سفن نووية وطائرات شبحية.. ما الذي تخطط له أمريكا بالكاريبي؟
تتجه أنظار العالم إلى منطقة الكاريبي مع استمرار تزايد الحشد العسكري الأمريكي قبالة السواحل الفنزويلية، في خطوة تعكس احتمالية توسيع عمليات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة، وترفع مستوى التوتر إلى ذروة غير مسبوقة بين واشنطن وكاراكاس.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فإن هذا الحشد العسكري الضخم لا يوحي بعملية مراقبة روتينية، بل تشير إلى سيناريوهات أكثر خطورة قد تصل إلى توجيه أولى الضربات الأمريكية ضد الأراضي الفنزويلية.
بدأت الأحداث تأخذ منحنى مختلف عندما ظهرت 8 سفن حربية أمريكية قرب الساحل الفنزويلي، تتقدمها سفينة عمليات خاصة وغواصة هجومية نووية قادرة على تنفيذ ضربات عميقة داخل اليابسة.

وتفاقم الوضع مع انتشار تسريبات عن قرب وصول حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" التي تعتبر أضخم قطعة بحرية في العالم، برفقة 3 سفن قتالية وأكثر من 4000 جندي.
مثل هذا الانتشار العسكري لا يستخدم عادة لاعتراض زوارق تهريب المخدرات، بل لحسم معارك أو فرض وقائع استراتيجية جديدة.
ولم يقتصر التصعيد على البحر؛ فقد نفّذت القاذفات الأمريكية طلعات جوية مكثفة بمحاذاة الساحل الفنزويلي في عروض واضحة للقوة، بينما نقلت واشنطن طائراتها المتطورة من طراز إف-35 إلى قاعدة بورتوريكو.

وقد تحولت هذه القاعدة، وفق صور الأقمار الصناعية التي حللتها "واشنطن بوست"، لمركز لنشاط “غير معتاد” للقوات الأمريكية في الكاريبي، ما يوحي بأن البنتاغون يعيد تموضع قواته استعدادًا لسيناريو أوسع من مجرد “عمليات مكافحة المخدرات”.
ورغم تأكيد الرئيس ترامب أنه يسعى لزيادة الضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، فقد نفى وجود خطط لتنفيذ ضربات عسكرية داخل فنزويلا.
غير أن الواقع على الأرض يرسم صورة مختلفة تمامًا. فمنذ سبتمبر/أيلول الماضي، اعترفت وزارة الحرب الأمريكية بتنفيذ أكثر من عشر ضربات قاتلة ضد زوارق يُزعم تورطها في تهريب المخدرات، ما أدى إلى مقتل 61 شخصًا. هذا الرقم المرتفع يثير تساؤلات قانونية وسياسية حول طبيعة الأهداف الحقيقية لهذه العمليات وحدود شرعيتها.
ويبدي الخبراء شكوكا مماثلة، إذ يرى ريان بيرغ، مدير برنامج الأمريكتين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الحشد العسكري الحالي “يتجاوز بكثير ما تقتضيه مهام مكافحة المخدرات”، مضيفًا أن وصول مجموعة حاملة الطائرات يعني أن أمام ترامب “نافذة زمنية قصيرة لا تتجاوز شهرًا لاتخاذ قرار حاسم”، قبل أن تضطر البحرية الأمريكية إلى نقل الحاملة إلى مسرح عمليات آخر.
في المقابل، وجّه الديمقراطيون في الكونغرس انتقادات واسعة للإدارة الأمريكية، معتبرين أنها فشلت في تقديم أي أساس قانوني يبرر الضربات الأخيرة. أما المفوضة السامية لحقوق الإنسان، فوصفت العمليات بأنها “قتل خارج نطاق القضاء”، مؤكدة أن واشنطن لم تقدم أي دليل على أن المستهدفين كانوا يشكلون تهديدًا وشيكًا يبرر تصفيتهم.

ومع تصاعد التوتر الدبلوماسي، وتضارب التصريحات بين البيت الأبيض والبنتاغون، تبدو منطقة الكاريبي وكأنها تنزلق نحو مواجهة قد تعيد رسم المشهد الجيوسياسي في أمريكا اللاتينية. فالقوات تتقدم، والطائرات تحلّق، والسفن تنتشر في مواقع حساسة، ما يوحي بأن الساعة قد بدأت تدق نحو قرار مصيري.
واليوم، يقف الكاريبي على حافة اختبار تاريخي غير مسبوق منذ أزمة الصواريخ الكوبية، وبين استعراض القوة واحتمال الانزلاق إلى مواجهة عسكرية فعلية، يبقى السؤال الأكبر: هل نحن أمام عاصفة تقترب من الاشتعال، أم مجرد رعد بلا مطر؟.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA== جزيرة ام اند امز