي والباحث في مركز "تحليل السياسات" في إسطنبول، محمود علوش، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن العلاقات الإماراتية الروسية شهدت خطوات متقدمة ومتنامية في السنوات الأخيرة، وزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى موسكو تعزز هذا المسار الجديد في العلاقات بين البلدين.
وأكد أن زيارة رئيس دولة الإمارات، تكتسب أهمية كبيرة، وستعطي زخما إضافيا للعلاقات الروسية الإماراتية، مشيرا إلى أن التنسيق الإماراتي الروسي في القضايا الإقليمية والدولية ستكون له نتائج وانعكاسات مهمة على التهدئة وحل أزمات المنطقة.
وتدعم الإمارات الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات، انطلاقاً من التزامها الأخلاقي والإنساني بدعم الاستقرار العالمي.
ووصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، اليوم الخميس، إلى روسيا في زيارة رسمية.
ويبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال الزيارة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مختلف جوانب الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين وسبل تعزيزها، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة وغيرها من المجالات التي تخدم التنمية المشتركة، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وتعد هذه رابع زيارة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا منذ توليه مقاليد الحكم مايو/أيار 2022.
وبتلك القمة، يرتفع عدد القمم التي جمعت الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا عام 2012 (الفترة الرئاسية الثالثة)، إلى 14 قمة، بحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية"، بينها 5 قمم منذ تولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مقاليد الحكم، الأمر الذي يبرز قوة العلاقات بين البلدين.