اليمن في يوم المعلم 2023.. المعاناة تلاحق المدرسين في ظل انقطاع الرواتب
يعيش آلاف المعلمين اليمنيين أوضاعا صعبة من أجل تأمين لقمة العيش لهم ولأطفالهم، عقب انقطاع الرواتب للعام الثامن على التوالي.
وفيما يحتفل معلمو العالم في يومهم العالمي الذي يصادف الـ5 من أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، كمناسبة مميزة في حياتهم، إلا أن هذا اليوم يأتي والمعلم اليمني يعيش في أسوأ الظروف.
كما تأتي هذه المناسبة والمعلم اليمني يعيش حالة من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي والنزوح القسري والتسريح من وظيفته، بالإضافة إلى الاعتقال التعسفي والاختطافات من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية.
ويقبع أكثر من 160 ألف معلم ومعلمة في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي منذ عام 2016 بدون مرتبات، فضلا عن انعدام أبسط حقوقهم الأساسية وأقل مقومات العيش.
معاناة المعلمين القاسية
نجيب مهدي (48 عاما) أحد المعلمين في العاصمة اليمنية صنعاء دفعته الظروف الصعبة التي يعيشها في ظل انقطاع الرواتب منذ 8 أعوام إلى العمل في إحدى "البسطات" في منطقة التحرير وسط صنعاء.
ويقول المعلم اليمني نجيب مهدي، أب لـ6 أطفال لـ"العين الإخبارية"، إنه وبسبب انقطاع الرواتب وتضاعف معاناته في توفير الاحتياجات الأساسية له ولأطفاله لجأ للعمل في إحدى "بسطات الخضار" في سوق منطقة التحرير بصنعاء.
ويضيف المعلم اليمني أنه وبعد عامين من ممارسة العمل وبشكل يومي، وما أصابه من العيش في دوامة وصراع مع الحياة، من خلال انهيار الاقتصاد وتردي حركة البيع في البسطة التي يعمل بها، أصيب بمرض ارتفاع ضغط الدم، وانزلاق الفقرات أسفل الظهر.
ويشير المعلم اليمني إلى أنه رغم الأمراض المزمنة التي أصابته اضطر إلى المواصلة في البسطة، لتوفير تكاليف علاجه، واحتياجات أسرته المعيشية.
على الرغم من إجبار نفسه على العمل بشكل يومي، وعلى فترتين صباحا ومساء، يؤكد المعلم اليمني أن ما يتقاضاه من فوائد البسطة تكاد لا تكفي لتوفير أدويته التي يستخدمها بشكل يومي.
وبسبب وضعه الصحي المتردي، والذي يحول بينه وبين الخروج للعمل في كثير من الأيام، دفع ابنه الأكبر الذي يبلغ من العمر 14 عاما إلى ترك مقعده الدراسي في الصف الثامن، والخروج للعمل في أعمال البناء تارة وبيع الخضار في بسطة والده تارة أخرى، علّه يخفف عن والده بعض العبء ويكفي إخوانه وأمه ذل سؤال الناس.
حياة معيشية قاسية
حياة اقتصادية صعبة ومعيشية قاسية يمر بها المعلمون اليمنيون منذ 9 أعوام إثر انقلاب المليشيات الحوثية، ومصادرة رواتب المعلمين من البنك المركزي اليمني في صنعاء، ومختلف موارد الدولة المالية أبرزها الضرائب، وجمارك ميناء الحديدة، وتغذية المليشيات لقيادتها ومشرفيها، والذين اتخذوا من رواتب المعلمين مصدر ثراء.
وقالت مصادر تربوية لـ"العين الإخبارية" إن مليشيات الحوثي حرمت أكثر من 196 ألف معلم من رواتبهم وعمدت لصرف رواتب عناصرها فقط الذين وزعتهم على المدارس أو من تم إحلالهم بدلا عن المعلمين.
وأشارت المصادر إلى أن المليشيات استثنت المعلمين من المرتبات وتقوم بصرف رواتب عناصرها وقياداتها في المجلس السياسي، ومجلسي النواب الشورى، وقطاع الكهرباء، والاتصالات بالإضافة إلى قطاع الجمارك والضرائب وحتى الجانب الأمني والعسكري.
تجويع ممنهج
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، إن مليشيات الحوثي الإرهابية تقوم بممارسة سياسات الإفقار والتجويع الممنهج ضد الكادر التعليمي، عبر قطع المرتبات طيلة 9 أعوام الماضية.
وأضاف المسؤول اليمني، في تغريدة له على منصة "X" تويتر سابقا، أن المليشيات أيضا تمارس القمع والتنكيل وتكميم الأفواه بحق المعلمين في مناطق سيطرتها، وتجريف العملية التعليمية وإفراغها من مضمونها.
وأشار الإرياني إلى أن مليشيات الحوثي لم تكتف بوقف ونهب مرتبات المعلمين، بل فرضت قوائم بالمستفيدين من مشروع "الحوافز النقدية لدعم المعلمين والعاملين في المدارس"، الذي قدمته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" خارج كشوفات موظفي الدولة بحجة "المدرسين الفاعلين" لتبرير نهب حوافز عشرات الآلاف منهم.
وتابع: "وفي الوقت ذاته، عمدت مليشيات الحوثي على تجريف وتطييف العملية التعليمية، عبر العبث بالمناهج الدراسية، وتمزيق النسيج الاجتماعي المتماسك، وتغذية النزعات المناطقية والعنصرية والمذهبية والعرقية، وتحويل المدارس إلى أوكار لاستدراج وتجنيد الأطفال، وغسل عقولهم بالأفكار الظلامية المتطرفة، ومسخ الهوية الوطنية وإحلال الثقافة الإيرانية الفارسية".
وأكد المسؤول اليمني أن هذه الممارسات الحوثية دفعت عشرات الآلاف من المدرسين والمدرسات من مختلف التخصصات لترك أعمالهم والبحث عن مهن أخرى، أو الهجرة خارج البلد لتأمين لقمة العيش والحياة الكريمة لهم ولأسرهم.
مطالبات حقوقية
وفي بيان حديث لها، دعت نقابة المعلمين اليمنيين، الخميس، المجتمع الدولي والإنساني والمنظمات المهتمة بالتعليم وحقوق الإنسان بالضغط على مليشيات الحوثي الإرهابية لصرف مرتبات المعلمين في مناطق سيطرتها المتوقفة منذ أكثر من 7 سنوات.
وأضاف بيان نقابة المعلمين أن المعلمين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية يعيشون وضعاً مأساويًّا جراء انقطاع مرتباتهم منذ سنوات، ما دفع البعض منهم -وفق النقابة- إلى إنهاء حياتهم لعدم استطاعتهم توفير لقمة العيش وتوفير ما وصفته بـ"أبسط متطلبات الحياة" لأسرهم.
وطالبت النقابة بسرعة إطلاق سراح جميع المعلمين والتربويين المختطفين من قبل مليشيات الحوثي، وعلى رأسهم النقابي البارز الأستاذ سعد النزيل، نقيب المعلمين بأمانة العاصمة صنعاء المختطف في سجون المليشيات الإرهابية، وتحييد العملية التعليمية والمعلمين عن الصراعات وآثارها.
انتهاكات المعلمين
وثقت نقابة المعلمين اليمنيين انتهاكات مليشيات الحوثي الإرهابية بحق المعلمين، منذ انقلابها على الدولة أواخر سبتمبر/أيلول 2014 وحتى 2018، حيث قتلت 1579 تربوياً، بينهم 14 قضوا تحت التعذيب في المعتقلات، كما تسببت بإصابة 2642 معلماً.
وذكرت النقابة، في بيان سابق لها، أن نحو 20 ألفاً و142 تربوياً نزحوا إلى مناطق سيطرة حكومة اليمن.