ساقية الماء.. طفلة يمنية تخطف الأنظار في شوارع مأرب
قبل أعوام نزحت نورا من مسقط رأسها بقعطبة في الضالع (جنوب) إلى مدينة مأرب اليمنية (شرق) إثر هجوم بري للحوثيين وذلك بحثا عن ملاذ آمن.
لكن سرعان ما انتقل هجوم الحوثيين إلى مأرب وتسبب بإصابة والد نورا إلى جانب مئات الضحايا وتحول إلى معاق لا يقوى على العمل، ووجدت الطفلة ذات العقد الواحد نفسها مجبرة على تحمل أعباء الأسرة كاملة خصوصا بعد قطع المليشيات مرتب والدها.
كل صباح تذهب "نورا أشرف المعرشي" لبيع الماء في شوارع مأرب، التي خطفت فيها أنظار المارة وسائقي المركبات وعابري السبيل، وبات الكثير يطلق عليها "ساقية الماء" فيما وقت المساء تكرسه الطفلة للدراسة.
وتقف الطفلة التي لا يتجاوز عمرها 10 أعوام تحت لهيب الشمس الحارقة كل يوم أكثر من 7 ساعات لبيع علب المياه على المارة بشوارع مأرب ذات الطقس الصحراوي الفائض، وبات ذلك وسيلتها الوحيدة لكسب المال لإنفاقه على أسرتها الفقيرة.
وتحصل نورة يوميا من بيع الماء على نحو 4 آلاف ريال يمني، أقل من 4 دولارات، وتنفقها في شراء الوجبات اليومية الأساسية لأسرتها المكونة من 6 أفراد، هي و3 إخوة صغار وأب وأم، فيما تحتفظ بما تبقى من المبلغ لدفع إيجار المنزل الشهري المؤلف من حمام وغرفة واحدة جزء منه مخصص لطبخ الطعام، وجزء آخر للنوم.
ودفعت حرب مليشيات الحوثي ونهبها للمرتبات آلاف الأطفال اليمنيين إلى العمل لتحمل أعباء أسرهم المعيشية، تعتبر "نورا" أحدهم، إلا أن ما يميزها رفضها ترك مقاعد الدراسة رغم قسوة النزوح والظروف.
ويغيب أمثال "نورا" عن سجلات المنظمات الدولية المعنية بحقوق الأطفال، وتشير التقديرات إلى بقاء 4 ملايين طفل عرضة لخطر الحرمان من التعليم إثر نهب الانقلابيين رواتب 170 ألف معلم، وفق منظمة اليونسيف.
"العين الإخبارية"، التقت "نورا المعرشي" في موقع عملها في أحد شوارع مدينة مأرب، مسرح أعنف المعارك، إثر الهجوم الحوثي واسع النطاق بما فيه هجمات بالطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية والتي تهدد حياة أكثر من مليوني نازح.
كما أخذتنا "نورا" في جولة إلى منزلها لرواية فصل الكفاح التي تخوضه في التعليم وفي تحمل أعباء الأسرة، وكجزء من معاناة أطفال اليمن في خضم حرب الحوثي.
مشقة السكن
ظلت الطفلة نورا المعرشي لنحو 3 أعوام تتنقل من سكن إلى آخر لدى تشريد الحوثيين لأسرتها من مديرية قعطبة في محافظة الضالع إلى مدينة مأرب إذ أن الإيجارات المرتفعة اجبرتها على السكن في محل كان سابقا مخصصا لبيع المواد الغذائية.
وتقول "واجهنا مشكلة بالسكن وظلينا نتقل من سكن إلى سكن بسبب ارتفاع الإيجارات، ثم سكنا في محل صغير كان متجرا غذائيا، وكنا ندفع 40 ألف يمني إيجار للسكن، قبل أن نستقر في هذا الغرفة الواحدة".
وتضيف لـ"العين الإخبارية"، أن " والدي جريح وأصيب بالإعاقة وانقطع راتبه وعملت أنا في بيع الماء وتحملت مصاريف الأسرة وعلاج أبي، وكذا مصريف أخوتي الـ3، وأسدد إيجار السكن ومصاريف البيت".
تحدي الدراسة
لم يكن السكن وحده تحديا أمام نورة، إذ تروي قائله "نظرا لازدحام مدارس مأرب، اضطريت البقاء عامين خارج الفصول الدراسية" ذلك بسبب الإقبال الكثيف على المدارس الحكومية في المدينة المصنفة بأكبر موطن نزوح باليمن.
وتسرد نورة كيف تبسم لها الحظ بالعثور على مقعد يتيح لها مواصلة تعليمها، "لم استطيع الالتحاق في مدرسة أهلية لأنه أسرتي لا تستطيع دفع الرسوم الباهظة، لكن التحقت في المدرسة في العالم الـ3 من النزوح".
وأوضحت أنها "تدرس في الصف الرابع من المرحلة الأساسية بالفترة المسائية، وفي الصباح تعمل بيع المياه"، الوسيلة الوحيدة لكسب الرزق وانفاقه على أسرتها المؤلفة من شقيقان يدرسان في المرحلة الثانية والأولى من الصفوف التعليمية الأساسية وثالث رضيع.
وتجسد قصة "نورة" عبث الوكالات الدولية بالمعونات الغذائية حيث لم تتلق العائلة منذ شهور أي سلل غذائية تخفف من الأعباء التي تتحملها الطفلة اليمنية، ما يعد عامل آخر يغذي عمالة الأطفال بجانب حرب مليشيات الحوثي التي أجبرت الآلاف لحمل مسؤوليات أسرهم.
aXA6IDMuMTMzLjEyMy4xNjIg
جزيرة ام اند امز