الإمارات والسعودية.. علاقات إستراتيجية بأسس راسخة
الإمارات والمملكة العربية السعودية نموذجا للعلاقات الأخوية، في ظل الانسجام التام وتكامل الرؤى تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك.
تشكل دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية نموذجاً للعلاقات الأخوية، في ظل الانسجام التام وتكامل الرؤى تجاه القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وتضرب جذور العلاقات بين البلدين في أعماق التاريخ، تعززها روابط الأخوة والمصير المشترك، بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخيه الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين.
وتنوعت مسارات العلاقات -التي أسس دعائمها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" مع أخيه الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود "رحمه الله"- لتشمل مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى المسار العسكري وتشكيل التحالف العربي لنصرة الشرعية باليمن بقيادة المملكة وبمشاركة فاعلة من الإمارات، حيث أسس ذلك التحالف لعلاقة تاريخية أبدية معطرة بدماء شهداء البلدين الذين جادوا بأرواحهم في سبيل نصرة الحق ودحر الظلم.
وتستند هذه العلاقات القوية والإستراتيجية بين الإمارات والمملكة إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة والعالم، وتصب في دعم المصالح المشتركة وتعزيزها، وتمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج والأمن القومي العربي، إضافة إلى منظومة الأمن والاستقرار بالمنطقة كلها، خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف والتعصب والإرهاب والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.
وتعكس الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين في الآونة الأخيرة أهمية الدور المشترك للجانبين في الحفاظ على أمن المنطقة، وصون مكتسباتها ورعاية مصالحها والدفاع عنها.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عقب زيارة سموه للمملكة العربية السعودية أكتوبر الماضي، عمق العلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية.
كما أكد قوة وصلابة ما وصل إليه تعاون وتضامن البلدين الراسخ في مختلف المجالات، خاصة فيما يتعلق بمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة ورؤيتهما المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار ومجابهة مخاطر الإرهاب والتطرف.
وثمن المواقف المشرفة لخادم الحرمين الشريفين لما فيه خير ومصلحة دول مجلس التعاون الخليجي الشقيقة، ونصرة القضايا العربية والإسلامية.
وأكد أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تمثل الركيزة الأساسية في حفظ أمن واستقرار المنطقة، وصمام أمانها بما بذلته وتبذله من جهود من أجل الدفاع عن المصالح العربية، وحرصها على تماسك ووحدة الصف واجتماع الكلمة.
وتجسد زيارة خادم الحرمين الشريفين لدولة الإمارات العربية المتحدة هذه العلاقات التاريخية الضاربة في جذور التاريخ.
ويرى مراقبون أن العلاقات بين البلدين شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، خاصة مع إنشاء المجلس التنسيقي الإماراتي السعودي، والزيادة الكبيرة في حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وتعتبر العلاقات التجارية والاقتصادية بين الإمارات والمملكة الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، فيما تعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، حيث يعد حجم التبادل التجاري بين الجانبين الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وبلغ إجمالي واردات المملكة من دولة الإمارات العام الماضي نحو 33 مليار درهم، فيما وصل إجمالي الصادرات السعودية إلى الإمارات إلى 16.5 مليار درهم.
وتتصدر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية، وتأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية.
ويصل حجم الاستثمارات السعودية في دولة الإمارات إلى نحو 10 مليارات دولار، من خلال ما يزيد على 2360 شركة سعودية تمارس أنشطتها الاستثمارية في الدولة.
وتأتي الإمارات في طليعة الدول المستثمرة في المملكة العربية السعودية باستثمارات تخطت 9 مليارات دولار في قطاعات كثيرة أبرزها الصناعة والخدمات.
وتتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 مليار درهم، بينما تعمل في الإمارات حالياً نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد، و66 وكالة تجارية.
ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً برأسمال 15 مليار ريال.
ويعتبر إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بتكلفة تتجاوز الـ100مليار ريال نقلة هامة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة "إعمار" الإماراتية، وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.
وتؤدي السياحة بين البلدين دوراً هاماً وحيوياً في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة لتطوير هذا القطاع بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية لما تتمتع به من مقومات أساسية تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقاً في الدولة.
واعتبر مراقبون وخبراء أن توجه دولة الإمارات والمملكة إلى تأسيس مجلس تنسيقي ثنائي يمثل نقلة نوعية ومرحلة جديدة في مسار العلاقات الثنائية، مشيرين إلى أن من شأن هذا المجلس أن يضفي الطابع المؤسسي على العلاقات بين الدولتين ويساعدهما على تحقيق المزيد من تنسيق المواقف الثنائية، كونه يدشن نافذة وقناة للاتصال المباشر والمستمر بينهما، ومن ثم يساعدهما على اتخاذ القرارات اللازمة للتعامل مع القضايا الملحة بشكل آن وفعال، ووفق أسس وقواعد مدروسة ومحددة مسبقاً، وهي خطوة كبيرة تقطعها الدولتان نحو تحقيق الأهداف والغايات الثنائية وتحقق طموحات قياداتهما وتلبية تطلعات شعبيهما.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA=
جزيرة ام اند امز