"صفر كوفيد" تُفرمل "تسلا".. ماذا يحدث في شنغهاي؟
تتبع الصين سياسة "صفر كوفيد" لمحاصرة كورونا، ما عطل شركة تسلا الأمريكية لصناعة السيارات التي شغلت مصنعها في شنغهاي بأقل من طاقته.
مما يظهر حجم المشكلات التي تواجهها المصانع هناك فيما يتعلق بمحاولة زيادة الإنتاج في ظل تشديد الإغلاق للحد من تفشي كوفيد-19، بينما تواصل العاصمة الصينية بكين مكافحة انتشار بسيط لكنه مراوغ لفيروس كورونا.
يشار إلى أن مصنع شنغهاي التابع لشركة تسلا، يعد أكبر مصانع الشركة ويمثل نحو نصف مبيعاتها السنوية من السيارات بنحو 500 ألف سيارة، وكانت تهدف الشركة إلى رفع الإنتاج إلى قرابة المليون سيارة.
وتواجه العديد من مئات الشركات، التي أعادت فتح مصانعها في شنغهاي في الأسابيع الأخيرة، تحديات في إعادة خطوط الإنتاج إلى سرعتها السابقة مع إبقاء العمال في الموقع بنظام "الدائرة المغلقة" لتجنب المخالطة.
تحديات أمام تسلا
وحتى لو تمكنت هذه الشركات من تصحيح كل شيء فإنها تعتمد على موردين يواجهون تحديات مماثلة.
وجاءت أحدث علامة على الكفاح لزيادة الإنتاج في ظل قواعد كوفيد من مصنع تسلا في شنغهاي الذي حظي استئناف العمل به قبل ثلاثة أسابيع بتغطية كبيرة في وسائل الإعلام الحكومية كمثال على ما يمكن تحقيقه رغم استمرار فرض القيود.
وأفادت مذكرة داخلية بأن شركة صناعة السيارات الأمريكية أوقفت معظم إنتاجها في المصنع بسبب مشكلات تتعلق بتأمين الأجزاء.
وخططت تسلا في وقت متأخر الأسبوع الماضي لزيادة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الإغلاق بحلول الأسبوع المقبل.
وقالت مصادر أمس الإثنين إن من بين موردي تسلا الذين يواجهون صعوبات شركة أبتيف لصناعة الأسلاك بعد اكتشاف إصابات بين موظفيها.
عمال أبل وتسلا
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت الأسبوع الماضي عشرات العمال في شركة كوانتا الموردة لشركتي أبل وتسلا، يتخطون حراس الأمن الذين يرتدون ملابس حماية ويقفزون فوق بوابات المصنع خوفا من احتجازهم في الداخل وسط شائعات بخصوص فيروس كورونا.
وكانت "تسلا" تهدف إلى زيادة الإنتاج في مصنعها في شنغهاي إلى 2600 سيارة يومياً اعتباراً من 16 مايو/أيار، حيث تسعى لإعادة الإنتاج إلى مستوياته قبل الإغلاق.
وتسببت قيود كوفيد-19 في شنغهاي وبكين وعشرات المراكز السكانية الرئيسية الأخرى ومراكز التصنيع في أنحاء الصين في خسائر فادحة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وسط تداعيات عالمية كبيرة على التجارة وسلاسل التوريد.
ويزيد عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية للصين، إذ لا يستطيع الاقتصاديون الحكم بدقة على متى يمكن للبلاد أن تسيطر على كوفيد وإلى متى وما هي التكلفة النهائية المحتملة.
وقال محللون في مؤسسة فاثوم للاستشارات في مذكرة "من المرجح أن يظل النمو في الصين رهينة مسار الجائحة معظم العام".
وتعرضت الأسواق الصينية ليوم صعب آخر اليوم الثلاثاء.
فشنغهاي، وهي مركز حيوي للتجارة والتمويل والتصنيع للصين وخارجها ويبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، تعاني من سادس أسبوع من الإغلاق على مستوى المدينة.
وتتزايد العزلة المطولة التي تُفرض بلا هوادة مع العالم الخارجي الذي يعود تدريجيا إلى أسلوب الحياة الذي كان عليه قبل كوفيد، حتى في حالة ظهور إصابات.
وتهدد الصين باتخاذ إجراءات ضد منتقدي سياستها التي تقول إنها تهدف إلى "إعطاء الأولوية للحياة" ومنع ملايين الوفيات الناجمة عن الفيروس في أنحاء العالم.
فترة حرجة
انخفض عدد إصابات كوفيد-19 الجديدة في شنغهاي منذ قرابة أسبوعين لكنها لا تزال بالآلاف وشُددت القيود.
وقال سون شياودونج، نائب مدير المركز البلدي للسيطرة على الأمراض في المدينة، "ما زلنا في فترة حرجة للوقاية من الأوبئة ومكافحتها".
وكانت المدينة تقوم بما تأمل أن يكون دفعة أخيرة لإنهاء الإصابات المكتشفة خارج المناطق التي تواجه قيودا صارمة، وهو المقياس الأكثر أهمية لما إذا كان الفيروس قد تمت السيطرة عليه أم لا.
وبينما لا يوجد إعلان رسمي، تلقت العديد من المجمعات السكنية إخطارات بأنه لن يُسمح بالخروج بعد الآن، بعد أن كان يُسمح للسكان بالذهاب في نزهات قصيرة أو لشراء مواد البقالة سريعا في السابق.
وفي بعض الحالات، فُرض حجر صحي على مجتمعات بأكملها بعد ثبوت إصابة جار واحد بالفيروس. ويتعين على العديد من سكان شنغهاي إجراء فحص سريع في المنزل قبل ساعات من إجراء الفحص الإلزامي للكشف عن الفيروس.
وتُعد الفحوص جزءا من الروتين اليومي في معظم أنحاء بكين أيضا.
ولم تشهد العاصمة بكين زيادة في عدد الإصابات اليومية بها بما يزيد عن العشرات منذ عودة المرض للانتشار في 22 أبريل/ نيسان، لكنها تجد أيضا صعوبة في خفضها بشكل كبير. ولذلك تم تشديد القيود تدريجيا.
ومنعت منطقة في جنوب غرب العاصمة السكان أمس الاثنين من مغادرة أحيائهم وأمرت بوقف جميع الأنشطة غير المتعلقة بالوقاية من الفيروس.
وفي أماكن أخرى طُلب من بعض السكان العمل من المنزل، كما مُنع تقديم خدمات تناول الطعام في المطاعم وتم إغلاق الحدائق وبعض مراكز التسوق وأماكن أخرى، ومُنع تشغيل جزء كبير من مسارات وسائل النقل العام.