اشتباك إسرائيل والحوثيين.. «الجبهة البعيدة» تشعل المنطقة
بعد أكثر من 9 أشهر على شن الحوثيين هجمات عابرة بدعوى "نصرة الفلسطينيين" قررت إسرائيل فتح "الجبهة البعيدة" بضربات انتقامية استهدفت ميناء الحديدة الرئيسي باليمن.
فالغارات الإسرائيلية التي شُنت ردا على مقتل شخص وإصابة 10 آخرين بطائرة مسيرة تسللت فجأة إلى تل أبيب فجر يوم الجمعة الماضي، خلفت أكثر من 107 ضحايا من بينهم 14 قتيلا و6 مفقودين ودمرت منشآت تخزين الوقود التي تتسع لـ150 ألف طن في ميناء الحديدة، بحسب إحصائيات حديثة.
وكان معدل الخسائر لأول اشتباك إسرائيلي مع الحوثيين دلالة كافية على أن حرب "الجبهة البعيدة" ستأخذ منحى آخر في الاشتباك الدولي، وأن إسرائيل ستعمد في مواجهة الجبهات المتعددة بضربات لا تعرف الرحمة، حتى وإن كان ذلك يمنح الحوثيين "رصيدا سياسيا" ويعزز من حاضنتهم الشعبية باليمن والمنطقة.
ووفقا لخبراء يمنيين فإن "إسرائيل ستعوض ضعف بنيتها الاستخباراتية لفتح جبهة اليمن البعيدة بضربات سوف ستستهدف غالبا المنشآت الاقتصادية والحيوية، للتأثير على الجماعة، ولن توجه ضربات ذات قيمة عسكرية كما تفعله ضد "حزب الله" اللبناني للإطاحة بالقيادات العسكرية.
في المقابل، سوف يستمر الحوثيون في مهاجمة إسرائيل، بأسلحة إيرانية محدودية التأثير لن تلحق أي ضرر كبير في الجانب الإسرائيلي، وستحيل اليمن لساحة حرب بالوكالة قد تشعل المنطقة، وفقا للخبراء.
رهانات حوثية خاسرة
رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن، عبدالستار الشميري، اعتبر أن مليشيات الحوثي ليست "لديها خيارات غير إرسال بعض المسيرات والصواريخ فوق البحر الأحمر أو إلى إسرائيل وهي غالبا لا تؤدي الغرض الذي يريده الحوثي أو الذي تريده إيران".
وقال الباحث السياسي اليمني في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك رهانات خاسرة في هذه المعركة غير المتكافئة التي تخوضها مليشيات الحوثي، وسيدفع ثمنها أبناء الشعب اليمني، كون إسرائيل ستعتمد الضربات الانتقامية ضد المليشيات الانقلابية".
وأضاف أن "إسرائيل بطبيعتها تحاول أن تقمع أي جهة تشترك بالمعركة الدائرة حاليا لصهر غزة وإحراقها، وهي متحفزة لإحراق المنطقة؛ لأن إحراق المنطقة يخدم بالمجمل إسرائيل وإيران ووكلائها".
وحذر الشميري مليشيات الحوثي من إرسال المزيد من المسيرات الجديدة كون ذلك يحيل "اليمن بالفعل إلى ساحة حرب، فإسرائيل لن توقف جبهتها مع الحوثيين دون توقف المليشيات عن مهاجمتها".
وقال إن "إيران تحاول أن تستثمر بالعواطف الشعبية والروحية وتتوسع عبر مصداتها، وهي بالفعل نجحت الآن في استدراج بعض البلدان كي تكون إسرائيل حاضرة بقوة، سياسة العداء لفرض العبث والهيمنة والسيطرة".
ضرب منشآت الاقتصاد
لطالما تجنبت إسرائيل الاشتباك مع الحوثيين على مدى الأشهر الماضية، لكن ضربة الحوثي بطائرة مسيرة على تل أبيب فرضت ضرورة الردع وبعث رسالة صريحة لإيران.
ووفقا للخبير العسكري اليمني العميد محمد الكميم، فإنه لا مقارنة بين ما أحدثته مسيرة الحوثي من أثر محدود وبين رد إسرائيل العنيف من خلال استهداف المقدرات اليمنية بعيدا عن استهداف القيادات الحوثية.
وقال الكميم لـ"العين الإخبارية" إن "استهداف إسرائيل لميناء الحديدة يشكل تصعيدا خطيرا بالمنطقة، حيث إن فتح إسرائيل جبهة بعيدة لها على مسافة 2000 كيلومتر، لن تكون جبهة كبيرة، وسوف تواجه إسرائيل صعوبة في الحصول على المعلومات، والمعطيات الدقيقة لاستهداف مراكز قيادات حوثية كما تفعل مع حزب الله اللبناني".
وأشار إلى أن إسرائيل سوف تتجه لشن الضربات الانتقامية ضد المنشآت الاقتصادية كأحد أساليب الردع ضد الحوثيين على ما تعتقد به إسرائيل، في الوقت الذي لن تستطع الجماعة التأثير بردها على المعركة.
وقال إنه من "واضح اليوم أن إيران نجحت في مشاغلة العالم بعيدا عن أراضيها وحدودها، ونجحت في تحويل اليمن كمنصة لإطلاق صواريخها، وعملت على إيصال رسالتها كأحد أصحاب النفوذ في البحر الأحمر وذلك عبر أداتها مليشيات الحوثي".
وأضاف الكميم أن "إيران تعمل على تجربة أسلحتها الصاروخية في اليمن بعد أن قامت بتهريبها وإيصالها للحوثيين عبر الشريط الساحلي الطويل للبلد حيث نرى أن الحوثي كل يوم ومن خلال استهدافه للسفن في البحر الأحمر وباب المندب يعلن عن دخول منظومة أسلحة صاروخية جديدة".
وتابع قائلا إنه "يظهر في أول اشتباك إسرائيلي في تاريخ اليمن أن إيران استطاعت أن تستجلب الدمار للبلد وتحولها إلى ساحة معركة بعيدة عنها، عبر المليشيات الحوثية التي لا يعني لها اليمنيين أي أهمية أو اعتبار، في الوقت الذي ليس لديها قدرات تمكنها من إلحاق الأذى بإسرائيل، مهما امتلكت من مسيرات وصواريخ باليستية".
aXA6IDE4LjExOC4yNTUuNTEg جزيرة ام اند امز