«من كتب هذا الخطاب؟».. سخرية عارمة من رسالة وزيرة التعليم الأمريكية إلى «هارفارد»

تحولت رسالة تهديد من وزيرة التعليم الأمريكية إلى رئيس جامعة هارفارد إلى مادة للسخرية بسبب أخطاء نحوية ولغوية جسيمة.
واجهت وزيرة التعليم الأمريكية في إدارة الرئيس دونالد ترامب، ليندا ماكماهون، انتقادات لاذعة وسخرية واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد إرسالها رسالة تهديد رسمية إلى رئيس جامعة هارفارد، الدكتور ألان غاربر، تضمّنت عددًا كبيرًا من الأخطاء اللغوية والنحوية التي رآها كثيرون غير مقبولة، لا سيما لكونها صادرة عن مسؤولة تشغل منصبًا رفيعًا في قطاع التعليم.
خطاب تحذيري يتحول إلى مادة ساخرة
وجّهت ماكماهون، يوم الإثنين الموافق 5 مايو/أيار، رسالة رسمية إلى إدارة جامعة هارفارد هدّدت فيها بقطع التمويل الفيدرالي عن الجامعة، ما لم تلتزم بما وصفته بـ"متطلبات" إدارة ترامب.
غير أن الرسالة لم تلبث أن انتشرت على نطاق واسع بعد تعديلها على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، حيث ظهرت نسخ تحوي تصحيحات مكتوبة بأقلام حمراء، كما لو أنها أعيدت من قبل أساتذة جامعيين إلى أحد الطلاب المتعثرين، لتشير إلى الأخطاء اللغوية والأسلوبية التي طغت على محتوى الخطاب.
أخطاء بالجملة: من الترقيم إلى دلالات المفردات
وكشفت النسخ المعدّلة من الرسالة عن أخطاء متنوعة، من بينها الاستخدام غير السليم للحروف الكبيرة، والجُمل الطويلة غير المكتملة، بالإضافة إلى استعمالات خاطئة للكلمات وعلامات الترقيم.
ومن بين العبارات التي لاقت انتقادات خاصة، جملة كتبتها الوزيرة: "هارفارد تنخرط في نمط نظامي (systemic) من انتهاك القانون الفيدرالي"، حيث أشار المعلقون إلى أن الكلمة الصحيحة التي كانت تقصدها على الأرجح هي "منهجي" (systematic).
وفي فقرة أخرى، تساءلت الوزيرة بأسلوب أثار استهجان المتابعين: "من أين يأتي هؤلاء (الطلاب)، من هم، كيف يدخلون إلى هارفارد، أو حتى إلى بلدنا – ولماذا هناك كل هذا الكُره؟"، وهو ما وصفه كثيرون بلغة تحريضية غير ملائمة لمسؤولة حكومية.
ردود ساخرة وانتقادات إعلامية
سرعان ما انتشرت على منصة "إكس" منشورات تسخر من مستوى الكتابة في الرسالة، وأشارت إحداها إلى أن جامعة هارفارد أعادت إرسال الخطاب إلى ماكماهون بعد تصحيحه، في دلالة رمزية على رداءة مستواه اللغوي والأسلوبي.
وفي تعليقه، كتب أندرو فاينبرغ، مراسل البيت الأبيض لدى صحيفة "ذا إندبندنت": "من كتب هذه الرسالة بالكاد يجيد القراءة والكتابة".
كما تساءل صحفي آخر عمّا إذا كانت الرسالة كُتبت باستخدام أداة ذكاء اصطناعي منخفضة الكفاءة.
محتوى سياسي رغم الأخطاء
على الرغم من السخرية الواسعة من أسلوب الرسالة، فقد حملت أيضًا انتقادات مباشرة لسياسات جامعة هارفارد، إذ اتهمت الوزيرة المؤسسة بتدريس "الرياضيات التعويضية"، وذكّرت بفضائح سابقة تتعلق بسرقات أدبية، في محاولة منها للتشكيك في مكانة الجامعة العريقة.
تهديدات بقطع التمويل الفيدرالي
أحد مسؤولي وزارة التعليم صرّح خلال مكالمة تمهيدية مساء الإثنين، قبيل نشر الرسالة عبر القنوات الرسمية، بأن جامعة هارفارد لن تكون مؤهلة مجددًا للمنافسة على المنح الفيدرالية إلا بعد التفاوض مع الحكومة الفيدرالية والامتثال الكامل للقوانين المعمول بها.
وأكد أن هذا القرار سيؤثر فقط على منح البحوث، دون أن يشمل المساعدات الطلابية الفيدرالية التي تُحوّل عبر الجامعات.
تاريخ من التوتر بين إدارة ترامب وهارفارد
تُعد هذه الرسالة امتدادًا لتوتر طويل بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد، إذ سبق للرئيس الأمريكي أن جمّد تمويلًا فيدراليًا للجامعة بقيمة 2.2 مليار دولار، كما هدّد لاحقًا بإلغاء وضعها الضريبي المعفي.
من جانبه، رفض الدكتور ألان غاربر، رئيس الجامعة، الرضوخ للضغوط، وأعلن رفع دعوى قضائية في أبريل/نيسان الماضي، تطالب بإلغاء قرار تجميد التمويل، ووصفت دعوى الجامعة مطالب الحكومة بأنها "مجحفة" و"تتجاوز الحدود القانونية".
خلفية الصراع: تنوع أيديولوجي ومعاداة السامية
في سياق موازٍ، عبّر مسؤولون في إدارة ترامب عن انزعاجهم مما وصفوه بـ"الافتقار إلى التنوع الأيديولوجي" في مؤسسات التعليم العالي، مؤكدين أن غالبية الأكاديميين في الجامعات الأمريكية ينتمون إلى التيار اليساري، في حين أن التمثيل المحافظ محدود للغاية.
واعتبر أحد المسؤولين أن برامج "التنوع والإنصاف والشمول" (DEI) تسهم في تكوين أحكام مسبقة لدى الطلاب بناءً على العرق أو الخلفية الثقافية، وهو ما اعتبروه مرتبطًا بما يسمونه "مشكلات معاداة السامية في الجامعات".
التفاصيل الصغيرة تثير السخرية الكبرى
من بين النقاط التي شكّلت محورًا للسخرية في الرسالة، استخدام عبارة "Federal Government" بحروف كبيرة في غير موضعها النحوي الصحيح، وهو ما فسّره البعض على أنه دليل على ضعف في فهم القواعد الكتابية الرسمية.
وتداول مستخدمو مواقع التواصل تعليقات ساخرة تشير إلى أن جامعة هارفارد لم تنتصر فقط في الرد، بل أيضًا في طريقتها التي واجهت بها أخطاء الوزيرة، ما اعتبره كثيرون نقطة إضافية في رصيدها الأكاديمي.
aXA6IDMuMTM3LjE4NC4zMiA= جزيرة ام اند امز