اللاجئ هاتزيباناجيس.. يوناني مغمور صارع مهارات مارادونا
هل سمعت يوما عن نسخة يونانية من الأسطورة دييجو مارادونا؟ على الأرجح لم يحدث، فرغم أنه كان عبقريا كدييجو، فإنه لم يكن مشهورا مثله.
فاسيليس هاتزيباناجيس هو أحد العباقرة المغمورين في تاريخ كرة القدم، وأثناء مسيرته لُقب بـ"مارادونا اليونان"، و"نورييف كرة القدم"، تشبيها له براقص الباليه السوفيتي رودولف نورييف.
مولود في المنفى
وُلد فاسيليس هاتزيباناجيس في مدينة طشقند بأوزبكستان، في أكتوبر/تشرين الأول 1954، وكانت وقتها تتبع الاتحاد السوفيتي، وكان والداه من اللاجئين السياسيين اليونانيين قاما بالفرار من ويلات الحرب الأهلية في البلاد.
والد فاسيليس ووالدته كانا من المتعاطفين مع الشيوعية، وكانت تلك الفئة هي الحلقة الأضعف بين الفئات المتناحرة في اليونان إبان الحرب الأهلية التي استمرت بين عامي 1946 و1949، لذا كان الخيار المنطقي، اللجوء إلى الاتحاد السوفيتي، منبع الشيوعية، خاصة بعد تجريدهما من جنسيتهما ومنعهما من العودة إلى البلاد، وبهذا لم يكن الصبي يونانيا بالكامل، أو أوزبكيا أيضا.
بدأ فاسيليس هاتزيباناجيس لعب كرة القدم في صفوف نادي دينامو طشقند حين كان بعمر الـ17 عاما، وفي عام 1972 انتقل إلى باختاكور، الممثل الوحيد لأوزبكستان في دوري الاتحاد السوفيتي الأعلى، واستمر معه حتى عام 1975، بعد حصوله على الجنسية السوفيتية لكي يتمكن من المشاركة في دوري الأضواء، حيث لم يكن مسموحا بالاعتماد على اللاعبين الأجانب حتى لو كانوا من اللاجئين.
موهبة فذة
منذ صغره أظهر هاتزيباناجيس موهبة فذة، وفي إحدى المقابلات الصحفية قال: "عندما أرى المدافعين أمامي، أريد أن أراوغ كل واحد منهم"، وكان يعتبر ثاني أفضل لاعب سوفيتي يشغل مركز الجناح الأيسر، بعد الأوكراني الأسطوري أوليه بلوخين.
فاسيليس لم يكن غزير الأهداف، لكنه تميز بالرؤية الإبداعية والحركات المفاجئة، واشتهر بالتسجيل من الركلات الركنية، والتي يطلق عليها "الأهداف الأولمبية"، كما وصفه النقاد في عصره بأنه "يمكن أن يراوغ خط الدفاع بالكامل في كشك الهاتف".
ويقول توماس مافروس، نجم منتخب اليونان السابق، عن فاسيليس: "كان لاعبا خارقا والكرة في قدميه، كان موهوبا وصاحب إلهام كبير لا وجود له في كرة القدم اليوم، لاعب جعل الكثير من الناس يذهبون إلى الملعب لمشاهدته".
في عام 1984 تم استدعاء فاسيليس للمشاركة مع فريق من نخبة لاعبي العالم في ذلك الوقت، أبرزهم الألماني فرانز بيكنباور والأرجنتيني ماريو كيمبس والمكسيكي هوجو سانشيز، لمواجهة فريق نيويورك وورلد الأمريكي في مباراة خيرية أمام 40 ألف متفرج، كان بينهم حضور كبير من الأمريكيين أصحاب الأصول اليونانية.
عودة إلى الديار
مواهب فاسيليس وقدرته على الإبهار استدعت انتباه عدة أندية حول أوروبا، غير أنه قرر العودة إلى وطنه الأم، بعد سقوط النظام اليميني المتطرف الذي تسبب في هروب عائلته، وانضم إلى نادي إيراكليس ولعب له 15 عاما منذ 1975 حتى اعتزاله في 1990.
حضر ما يزيد عن 1000 مشجع للترحيب بفاسيليس في مدينة سالونيكي عند انضمامه إلى إيراكليس وليس، في نوفمبر/تشرين الثاني 1975، وهي المدينة التي كان يسكنها في ذلك الوقت جدة اللاعب وخالته.
وعلى الرغم من أن إيراكليس ليس من الأندية الكبيرة في اليونان، فإن شعبيته ارتفعت بصورة ملحوظة بسبب فاسيليس هاتزيباناجيس، حيث أن أعدادا هائلة من المشجعين كانت تحب حضور مباريات الفريق من أجل الاستمتاع بموهبته.
مسيرة دولية محبطة
قبل مجيء فاسيليس إلى اليونان، شارك في منتخبات الناشئين والشباب السوفيتية، وكذلك مع المنتخب الأولمبي، وفي عام 1976 تم استدعاؤه لتمثيل المنتخب اليوناني تحت 21 عاما، ولعب معه عدة مباريات ودية، كما شارك في عدة وديات أيضا مع الكبار.
وبسبب لوائح تمثيل المنتخبات وقتها، لم يتمكن مارادونا اليونان من اللعب مع منتخب بلاده الأم على المستوى الرسمي، لأنه لعب بالفعل باسم الاتحاد السوفيتي، حتى ولو لم يشارك معه سوى في بطولات الشباب والناشئين.
وعبر فاسيليس في وقت سابق عن أسفه الشديد لفشله في اللعب مع المنتخب اليوناني، وإقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بتغيير جنسيته الكروية، وقال في مقابلة صحفية حينها: "المنتخب الوطني هو مرآة لكل لاعب، بداخلي حزن كبير لأنني لم أتمكن من تمثيل اليونان دوليا".
جدير بالذكر أن فاسيليس، الذي يشغل منصب رئيس أكاديمية نادي أولمبياكوس اليوناني منذ 2013 حتى الآن، شارك لمدة 21 دقيقة مع منتخب اليونان ضد غانا في مباراة ودية أقيمت على شرفه في ديسمبر/كانون الأول 1999، وصنع هدف فريقه في التعادل 1-1، وكان عمره وقتها يناهز 45 عاما.
aXA6IDUyLjE0LjI3LjEyMiA=
جزيرة ام اند امز