إصلاح مجلس الأمن.. مطالبات دولية وصراع أمريكي روسي مرتقب
تتجه أنظار العالم إلى نيويورك خلال الأيام المقبلة لمتابعة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط مطالبات بإصلاح مجلس الأمن.
ويحتل ملف إصلاح وهيكلة الأمم المتحدة صدارة سلم الأولويات لدى الكثير من الدول الأعضاء في المنظمة، إلا أن واشنطن وموسكو تقفان على طرفي النقيض من تلك المسألة.
ولعل الجديد هذه المرة أن دعوات الإصلاح والتغيير جاءت من الولايات المتحدة نفسها، بعد أن ضاقت ذرعا من سلطة الفيتو (حق النقض) التي تتمتع بها روسيا.
وتسعى واشنطن لمحاسبة موسكو على عمليتها العسكرية في أوكرانيا التي بدأت في فبراير/شباط الماضي.
وقبل أعمال الاجتماعات، التي تعقد سنويا، درس الغرب القواعد الإجرائية لضمان عدم حظر روسيا اجتماعات مجلس الأمن، ولجأت الدول الغربية إلى الجمعية العامة، حيث تملك كل من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 بلدا حق التصويت.
ويأتي على رأس الإصلاحات التي تطالب بها عدة دول، توسيع عضوية مجلس الأمن، وهو المطلب الذي قالت عنه مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس-جرينفيلد إنها تدعم "المقترحات العقلانية وذات المصداقية لتوسيع عضوية مجلس الأمن"، الذي يضم 15 بلدا.
وأضافت المندوبة الأمريكية أنه "علينا ألا ندافع عن وضع قائم عفا عليه الزمن وغير مستدام، ويتعيّن علينا بدلا من ذلك إبداء مرونة ورغبة في التوصل إلى تسوية، خدمة للمصداقية والشرعية".
وأشارت إلى أن الدول الخمس الدائمة العضوية التي تتمتع بحق الفيتو (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة) تتحمل مسؤولية خاصة في المحافظة على المعايير، فيما تعهّدت واشنطن لن تستخدم الفيتو إلا في "حالات نادرة واستثنائية".
وأضافت أن "أي عضو دائم يستخدم الفيتو للدفاع عن أعمال العدوان التي يقوم بها، يخسر السلطة الأخلاقية وتتوجب محاسبته"، في إشارة ضمنية لروسيا.
وتسخر روسيا والصين من هذا النوع من التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة، التي تجاهلت مجلس الأمن الدولي في عهد رئيسها جورج بوش الابن، لغزو العراق.
وأشارت إلى أن واشنطن استخدمت حق الفيتو 4 مرّات فقط منذ عام 2009، كانت جميعها لدعم إسرائيل باستثناء مرة واحدة، مقارنة مع استخدام روسيا لهذا الحق 26 مرة.
شعار الأمم المتحدة
من جانبها، قالت ناليدي باندور، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، التي طالبت مرارا بتمثيل إفريقي في مجلس الأمن، إن انتقاد نظام الفيتو بسبب روسيا "يعد نفاقا".
وأضافت الوزيرة الجنوب أفريقية في تصريحات لها أمام مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن: "لم يحصل بعضنا ممن نادى بتعزيز دور الجمعية العامة بأي دعم، وفجأة اليوم تبدّل الوضع.. في هذه الحالات يفقد القانون الدولي معناه، لأن بعضنا يرى في ذلك غشا".
وتشعر الولايات المتحدة بقلق حقيقي حيال "عجز" مجلس الأمن، بحسب الخبير المتخصص بالأمم المتحدة لدى مجموعة الأزمات الدولية ريتشارد جوان.
وقال جوان: "إنها أيضا طريقة ذكية لإحراج بكين وموسكو، لأننا نعرف جميعا أن البلدين الأكثر تحسسا من فكرة إصلاح المجلس هما روسيا والصين".
وتعكس الدول الخمس الدائمة العضوية ميزان القوى في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي لحظة تاريخية حاسمة بالنسبة للهوية الروسية.
وبعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، قال البعض إن مقعد مجلس الأمن الدولي كان للاتحاد السوفيتي السابق، لا لروسيا، في محاولة لمعاقبة موسكو.
وجاء أكبر تحرّك لإصلاح مجلس الأمن في الذكرى الستين لانتهاء الحرب العالمية الثانية عندما أطلقت البرازيل وألمانيا والهند واليابان مسعى مشتركا من أجل الحصول على مقاعد دائمة.
وعارضت الصين بشدة إمكانية حصول اليابان التي تعتبرها قوة موازية في شرق آسيا على مقعد، علما بأن طوكيو تعد من أكبر الدول المساهمة في الأمم المتحدة بعد الولايات المتحدة، بينما حظي طلب اليابان بدعم أمريكي، كما أعرب الرئيس السابق باراك أوباما في الماضي عن تأييده بشكل عام منح الهند مقعدا.
وسبق لقادة الولايات المتحدة أن أيدوا شفهيا إصلاح المنظمة الأممية، من دون السعي لتنفيذه.
واعتبر جوان أن صدور دعوة واضحة من بايدن حول هذا الأمر من شأنها أن تعيد فورا إحياء جهود إصلاح المجلس، وقال: "أشعر أن الأمريكيين لا يملكون خطة واضحة في هذا الصدد".
وأضاف أنهم "يطرحون الأمر من أجل اختبار الوضع، لتحدي الصين والروس. وقد تتلاشى الفكرة لاحقا".
ويشكك مراقبون معنيون بالشؤون الدبلوماسية بإمكان تطبيق أي إصلاح في مجلس الأمن طالما أن روسيا والصين تعتبران أن الأمر يعرّض مصالحهما إلى الخطر.
aXA6IDMuMTQzLjIzNS4xMDQg جزيرة ام اند امز