«الرعد العالمي 26».. اختبار أمريكي شامل لـ«الردع النووي»
أطلقت القيادة الاستراتيجية الأمريكية مناورات "الرعد العالمي 26"، التي تُعد أكبر تمرين نووي شامل لهذا العام.
تأتي هذه المناورات، التي أقيمت في قاعدة "أوفت" الجوية في ولاية نبراسكا، في سياق تصاعد حدة المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وكلٍّ من روسيا والصين، إذ تهدف إلى استعراض القدرات النووية الأمريكية واختبار فعالية منظومة القيادة والسيطرة والاتصالات في ظروف محاكاة لصراع عالمي محتمل.
ووفقا لتقرير مجلة «مليتري ووتش»، فقد شارك في المناورات وحدات من مختلف أفرع القوات المسلحة الأمريكية ذات الصلة بالردع النووي، وتتضمن رحلات جوية مكثفة للقاذفات الاستراتيجية، وتجارب لإطلاق صواريخ باليستية، وتدريبات على جاهزية الغواصات النووية.
ووفقًا للبيان الرسمي الصادر عن القيادة الاستراتيجية، يهدف هذا التمرين إلى تعزيز الجاهزية القتالية للقوات النووية، واختبار منظومة اتخاذ القرار وشبكات الاتصال خلال أزمات نووية محتملة، إلى جانب إظهار القدرات القتالية ودعم مبدأ "السلام من خلال القوة" وطمأنة الحلفاء والشركاء العالميين.
سباق الردع.. روسيا والصين في الواجهة

ويتزامن التمرين الأمريكي مع مناورات روسية استراتيجية واسعة لاختبار جاهزية الثالوث النووي الروسي، شملت إطلاق صواريخ باليستية من البر ومن الغواصات، إلى جانب إطلاق صواريخ كروز بواسطة القاذفات الاستراتيجية "تو–95 إم إس". يأتي هذا التزامن ليعكس اتساع رقعة سباق الردع النووي بين القوى الكبرى.
ورغم أن الولايات المتحدة وروسيا لا تزالان القوتين النوويتين المهيمنتين عالميًا من حيث حجم وتنوع الترسانة النووية، فإن المشهد الاستراتيجي يشهد تحوّلًا متسارعًا مع تنامي القدرات النووية الصينية.
فترسانة الصين، رغم أنها لا تزال أصغر بنحو خمس حجم نظيرتيها الأمريكية والروسية، تتوسع بوتيرة غير مسبوقة، ما يهدد بإعادة تشكيل معادلة الردع العالمي خلال السنوات القادمة.
تحديات داخلية تعيق التحديث النووي
ورغم الطابع الاستعراضي للمناورات، فإنها تُسلط الضوء أيضًا على التحديات العميقة التي تواجهها واشنطن في تحديث مكونات "ثالوثها النووي".
فالقدرات التصنيعية في مجال الغواصات النووية لم تعد تواكب المتطلبات الاستراتيجية الطموحة، فيما تعاني الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBM) من تقادم تقني واضح، إذ تُعد الأقدم على مستوى العالم.
أما الذراع الجوية، فتواجه هي الأخرى تأخيرات متكررة في برنامج القاذفة الشبحية الجديدة بي-21، في حين تهدد التكاليف الباهظة لتحديث القاذفات القديمة بي-52 بإلغاء المشروع بأكمله.
هذه المشكلات مجتمعة تُبرز هشاشة البنية التحتية النووية الأمريكية مقارنة بما تمتلكه منافساتها من مشاريع تحديث متسارعة.
تفوق نسبي يتراجع وفجوة تضيق
على الرغم من هذه التحديات، لا تزال الولايات المتحدة تمتلك عناصر تفوق مهمة في ميدان الردع النووي، أبرزها أسطولها من القاذفات الشبحية الاستراتيجية ومقاتلاتها القادرة على تنفيذ ضربات نووية تكتيكية.
غير أن هذا التفوق لم يعد مطلقًا كما كان في السابق، إذ تعمل الصين بوتيرة متسارعة على تقليص الفجوة التقنية والعددية.
وقد أثار ظهور صور حديثة لطائرة صينية دون طيار شبحية بعيدة المدى في 19 أكتوبر/تشرين الأول تكهنات بأنها قد تكون أول قاذفة صينية عابرة للقارات، وهو تطور يُعزز مكانة بكين كقوة نووية صاعدة تنافس في مجال الردع الاستراتيجي العالمي.
في المقابل، تتأخر الولايات المتحدة عدة سنوات عن روسيا والصين في تطوير المركبات الانزلاقية الفرط صوتية، وهي تقنية متقدمة تتيح تجاوز الدفاعات الجوية الحديثة وإعادة تعريف مفهوم التفوق النووي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTgg جزيرة ام اند امز