في سوتشي الروسية.. المصالح السياسية والاقتصادية تجمع الفرقاء الدوليين
وزير الخارجية الصيني يبدأ زيارة إلى المنتجع الروسي اليوم تليها زيارة لوزير الخارجية الأمريكي تن.
تتجه أنظار العالم إلى منتجع "سوتشي" الروسي الذي سيجمع على مدار يومين الفرقاء الدوليين الكبار؛ بحثا عن مصالح سياسية واقتصادية ومناقشة مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية.
- روسيا تحذر أمريكا من التحركات "العدائية" في فنزويلا
- أمريكا تحذر روسيا وسوريا: يتعين وقف التصعيد في إدلب
وتبدأ في سوتشي اليوم لقاءات تجمع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، مع وزير الخارجية الصيني، وانغ يى، تليها غدا زيارة لوزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو.
وتسعى واشنطن لإقناع موسكو لممارسة الضغط على بكين خصوصا في نزع السلاح النووي ومراقبة التسلح، تنفيذا لرغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يرغب بمشاركة الصينيين في مناقشة معاهدة ثلاثية جديدة تحل محل ستارت 3 الروسية الأمريكية، في حين تؤكد بكين أنها لن تفعل شيئا من هذا القبيل.
وتوصلت الولايات المتحدة إلى معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا التي وقعها كل من الرئيسيين باراك أوباما ودميتري مدفيديف في 8 نيسان/أبريل 2010 في براغ، والتي تنص على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30%، والحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50% مقارنة بالمعاهدات السابقة.
روسيا والصين
ويلتقي وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، اليوم الإثنين، في المنتجع السياحي، نظيره الصيني الذي وصل أمس لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها على المستويات الاقتصادية.
ووفق بيان للخارجية الروسية فإن اللقاء سيناقش التسوية السورية وسبل الحفاظ على اتفاق إيران النووي وآفاق تعزيز التعاون الثنائي.
كما سيجرى الترتيب لزيارة الرئيس الصيني، شي جين بينج، إلى روسيا، ومشاركته في أعمال منتدى سان بطرسبورج الاقتصادي الدولي" الذي سيعقد في 6-8 يونيو/حزيران المقبل.
ويتوقع أيضا أن يتبادل الجانبان الآراء حول مجموعة واسعة من القضايا الدولية الحيوية، من بينها الأوضاع في أفغانستان وفنزويلا وشبه الجزيرة الكورية والتسوية السورية ومسألة الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني.
5 ملفات باجتماعات روسيا وأمريكا
كما تنتظر روسيا زيارة أخرى من قبل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأكثر تشددا داخل البيت الأبيض حيال موسكو، يلتقي خلالها نظيره الروسي وكذلك الرئيس فلاديمير بوتين في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه قبل عام.
وتأتي زيارة بومبيو بعد نحو شهرين من انتهاء التحقيق الذي أجراه المدعي الأمريكي الخاص روبرت مولر والذي خلُص إلى أن روسيا تدخلت في انتخابات 2016، لكن فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتورط في ذلك.
وقالت الخارجية الروسية إن الزيارة جرى تنظيمها بناءً على الطلب الأمريكي ضمن سلسلة من الاتصالات الرفيعة المستوى، كان أحدثها لقاء وزيري الخارجية أثناء اجتماع مجلس المنطقة القطبية الشمالية في فنلندا الأسبوع الماضي.
وسيتبادل المسؤول الأمريكي مع القيادة الروسية الآراء حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية الملحة، بما فيها الأوضاع في فنزويلا وسوريا وأوكرانيا حيث تعد الملفات الثلاثة موضع خلاف بين البلدين.
وأكدت الخارجية الروسية أن تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ممكن فقط على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل لمصالح الآخر.
وقالت الوزارة إن الرئيس ترامب أعلن مرارا سعيه لإيجاد نقاط التقاء مع روسيا في محاور التعاون المختلفة، فيما أكد نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، استعداد موسكو للتجاوب مع الخطوات الأمريكية في هذا الاتجاه.
واستبق وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، زيارته إلى روسيا بتصريحات أكد خلالها أنه ينبغي على موسكو وواشنطن السعي لإيجاد أجندة مشتركة في السياسة الخارجية، وفي الوقت نفسه، أكد أنه إذا لم تجد روسيا والولايات المتحدة مصالح مشتركة، فسوف يسيران بطرق مختلفة.
في حين أشار لافروف إلى أن روسيا مستعدة للمفاوضات وإقامة اتصالات مع الولايات المتحدة.
وأكد الوزير الأمريكي أن "هناك العديد من المجالات، وآمل في أن نتمكن من إيجاد مصالح مشتركة مع روسيا"، مشيرا إلى إمكانية الولايات المتحدة وروسيا الاتفاق والعمل معا في سوريا وأفغانستان.
وأضاف: "أتذكر أنني عندما كنت مدير وكالة المخابرات المركزية، عملت عن كثب مع الجانب الروسي في الحرب ضد الإرهاب. أنا متأكد من أن هذا العمل مهم، فقد سمح لنا بإنقاذ أرواح الأمريكيين والروس".
وتابع: "سنعمل معا في المناطق التي يمكن فيها إيجاد مواقف ومصالح مشتركة، وهذا مقبول تمامًا، إنه ضروري، وهذه مسؤوليتي".
وسيتطرق الجانبان وفقا لمصادر أمريكية على سبيل الأولوية، موضوع الحد من الأسلحة.
حلول وسط
بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده مستعدة للمفاوضات وإقامة اتصالات مع الولايات المتحدة، لافتا إلى أنه حث الوزير الأمريكي خلال لقائهما في مدينة روفانييمي الفنلندية، على هامش اجتماع وزاري لمجلس القطب الشمالي في السادس من مايو/أيار الجاري، على النظر في حل جميع المسائل الإشكالية على استخدام أدوات الدبلوماسية، وليس العواطف، وعلى الاسترشاد الصارم بمعايير القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، و"سنواصل متابعة الحوار بهدف إيجاد حلول وسط وتوازن المصالح" .
وأشار في تصريحات صحفية إلى اعتقاده بأنهما سارا خطوة جيدة إلى الأمام في تطوير المناقشات التي جرت بين رئيسي الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين والولايات المتحدة دونالد ترامب عبر الاتصال الهاتفي بداية شهر مايو/أيار الجاري.
وأوضح في الوقت نفسه أن روسيا ترفض بشكل قطعي أي أعمال عسكرية تنتهك القانون الدولي أينما جرى تنفيذها، مشددا على أن "استخدام القوة لا يمكن أن يجري إلا بتشريع من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو ردا على عدوان ضد دولة ذات سيادة".
توافق عبر تنازلات
الخبير في نادي فالداي الدولي للحوار (مقره روسيا وتأسس 2004)، أندريس سربين، قال إن كلا البلدين لهما مصالح خاصة بهما في المنطقة ككل؛ فالولايات المتحدة، التي أعلنت العودة إلى عقيدة مونرو (الرئيس الأمريكي الأسبق جيمس مونرو)، حيث لا تريد وجود قوات أجنبية في أمريكا اللاتينية، وبالنسبة لروسيا تعتبر فنزويلا أيضًا "قاعدة جيوستراتيجية مهمة".
وأوضح، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الجانبين يمكن أن يتفقا على تجنب احتمال التدخل العسكري في فنزويلا، وهو ما يتماشى مع توقعات معظم الدول في نصف الكرة الغربي، مضيفا: "لكن هناك حاجة لحل وسط فيما يتعلق بقضية الانتقال السياسي في البلاد."
وأكد سيربين أنه لا يمكن لإدارة دونالد ترامب أن تفقد وجهها وتسمح لـصالح بقاء الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في السلطة، وأن السؤال الرئيسي هنا هو: ما التنازلات التي ترغب واشنطن في تقديمها، هل ستخفف العقوبات الغربية فيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، أو تقدم تنازلات بشأن إيران في مقابل انتقال سياسي وانسحاب وحدة صغيرة من الجيش الروسي من فنزويلا؟ وما استعداد موسكو للتفاوض في مقابل مقترحات أمريكية؟ لذلك فإن مباحثات لافروف وبومبيو ستنطلق من مصالحهما الاقتصادية والجيوسياسية ".
المصالح الخاصة
المحلل السياسي الروسي، أندريه أندريفييج، قال إنه بالنسبة للجانبين ستكون القيم والمبادئ جيدة لكن المصالح الاقتصادية والجيوسياسية ستنتصر خلال المحادثات.
وأكد نائب رئيس "مركز الدراسات السياسية" الروسي (خاص)، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الأخبار الجيدة هي أن الحوار بين موسكو وواشنطن حول فنزويلا قد تجددت، ولكن هناك قوى أخرى كالمعارضة وحكومة مادورو والجيش وفصائلهم المختلفة والجماعات المسلحة وجماعات حرب العصابات الكولومبية وشبكات الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات، وكوبا وبلدان أمريكا اللاتينية التي تنتمي إلى مجموعة ليما (أنشئت 2017 لبحث مخرج سلمي للأزمة في فنزويلا) ومنطقة البحر الكاريبي، وكذلك الاتحاد الأوروبي والصين والفاتيكان، التي سيكون لديها ما تقوله فيما يتعلق بتلك المفاوضات التي قد تتبع سوتشي.
وخلص إلى أنه إذا تمكنت روسيا والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق وتحييد بعضهما بعضا فيما يتعلق بالأزمة في فنزويلا، يبقى السؤال الأساسي هو هل سيساعد كل ذلك شعب فنزويلا في حل الأزمة السياسية والإنسانية الحالية؟
وكان مقررا للوزير الأمريكي أن يزور العاصمة الروسية موسكو اليوم ولقاء موظفي السفارة الأمريكية والمشاركة في حفل تكريم ذكرى الجنود الذين ماتوا في النضال المشترك بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ضد النازية.
وفي تطورات لاحقة، نقلت رويترز عن مسؤول في الخارجية الأمريكية أن الوزير مايك بومبيو ألغى زيارته المقررة إلى موسكو اليوم، لكنه سيلتقي نظيره الروسي سيرجي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين غدا في سوتشي.
ونقلت الوكالة عن المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن بومبيو غادر واشنطن اليوم متوجها إلى بروكسل لإجراء مباحثات مع مسؤولين أوروبيين حول إيران وملفات أخرى قبل الذهاب إلى روسيا.
aXA6IDMuMTIuMzQuMjA5IA== جزيرة ام اند امز