الإمارات بمجلس الأمن.. دعوة فورية لوقف حرب السودان ودعم قوي لمسار دائم للسلام
أكدت دولة الإمارات، الثلاثاء، على موقفها الثابت الداعم لإنهاء الحرب في السودان والانطلاق نحو انتقال مدني حقيقي، مشددة على رفضها القاطع للمزاعم التي تروج لها بعض الأطراف ضدها.
وفي هذا السياق، أكد السفير محمد أبو شهاب، مندوب دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، في كلمته خلال الجلسة الخاصة بالسودان مجلس الأمن، على اتفاق بلاده مع ما دعا إليه نائب المندوب الأمريكي مجلس الأمن، كاميرون هدسون، بشأن ضرورة انتقال السودان نحو حكومة مدنية حرة ومستقلة وبعيدة عن سيطرة القوى المتطرفة.
تفنيد المزاعم بشأن الإمارات
لكنه أعرب في الوقت نفسه عن «أسفه لاستغلال هذه المناسبة الأممية لتأكيد أو نشر مزاعم كاذبة ضد دولة الإمارات»، وشدد على «رفض دولة الإمارات التام لهذه الادعاءات».
وأشار إلى أن القتال لا يزال مستمرًا بلا هوادة في مختلف أنحاء السودان، رغم الدعوات المتكررة من الرباعية الدولية وأطراف أخرى لتأمين هدنة إنسانية من شأنها أن تمهد الطريق لهدنة تتيح إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى داخل السودان وفي جميع أرجائه، إلا أن الأطراف المتحاربة، بحسب ما أكد، تواصل اختيار التصعيد العسكري وانتهاك القانون الدولي.
هجمات تتجاوز الخطوط الحمراء
وأوضح أن النزاع تجاوز خلال الشهر الجاري خطًا أحمر جديدًا مع وقوع هجوم مباشر استهدف الأمم المتحدة، حيث أدانت دولة الإمارات بشكل قاطع الهجوم البشع بطائرات مسيرة على قاعدة لوجيستية لبعثة «يونيسفا» في كادوقلي، والذي أسفر عن الموت المأساوي لعدد من حفظة السلام الأمميين، معتبرة أن هذا الهجوم يمثل تصعيدًا خطيرًا يستوجب محاسبة الجناة وكل المسؤولين عنه.
وأكد مندوب دولة الإمارات أن هذا الهجوم لا يُعد حادثًا معزولًا أو واقعة فردية، بل يعكس نمطًا أوسع وأكثر خطورة من الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المتحاربة، والتي شملت فظائع بحق المدنيين في مناطق عدة، من بينها الفاشر وكردفان والجزيرة، إلى جانب الإعلان عن طرد موظفين أمميين واعتبارهم أشخاصًا غير مرغوب فيهم، بدءًا من الممثل الخاص السابق للأمين العام وصولًا إلى مسؤولين كبار في برنامج الأغذية العالمي، وذلك في ذروة المجاعة.
وأضاف أن هذه الانتهاكات تضمنت أيضًا عرقلة وتسييس وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام التجويع كسلاح حرب، فضلًا عن توجيه تهديدات مباشرة للوسطاء الذين يعملون على تيسير هدنة إنسانية، مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال تقوض بشكل مباشر جهود الوساطة الدولية وتضعف قدرة الأمم المتحدة على حماية المدنيين وإيصال المساعدات المنقذة للحياة.
وفي خضم ضباب الحرب، شدد مندوب دولة الإمارات على وجود حقيقة لا يمكن إنكارها، وهي أن طرفي النزاع ارتكبا جرائم حرب، مؤكدًا أن الأدلة على الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع وحلفاؤها، وكذلك القوات المسلحة السودانية والمجموعات الإسلامية المتحالفة معها، آخذة في التزايد، بما في ذلك التقارير الأخيرة التي تحدثت عن فظائع ممنهجة بدوافع إثنية، في إشارة إلى ما جرى في ولاية الجزيرة.
رسالة تحذير من شبكات التطرف والإرهاب
وحذر من أن المجتمع الدولي لا يجب أن يقف مكتوف الأيدي بينما تستمر الحرب الأهلية، إذ إن استمرار النزاع يخلق فراغًا خطيرًا يسمح لشبكات التطرف والإرهاب بإعادة تجميع صفوفها، وتمويل نفسها، وتجنيد عناصر جديدة، وهو ما قد يؤدي إلى توسع رقعة النزاع لتشمل دول الجوار والمنطقة بأكملها، كما ورد في البيان المشترك للرباعية الدولية الصادر في 12 سبتمبر/أيلول، والذي أكد أن مستقبل السودان لا يمكن أن تمليه مجموعات متطرفة عنيفة، بما في ذلك تلك المرتبطة بجماعة الإخوان، ذات الأثر المزعزع للاستقرار، والتي أسهمت في تأجيج العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
وأكد مندوب دولة الإمارات ضرورة الوضوح بأن أي مسار سياسي مقبل يجب أن يحرم هذه الجماعات المتطرفة من الفضاء والموارد والشرعية، وأن يستند إلى انتقال مدني حقيقي تقوده حكومة مدنية مستقلة لا تخضع لأي من طرفي النزاع.
وأشار إلى أن من الدلائل الواضحة على استمرار استخدام العنف لإسكات الدعوات المطالبة بالحكم المدني ما وقع أثناء إحياء ذكرى ثورة ديسمبر/كانون الأول، التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير والحركة الإسلامية السياسية من السلطة.
وشدد على أن حكومة مستقلة بقيادة مدنية فقط هي القادرة على معالجة الأسباب الجذرية لهذا النزاع، ومنع السودان من الانحدار مجددًا أو البقاء عالقًا في دوامات متكررة من الحكم العسكري وعدم الاستقرار.
خارطة طريق للسلام
وأوضح أن الفرصة ما تزال قائمة وواضحة للتحرك لصالح الشعب السوداني، من خلال تنفيذ الهدنة الإنسانية التي دعت إليها الولايات المتحدة والرباعية الدولية، مشيرًا إلى أن دروس التاريخ أثبتت أن الجهود الأحادية من أي طرف من أطراف النزاع ليست مستدامة، ولن تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب.
وأكد أن الأولوية العاجلة تتمثل في إقرار هدنة إنسانية تتيح وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق في جميع أنحاء السودان، على أن تفضي مباشرة إلى وقف دائم لإطلاق النار ومسار سياسي يقود إلى حكم مدني مستقل ومنفصل عن الأطراف المتحاربة.
واعتبر أن عملية الرباعية الدولية، التي تقودها الولايات المتحدة، تظل الإطار الأكثر قدرة على تحقيق هذه الأهداف، داعيًا المجتمع الدولي إلى توحيد جهوده للضغط على طرفي النزاع للقبول بالهدنة، ومؤكدًا أنه في حال رفض الطرفين، يجب أن يكون مجلس الأمن مستعدًا للتحرك واستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك فرض حظر شامل على الأسلحة في جميع أنحاء السودان، لوقف تدفق السلاح عبر الحدود والذي يسهم في تأجيج الحرب.
واختتم مندوب دولة الإمارات بالتأكيد على أن التزام دولة الإمارات تجاه الشعب السوداني التزام راسخ وطويل الأمد، وأن بلاده ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل تأمين وقف فوري لإطلاق النار، ودعم مسار موثوق يقود إلى سلام دائم في السودان.