تتويج تشارلز في عيون البريطانيين.. اهتمام أم تجاهل؟
مع دقات العد التنازلي لبدء مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، انقسم البريطانيون ما بين سعيد بالمراسم التاريخية وناقم عليها أو غير مهتم.
وفيما بدأ العشرات من عشاق العائلة المالكة البريطانية المكوث بوسط لندن في طريق موكب تتويج تشارلز، كان هناك آخرون لا يكترثون بالأمر مطلقا.
وسيكون التتويج، الذي يعود لألف عام ماضية، أكبر حدث احتفالي منذ مراسم تتويج الملكة إليزابيث الثانية والدة الملك تشارلز في 1953، بعرض مهيب وموكب عسكري ضخم.
ولا يأتي هذا الحدث سوى مرة واحدة في العمر بالنسبة لبعض البريطانيين، أما بالنسبة للآخرين فالمناسبة موضع ترحيب لأنها تعني امتداد عطلتهم ليوم إضافي حتى يوم الإثنين المقبل.
وقال فيليب ناش (68 عاما) "يأخذون كل شيء مني فقط، لا يعملون ليوم واحد"، وذلك في أثناء كنسه شوارع وايت تشابل، وهي منطقة مهمَلة بشرق لندن.
وأضاف "أود أن أرى أحدهم (العائلة المالكة) يأتي إلى هنا ويكنس هذا الشارع، أعرفتهم لأحدهم عملا يوميا؟ إنهم مثل مصاصي الدماء، يمصون دمي".
وبالنسبة لبعض سكان وايت تشابل، منطقة يستقر بها المهاجرون في العاصمة البريطانية منذ قرون، تبدو الحفلة الاستثنائية للعائلة المالكة أمرا غير ملائم في ظل معاناة الكثيرين من ارتفاع التضخم الذي يزيد عن 10% ويتسبب في رفع تكاليف الغذاء والطاقة.
وقال أوناب علي (19 عاما) طالب يدرس طب الأسنان "مع وجود أعداد ضخمة من الأشخاص الذين يجدون صعوبات في دفع الفواتير والتعايش مع خسائر ضخمة، شيء محبط أن نشاهد على التلفزيون هذا القدر الكبير من الموارد والأموال التي تقدم لهذه العائلة.. لا نشعر بأنهم يمنحوننا أي شيء في المقابل".
وفي أنحاء العاصمة وأجزاء كثيرة من بريطانيا، تزينت المتاجر والساحات العامة بالعلم البريطاني فيما تجري الاستعدادات لإقامة حفلات في الشوارع، وستعرض شاشات ضخمة الحفل في 30 موقعا بأنحاء البلاد.
وبينما تتابع وسائل الإعلام خطط وتفاصيل المناسبة التاريخية منذ أشهر، تشير استطلاعات رأي إلى أن أغلبية الجمهور ليسوا مهتمين إلى هذا الحد بالتتويج.
وأظهر استطلاع لشركة يوجوف الشهر الماضي أن 33% ممن شاركوا مهتمون بالحدث، بينما أظهر مسح آخر الأسبوع الماضي أنه من المرجح أن يشاهد 48% من المشاركين الحدث على التلفزيون بالمقارنة بنسبة 46% ممن أجابوا بنقيض ذلك.
ويتنافى هذا مع مراسم تتويج الملكة إليزابيث عام 1953، حينما غصت شوارع لندن بالملايين، وشاهد نحو 27 مليون شخص الحفل عبر شاشات التلفزيون، وكان بالنسبة لكثيرين المرة الأولى التي يشاهدون فيها حدثا عبر التلفزيون.
انعزال
وقال مخرج الأفلام جاستن هاكني (32 عاما) "في الواقع، سأنعزل تماما يوم السبت وسأذهب للاستمتاع بالطبيعة خلال اليوم، مع إغلاق هاتفي، لذلك لن أحتفل".
وأضاف "لكنني أعلم أن أمي ستحتفل، لأن الحدث مميز بالنسبة لها لأنه كان مميزا بالنسبة لجدتي".
وبالنسبة لمن اصطفوا بالفعل في طريق (مول)، وهو الشارع الكبير المؤدي إلى قصر باكنغهام، يسود إحساس بأن هذه اللحظات ستكون لحظات خاصة.
وقال توني تشين "لن أفوت هذا ولو قدموا لي العالم بأسره".
وسافر تشين من وسط إنجلترا للمكوث هناك على الرغم من معاناته من مرض حاد بالقلب، وأضاف أن "المكوث في المنزل ومشاهدة الحدث عبر التلفزيون ليس كالوجود هنا على أرض الواقع".
وقالت آلي ستيفنز (50 عاما)، معاونة تمريض، إن الحدث هو شيء "تملكه هذه الدولة صغيرة المساحة ولا تملكه دول كبيرة".
وأضافت "لذلك ينبغي أن نحتفي به حقا، وأن نكون ممتنين لكل هذه الزينة.. لا يحظى المرء بهذا في الجمهوريات".