الإمارات وسلطنة عُمان.. شراكة متجذرة ونمو فاق التوقعات
تضرب العلاقات الإماراتية العُمانية بجذورها في أعماق التاريخ؛ حيث يرتبط البلدان بأواصر عميقة.
وترتكز العلاقات على التعاون والتفاهم والإرادة المشتركة نحو التنمية والازدهار وتحقيق مستقبل مشرق للأجيال القادمة في البلدين.
وتتطلع دولة الإمارات وسلطنة عمان إلى تعزيز مسارات التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين المتبادلة ويلبي آمال وطموحات شعبيهما الشقيقين.
عمق ومتانة الشراكة الاقتصادية
تشهد العلاقات الأخوية والشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان تطورًا ورسوخًا في ظل دعم ورعاية القيادتين الحكيمتين، وحرصهما على تعزيز التعاون والعمل المشترك ودفعه إلى آفاق أرحب بما يعزز المصالح المشتركة لكلا البلدين ويعود بالنفع على الشعبين الشقيقين وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
كما تتميز العلاقات بين البلدين الشقيقين بميزات تضعها في مرتبة العلاقات الخاصة والمتميزة على مختلف المستويات، إضافة إلى الشراكات الاقتصادية والتجارية بينهما المبنية على التعاون البنّاء والاستثمار وتبادل المعارف والخبرات في شتى المجالات.
وتكتسب زيارة "دولة" يقوم بها السُّلطان هيثم بن طارق، الإثنين 22 أبريل/نيسان 2024، إلى دولة الإمارات ولقاؤه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أهميةً كبيرة للدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التقدم والرفاهية للشعبين الشقيقين في جميع المجالات وتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة بينهما، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن التطورات الإقليمية والدولية.
وتعمل الدولتان على تعزيز التعاون الفعّال بينهما على مبدأ المصلحة المتبادلة والمشتركة في مختلف المجالات، وتسعى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي تم تأسيسها في عام 1991 إلى تعزيز سبُل التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية والعمل على ربط شبكات الكهرباء، والاتصالات، وتنسيق خدمات النقل البري وإجراءات الانتقال بين الدولتين عبر مختلف المنافذ الحدودية، إلى جانب تعزيز فرص ومجالات الاستثمار المشترك، بما يعود بالخير على الشعبين الإماراتي والعُماني في الحاضر والمستقبل.
وقال الدكتور أحمد بن هلال البوسعيدي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى دولة الإمارات العربية المتحدة: إن زيارة السُّلطان هيثم بن طارق إلى دولة الإمارات ستنعكس إيجابًا على تسريع خُطى التعاون والتكامل والشراكة بين البلدين الشقيقين وتطويرها، مشيرًا إلى أن الزيارات المتبادلة لقيادتي البلدين توّجت خلال الفترة الماضية بالتوقيع على 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات مختلفة.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشهد أيضًا تطورًا استراتيجيًّا في ظل حرص القيادتين على تعزيز العلاقات الثنائية في كل المجالات وفي مقدمتها المجال الاقتصادي، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التعاون الاستثماري المشترك بما يسهم في ترسيخ وتنمية الشراكة الاقتصادية القائمة بين البلدين.
وأشار إلى أن أهم القطاعات الاستثمارية العُمانية في دولة الإمارات تشمل الأنشطة المالية والتأمين والصناعات التحويلية والأنشطة العقارية والمهنية والتقنية وتجارة الجملة والتجزئة والمعلومات والاتصالات، فيما شملت قائمة أهم القطاعات الاستثمارية الإماراتية في سلطنة عُمان القطاعات الصناعية والمالية والمصرفية والسياحية وتوليد الطاقة والأنشطة العقارية وتجارة التجزئة والإنشاءات.
تبادل تجاري واستثماري زخم
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عُمان، حيث تعكس مؤشرات النمو المستمر في حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين خلال السنوات الماضية عمق ومتانة الشراكة الاقتصادية القائمة بينهما وآفاقها الواعدة، مبيّنًا أن الصادرات العُمانية إلى دولة الإمارات خلال عام 2023 تجاوزت مليار ريال عُماني (ما يعادل نحو 2.610 مليار دولار، و9.579 مليار درهم إماراتي) مسجلة بذلك زيادة بنسبة 20.4% مقارنة بعام 2022.
وأكد على أن سفارة سلطنة عُمان بدولة الإمارات العربية المتحدة تعمل جاهدة على تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين من خلال التواصل المستمر مع الجهات الحكومية ذات العلاقة وغرف التجارة والصناعة والمستثمرين بدولة الإمارات العربية المتحدة وحثهم على اغتنام فرص الاستثمار في سلطنة عُمان وتسهيل الإجراءات الممكنة لهم، إضافة إلى تنفيذ مذكرات التفاهم الموقّعة بين البلدين والمتعلقة بالتعاون الثقافي والتعليمي والعلمي.
وتوضّح الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بسلطنة عُمان أن حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان بنهاية عام 2023 بلغ نحو 5 مليارات و439 مليونًا و152 ألفًا و530 ريالًا عُمانيًّا (ما يعادل: 14.197 مليار دولار أمريكي، و52.1 مليار درهم إماراتي)، مقارنة بـ5 مليارات و571 مليونًا و645 ألفًا و346 ريالًا عُمانيًّا بنهاية عام 2022 (ما يعادل: 14.542 مليار دولار أمريكي، و53.4 مليار درهم إماراتي).
وأظهرت أن قيمة المنتجات العُمانية المصدرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بنهاية العام الماضي بلغت أكثر من 291.7 مليون ريال عُماني (ما يعادل: 761.337 مليون دولار أمريكي، و2.794 مليار درهم إماراتي) تتمثل في منتجات معدنية ومنتجات الصناعات الكيماوية والصناعات المرتبطة بها وغيرها من المنتجات والسلع الأخرى، في حين بلغت قيمة المنتجات المستوردة من دولة الإمارات إلى سلطنة عُمان أكثر من 837.7 مليون ريال عُماني (ما يعادل: 2.186 مليار دولار أمريكي، و8.024 مليار درهم إماراتي) وتتمثل في الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وغيرها من المنتجات.
وبيّنت الإحصاءات أن دولة الإمارات العربية المتحدة تصدرت الدول المستقطبة للاستثمارات العُمانية المباشرة بالخارج بما قيمته 960 مليون ريال عُماني حتى نهاية عام 2022 (ما يعادل: 2.506 مليار دولار أمريكي، و9.196 مليار درهم إماراتي)، فيما بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية المباشرة في سلطنة عُمان حتى نهاية العام الماضي نحو 958.6 مليون ريال عُماني (ما يعادل: 2.502 مليار دولار أمريكي، و9.182 مليار درهم إماراتي).
وتشكّل سلطنة عُمان أحد أهم الأسواق للتجارة الإماراتية؛ إذ تأتي في المرتبة الثالثة عربيًّا والعاشرة عالميًّا ضمن قائمة الشركاء التجاريين لدولة الإمارات وتستحوذ على 20% من إجمالي تجارة الإمارات، نظرًا لسهولة نقل البضائع وانسيابية انتقال المنتجات الوطنية وحريتها بين البلدين عبر المنافذ البرية.
ويقوم القطاعان الخاصان في البلدين الشقيقين بدور حيوي في التنمية الاقتصادية ويُعوّل عليهما في تحقيق توجهات التنويع الاقتصادي، وهو ما تعمل عليه سلطنة عُمان من خلال إيجاد ممكنات وعناصر قوة لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية خاصة في القطاعات الهادفة للتنويع الاقتصادي وتتمثل في الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والتعدين والسياحة والثروة السمكية.
ومن جانبه، قال فيصل بن عبد الله الروّاس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان: إن العلاقات الاقتصادية العُمانية الإماراتية في نمو مطرد مستندةً إلى القواسم المشتركة بين البلدين والتآخي الذي يجمع الشعبين الشقيقين ويمثل قاعدة صلبة ومنطلقًا نحو تطوير وتعزيز العلاقات التي تتجسد في شراكات تكاملية تعمل على تمكين أصحاب الأعمال في البلدين من تأسيس المزيد من المشروعات الناجحة.
وأشاد في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية بمستوى حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، مبيّنًا أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عُمان من خلال الاستثمار المباشر في عدد من القطاعات تشمل الصناعات التحويلية والأنشطة العقارية والإيجارية وأنشطة المشروعات التجارية والإنشاءات والوساطة المالية والنقل والتخزين والفنادق وغيرها، كما أنها تأتي في المرتبة الأولى بصفتها وجهة للاستثمارات العُمانية المباشرة إلى الخارج.
وأضاف: إن البلدين يمتلكان آفاقًا واسعة لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، حيث تشكل سلطنة عُمان بوابة رئيسة لعبور الصادرات الإماراتية لما تتمتع به من موقع استراتيجي مطل على بحار مفتوحة وقريب من خطوط الملاحة العالمية المدعومة بشبكة من الطرق الحديثة تربط بين الموانئ والمنافذ البرية؛ ما يتيح انسيابية للسلع والخدمات، موضحًا أن بيئة الأعمال التنافسية بسلطنة عُمان معززة للنمو والتنويع الاقتصادي وممكنة للقطاع الخاص ما يشكل عامل جذب للمستثمرين وأصحاب الأعمال.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز