عالم السيارات السحري.. نظرة سريعة على مستشعرات القيادة الآلية
عندما يشاهد المرء إحدى السيارات المزودة بنظام القيادة الآلية يلاحظ تحرك مقود السيارة من تلقاء نفسه، ويشعر أن هناك مجموعة من السحرة من رفقاء هاري بوتر يتحكمون في السيارة،
ولكن في حقيقة الأمر يتم التحكم في السيارة بواسطة مجموعة من الأنظمة المساعدة المتطورة، والتي تستمد معلوماتها من مستشعرات تراقب محيط السيارة عن كثب.
وفي سيارة مرسيدس بنز من الفئة S الجديدة يتولى نظام المساعدة Drive Pilot قيادة السيارة بمفرده على الطرق السريعة حتى سرعة 60 كلم/ساعة، ويعتمد هذا النظام، الذي يتم الترويج له كمساعد القيادة في التكدسات المرورية، على مجموعة من المستشعرات المختلفة.
وأوضح جريجور كوجلمان، مدير تطوير أنظمة مساعدة السائق بشركة مرسيدس بنز الألمانية قائلا: "لا تتولى السيارة زمام القيادة إلا في حالة استيفاء الظروف الخارجية".
كاميرا ستريو
وتعتبر كاميرا ستريو أحد المستشعرات لنظام القيادة الآلية، وأوضح البروفيسور كريستوفر شتيلر، من قسم تقنيات القياس والتحكم بمعهد كارلسروهه للتكنولوجيا (KIT)، أن هذه الكاميرا تشبه العين البشرية، ومع ذلك تحتاج السيارة إلى أكثر من مجرد عدستين للحصول على نظرة شاملة للنطاق المحيط بالسيارة.
وأكد البروفيسور الألماني أن كاميرات الستريو ترى ما تراه العين البشرية، مثل علامات حارات السير والألوان الخاصة بإشارات المرور واللافتات الإرشادية على الطريق، ولكن يعيب كاميرات الستريو أنها لا ترى لمسافة بعيدة جدا؛ حيث يبلغ الحد الأقصى لها 80 مترا، وتعتبر هذه المسافة قصيرة عند القيادة بسرعة عالية.
أنظمة الرادار
وتعتبر أنظمة الرادار أفضل من كاميرات الستريو عندما يتعلق الأمر بالرؤية لمسافات بعيدة، إلا أن هذه الأنظمة، بحسب ما أوضحه البروفيسور الألماني كريستوفر شتيلر، لا تتعرف على الألوان الخاصة بإشارات المرور أو اللافتات الإرشادية على الطريق أو العلامات الخاصة بحارات السير، ويتم الاعتماد على أنظمة الرادار في السيارات منذ عام 2000؛ حيث يتم استخدامها على سبيل المثال في منظم السرعات المحافظ على مسافة الأمان.
وأضاف ماركوس لينكامب، بروفيسور هندسة السيارات في الجامعة التقنية في ميونخ (TMU)، قائلا: "يمكن لأنظمة الرادار قياس السرعات بصورة جيدة، وتعتبر من التجهيزات المثالية للتعرف على الأجسام المتحركة".
مستشعرات الليدار
وعلى العكس من أنظمة الرادار فإن طريقة عمل مستشعرات الليدار تبدو مستقبلية بعض الشيء؛ حيث لا يصدر عن هذه الأنظمة أية موجات ميكروويف، ولكنها تقوم بإرسال أشعة ليزر مجمعة، وبالتالي تقوم مستشعرات الليدار بمسح النقاط الفردية في النطاق المحيط بالسيارة، وتتم عملية قياس المسافة من خلال قياس الوقت المستغرق بين عملية الإرسال والاستقبال.
وتقوم أنظمة الليدار بإنشاء صورة من هذه الانعكاسات الكثيرة؛ حيث تجمع حوالي مليون بيكسل في الثانية، ومن خلال ذلك يتم إنشاء سحابة نقطة ثلاثية الأبعاد 3D، والتي تعرض المنطقة المحيطة بدقة أعلى من صورة الرادار، وتتمكن أنظمة الليدار من تصوير الأجسام المعقدة وتمييز المشاة عن السيارات في حركة المرور.
وتتعرف مستشعرات الليدار على العلامات الخاصة بحارات السير عن طريق الانعكاسات بشكل محدود، ولكنها لا تتعرف على الألوان الخاصة بإشارات المرور على الإطلاق.
وأضاف البروفيسور الألماني كريستوفر شتيلر قائلا: "تتمثل الميزة الرئيسية لمستشعرات الليدار في التعرف على المشاة بشكل مبكر، والذين يصدر عنهم انعكاسات قليلة على العكس من السيارات أو راكبي الدراجات النارية".
وعادة ما يشتمل كل نوع من أنواع المستشعرات على مزايا وعيوب، ولكن عند الجمع بين هذه الأنواع من المستشعرات، فعندئذ يمكن توفير وظائف القيادة الآلية.
وتستقر مستشعرات الليدار في مقدمة سيارة مرسيدس بنز لعرض النطاق المحيط بالسيارة بشكل ثلاثي الأبعاد، بالإضافة إلى وجود رادار لقياس السرعة ومسافة الأمان بين السيارة والمركبات، التي تسير أمامها، كما توجد كاميرا ستريو على الزجاج الأمامي لالتقاط الصور الضوئية، وتتمكن الكاميرا المثبتة في مقصورة القيادة من التعرف على مدى انتباه ويقظة قائد السيارة، حتى لا يغفو أثناء القيادة.
وقامت الشركة الألمانية بتركيب مستشعر في مبيت العجلات من أجل التعرف على هطول الأمطار على الطريق أثناء السير؛ نظرا لأنه في حالة هطول الأمطار بغزارة يتعين على قائد السيارة تولي زمام القيادة، وعلى سطح السيارة يوجد هوائي حساس ينقل موقع السيارة بدقة اعتمادا على خرائط فائقة الوضوح.
مستشعرات فوق صوتية
وبالنسبة للنطاق القريب بالسيارة فإن المستشعرات فوق الصوتية تتعرف عما إذا كان هناك أشخاص بالقرب من السيارة، مثل الأطفال الذين يلعبون حولها، وتقوم الكاميرا المركبة على الزجاج الخلفي والميكروفونات بالتعرف على الضوء الأزرق وسيارات الطوارئ، وذلك للتأكد من أن السيارة لا تسير في حارة السير المخصصة للطوارئ في المواقف الطارئة.
وقد صرح المكتب الاتحادي للسيارات بهذه الوظيفة الجديدة لشركة مرسيدس بنز منذ كانون أول/ديسمبر 2021، باعتبارها أول شركة يصرح لها بهذه الوظيفة، والتي تتوافق مع المستوى الثالث Level 3 من وظائف القيادة الآلية المصنفة إلى خمس مستويات، وتوفر الشركة الألمانية هذه الوظيفة ضمن باقة التجهيزات الاختيارية لسيارتها من الفئة S بتكلفة تبلغ 5950 يورو.
ويتوقع ماركوس لينكامب، بروفيسور هندسة السيارات، أن يتم تجهيز جميع السيارات مستقبلا بمستشعرات القيادة الآلية، ومع ذلك لن تتغير المستشعرات في السيارات ذات المستوى الرابع Level 4 المزودة بوظيفة "القيادة الأوتوماتيكية بالكامل"، ولكن التغييرات ستطرأ على الخوارزميات وبرمجيات الأنظمة، التي ستتولى عملية القيادة على الطرق السريعة بشكل دائم.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg جزيرة ام اند امز