تعز بين حصار الحوثي وبطش الإخوان.. رهان الحياة أو الموت
بات العيش في مدينة تعز، الخاضعة لإخوان اليمن والمحاصرة حوثيا منذ 9 أعوام، رهانًا بين الحياة والموت، إثر انتشار فوهات البنادق بشكل يثير الرعب.
ففي المدينة المحررة منذ أواخر 2015 يُتهم حزب الإصلاح الإخواني بأنه المسؤول الأول عن السلاح المنفلت الذي يحصد أرواح المدنيين بشكل شبه يومي، كونه الممسك بزمام الأمور العسكرية والأمنية داخل تعز، كما أن جميع المسلحين وعصابات القتل تابعين لقياداته الإخوانية.
"العين الإخبارية" تتبعت 5 وقائع دامية بتعز في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أظهرت ثمنا باهظا دفعه المدنيون إثر السلاح المنفلت الذي يتفشى بمدينة مصنفة عاصمة ثقافية للبلاد، وذات أعلى كثافة سكانية في اليمن.
من بين تلك شهدت تعز 4 وقائع اشتباكات إثر السلاح المنفلت، والذي يكتسب بعدا أمنيا يستهدف تحويل تعز إلى ساحة للاقتتال البيني شبه اليومي، وهو ما يعد خدمة مجانية يقدمها إخوان اليمن لمليشيات الحوثي، وفق مراقبين.
وأسفرت تلك الوقائع، حسب مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية"، عن مقتل وإصابة أكثر من 31 مدنيا وخسائر أخرى في الممتلكات، فضلا عن تسببها حالة من الرعب والهلع بصفوف النساء والأطفال وتعطيل مصالح الناس.
زفاف يتحول لساحة معركة
لم يكن أحد يتصور أن يتحول حفل زفاف إلى ساحة معركة بين عناصر مسلحة في مدينة تعز، وذلك بعد خلافات ومشادات كلامية تطورت إلى صدام دام وقف خلفه السلاح المنفلت في مدينة تخضع كليا للإخوان.
ووقع ذلك الأسبوع الماضي الموافق 30 سبتمبر/أيلول في بلدة "البعرارة" السكنية شمالي المدينة المكتظة بالسكان ما أدى إلى سقوط قتيل وإصابة 13 آخرين من المدنيين الحاضرين لحفل الزفاف.
مصدر محلي قال لـ"العين الإخبارية" إن العناصر المسلحة التي ينتمي غالبيتها لفصائل عسكرية إخوانية استخدمت السلاح الخفيف والمتوسط في الاشتباكات التي استمرت ساعات، قبل أن تتدخل الشرطة الموالية أيضا للإخوان لاحتواء الموقف.
وفي ذات اليوم، وقعت اشتباكات عنيفة أخرى بالقرب من جولة سنان وجامع السعيد وسط مدينة تعز، واستخدم خلالها العناصر المسلحة أسلحة خفيفة ومدافع رشاشة ما أدى إلى سقوط مدني قتيل وإصابة آخرين.
وهذه الجولة من المواجهات التي أثارت فزع السكان، وفق مصدر إعلامي لـ"العين الإخبارية"، كان بسبب خلاف قيادات إخوانية على محطة للمشتقات النفطية قبل أن تتطور إلى اشتباكات عنيفة إثر السلاح المنفلت بقبضة أيادي الإخوان.
وفي 29 سبتمبر/أيلول فجر مسلح ينتمي لأحد فصائل الإخوان قنبلة يدوية بنفسه ما أدى إلى مقتله على الفور وإصابة 5 آخرين، وذلك في حي "المرور" وسط مدينة تعز.
بحسب مصدر أمني لـ"العين الإخبارية" فإن المسلح كان يعبث بالقنبلة اليدوية مع صديقه قبل أن تنفجر به ويسقط قتيلا فيما أصيب آخرون كلهم مدنيون كانوا في موقع الانفجار.
صراعات نافذي الإخوان
تبرز المعارك الداخلية في تعز ليس فقط السلاح المنفلت وإنما صورة قاتمة السواد على صراع النافذين في تنظيم الإخوان، والذين حولوا المدينة -ذات التأثير السياسي الكبير في مشهد البلاد- إلى ساحة اقتتال من أجل المصالح الشخصية.
أحدث تلك الاشتباكات التي فجرها القياديان في تنظيم الإخوان بكر صادق سرحان وسلطان المخلافي في 22 سبتمبر/أيلول مع مسلحين كانوا يحرسون إحدى الشركات في بلدة "الضباب" على الخط الرئيسي، الشريان الوحيد غربي تعز.
مصدر أمني في تعز قال، لـ"العين الإخبارية"، إن الاشتباكات التي اندلعت في هذه الواقعة كانت بسبب خلاف بين قائد شرطة النجدة الموالية للإخوان بتعز ونجل التاجر النافذ توفيق عبدالرحيم، وصراعهما على موقع لتشييد محطة غاز.
وأشار إلى أن الأمور تطورت إلى اشتباكات بعد تغذيتها من قبل القياديين سلطان المخلافي وبكر صادق سرحان، واللذين سقطا مصابين بعد محاولتهما اقتحام وهدم سور لموقع يتبع شركة "ساسكو" لتموين كبار المستهلكين بالغاز.
صراعات النافذين الإخوان تمتد أيضا إلى تفجير المعارك للسيطرة على العقارات، كما حدث في 5 سبتمبر /أيلول عقب اشتباكات بين نافذين موالين للإخوان على قطعة أرض وسط مدينة تعز.
ووقعت الاشتباكات في بلدة "عقاقة" في مديرية المظفر إلى الغرب من تعز ما أدى إلى سقوط قتيلين وإصابة 3 آخرين، وفقا لمصادر محلية وإعلامية.
وكانت تقارير حقوقية في اليمن وثقت ارتكاب مسلحين تابعين للإخوان أكثر من 59 انتهاكا، أدت إلى سقوط 25 مدنيا قتيلا وإصابة 16 مدنيا آخرين، وذلك خلال النصف الأول من عام 2023.
التقارير الحقوقية وثقت أيضا انتهاكات الحوثيين والذي تجاوزت 470 انتهاكا ما أسفر عن سقوط 20 مدنياً بينهم 3 نساء و7 أطفال قتلى وإصابة 52 مدنيا بينهم 5 نساء و16 طفلا، خلال ذات الفترة بمدينة تخضع لحصار دام وقاس منذ 9 أعوام.