العجز التجاري الأمريكي.. قوانين الاقتصاد تقهر وعود ترامب المزدوجة
الرئيس الأمريكي تعهد بتحفيز النمو الاقتصادي والتخلص من العجز التجاري في التوقيت نفسه رغم تناقض الهدفين.
رغم مرور أكثر من عامين على فوز دونالد ترامب بمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة، وتطبيقه منذ ذلك الحين سياسات "أمريكا أولا" التي تسعى لوضع مصالح بلاده فوق أي اعتبار آخر، كشفت بيانات حديثة عن أن واشنطن مُنيت بأكبر عجز تجاري منذ 10 سنوات في العام الماضي، بل تكبدت أكبر عجز تجاري سلعي منذ نشأتها، في إشارة إلى أن "قوانين الاقتصاد" لن تنحني أمام تعهدات ترامب الانتخابية "غير الواقعية"، وفقا لصحيفة واشنطن بوست.
وقالت وزارة التجارة الأمريكية، أمس الأربعاء، إن العجز التجاري في الولايات المتحدة قفز إلى أعلى مستوى منذ 10 سنوات في 2018، ليسجل 621 مليار دولار العام الماضي، كما أوضحت البيانات أن أمريكا تكبدت عجزا تجاريا سلعيا بقيمة 891.2 مليار دولار وهو أكبر عجز في تاريخ البلاد البالغ 243 عاما، على الرغم من السياسات الحمائية التي اتبعها ترامب.
- العجز التجاري الأمريكي يسجل أعلى مستوى في 10 سنوات
- العجز التجاري السلعي بأمريكا يقفز إلى 79.5 مليار دولار في ديسمبر
النتائج بحسب "واشنطن بوست" كانت بمثابة تذكير واقعي بأن قوانين الاقتصاد لا تزال سارية على الرئيس الذي وعد بتعزيز النمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه تعهد بتقليص العجز التجاري الأمريكي المزمن، وهي وعود مزدوجة متناقضة وفقا لما توقعه خبراء الاقتصاد.
ترامب أعطى لاقتصاد بلاده "جرعة من الأدرينالين" عبر خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي وتخفيف اللوائح التنظيمية الحكومية، سعيا إلى تحفيز النمو وزيادة معدلات التوظيف. هذه الجهود أدت في المقابل إلى رفع أجور العمال والموظفين، وهو ما أدى على زيادة إنفاق الأمريكيين على أجهزة آيفون وسيارات تويوتا والخمور أجنبية الصنع.
ورغم أن تحركات ترامب نجحت بالفعل في تحفيز نمو الاقتصاد الأمريكي بنسب تجاوزت أوروبا واليابان؛ فإن هذا دفع البنك المركزي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة 4 مرات متتالية، فأصبح الدولار أقوى لكن الصادرات الأمريكية صارت أكثر تكلفة.
"قوانين الاقتصاد الكلي حسمت هذه الأمور سابقا.. لا يمكنك أن تتمنى شيئا آخر"، قال وليام رينش، المسؤول السابق في وزارة التجارة الأمريكية، والمسؤول الحالي لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وكانت التعريفات الجمركية جزءا أساسيا من استراتيجية ترامب لتقليص العجز التجاري بين فاتورة الواردات المرتفعة وقائمة الصادرات الأقل؛ حيث فرض رسوما جمركية على ألواح الطاقة الشمسية والغسالات والصلب والألومنيوم والسلع الصينية المتنوعة، لإجبار بكين ودول أخرى على إجراء مفاوضات للوصول إلى اتفاقات تجارية بشروط جديد، لكن البيانات الحديثة كشفت عن أن خفض لعجز لا يزال طموحا وهو أبعد ما يكون عن "منطقة الإنجاز".
- العجز التجاري الأمريكي مع الصين يسجل مستوى قياسيا خلال سبتمبر
- العجز التجاري الأمريكي يرتفع إلى 86.3 مليار دولار في أغسطس
وحتى مع الصين، التي تضررت بشدة من الرسوم الجمركية الأمريكية، وصلت الفجوة التجارية في تعاملات البلدين خلال 2018 إلى رقم قياسي بلغ 419 مليار دولار لصالح بكين.
وتقول إدارة ترامب إنها تعمل للتغلب على عقود من السياسة التجارية السيئة، ويلقي الرئيس باللوم على "الاتفاقات الرهيبة" التي تفاوض عليها أسلافه.
ورغم ذلك فسيبدأ الرئيس حملة إعادة انتخابه المقبلة بعد أن فشل في الوفاء بأحد الوعود الأساسية في حملته الماضية، ووسط تلال من الأبحاث الاقتصادية الحديثة التي تظهر أن انتهاج الولايات المتحدة للتعريفات الجمركية يضر باقتصادها.
aXA6IDMuMTQxLjcuMTY1IA== جزيرة ام اند امز