شربل في "عين العاصفة".. غضب وترقب في لبنان
يسود لبنان حالة من الترقب حول تداعيات تصريحات وزير الخارجية شربل وهبة المسيئة لدول الخليج، وعما إذا كان اعتذاره سيكون كافيا من عدمه.
ويترقب اللبنانيون ما إن كانت تلك الأزمة ستتعدى استدعاء المملكة العربية السعودية للسفير اللبناني وطلب مجلس التعاون الخليجي من لبنان، الاعتذار الرسمي من عدمه.
وفور حالة الغضب التي اجتاحت دول خليجية جراء التصريحات المسيئة، اعتذر وزير خارجية لبنان شربل وهبة عن تصريحاته، فيما تبرأت الرئاسة اللبنانية منه، وهو الأمر الذي رأى فيه سياسيون وخبراء، إشارة سلبية وغير كافية.
لكن الغضب امتد أيضا إلى الشارع اللبناني، مما وصف بـ"سفاهة دبلوماسية" ارتكبها وزير خارجية بلادهم.
وفي هذا الصدد قال المحلل والكاتب السياسي محمد نمر ، إن وزير خارجية لبنان أظهر "سفاهة دبلوماسية"، وهو يمثل بشكل أول وأساسي رئيس البلاد ميشال عون، حيث عمل مستشارا له ، كما أن عون من عيّنه في هذه الحكومة.
وأضاف" نمر" في حديث لـ" العين الإخبارية" أنه "أساء( شربل ) إلى علاقة لبنان مع الدول الخليجية، وبخاصة المملكة العربية السعودية التي يسعى لبنان إلى إعادة تلك العلاقات إلى سابق عهدها بعد فضيحة تهريب المخدرات إلى السعودية الشهر الماضي.
ووصف الكاتب اللبناني، وزير الخارحية بـ"الرمانة التي كانت تحمل مخدر الكبتاجون" بالمعنى السياسي، معتبراً أنه "ظهر كتلميذ ناجح بالنسبة إلى سلفه رئيس التيار الوطني الحر، النائب جبران باسيل "الخبير في تدمير علاقات لبنان مع الدول العربية بشكل عام ومع السعودية بشكل خاص".
وأكد محمد نمر أن موقف الرئاسة اللبنانية من تصريحات شربل وهبة "غير كاف وغير مقنع"، مشددا على أن هذه المواقف تمثل "حقيقة العقلية العونية المريضة المفعمة بالعنصرية" ، في إشارة إلى الرئيس ميشال عون، وفق تصريحاته.
ومع تأكيد نمر على فداحة الخطأ الذي افتعله وزير الخارجية، قال :" نراهن حاليا على حكمة السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي، بعدم تدفيع اللبنانيين ثمن خطأ لم يرتكبوه".
من جهة ثانية يعتبر نمر أن كلام وهبة ينم عن "جهل سياسي وجهل بالتاريخ والأحداث"، متسائلا كيف نتهم دول بصناعة "داعش" وبلدنا أول من عانى من هذا التنظيم؟، لافتاً إلى أن " داعش لم يترك دولة إلا واستهدفها ما عدا إيران".
ووجه الكاتب اللبناني، حديثه لوزير الخارجية، قائلا ما علاقة حزب الله وداعش؟، من كان يشتري من داعش المحروقات في سوريا؟، ومن هرّب مقاتليه من جرود لبنان عبر الحافلات المكيفة؟.
ويلفت "نمر" إلى أن "وهبة" ظهر وكأنه "وزير خارجية يتبع نظام ولاية الفقيه الإيراني وليس لبنان بإطلاق الأوصاف يمنياً وشمالاً بالإضافة إلى دفاعه الشرس عن مليشيا حزب الله."
وأعرب عن أمله بأن تكتفي الدول الخليجية بالإجراءات التي اتخذتها باستدعاء سفراء لبنان وتقديم مذكرات احتجاج، دون اتخاذ إجراءات إضافية كسحب السفراء وغيرها، مراهناً على حكمة القيادات في هذه البلدان.
ويختم نمر حديثه، مطالبا وزارة الخارجية والحكومة ورئاسة الجمهورية اللبنانية باعتذار رسمي وواضح عن حديث وزير خارجيتهم الذي وصفه بـ"غير المسؤول".
أما النائب في تيار المستقبل محمد الحجار، فقال إن بيان الرئاسة اللبنانية تضمن " الشيء ونقيضه"، موضحاأنه"بداية البيان تقول إن وزير الخارجية لم يسم دول الخليج ويستغرب"الحملة المبرمجة .. بينما يعود في الجزء الثاني من البيان ليتبرأ مما قاله الوزير"، واصفاً إياه بأنه "يمثل رأيه الشخصي وليس رأي الدولة".
وأضاف الحجار أن " بتلك الكلمات يعترف البيان بأن الوزير كان يعني في حديثه دول الخليج"، مضيفا "ازدواجية المواقف حيلة لم تعد تنطلي على أحد".
بدوره توقع الوزير السابق والنائب الحالي نهاد المشنوق، أن تؤثر تصريحات وهبة " بشكل سلبي وكبير"على العلاقة بين لبنان والسعودية.
واعتبر في تصريح له أن "كل المحاولات لم تعد مفيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي ووصول الأزمة إلى هذا الحجم"، داعيا "وزير الخارجية إلى، ليس فقط الاعتذار، بل يجب إقالته وأن يعتزل العمل العام والعمل السياسي والعمل الدبلوماسي"، مشددا على أن "كلامه يعبر عن منطق مريض ويأتي من مدرسة سياسية مريضة".
وجاءت التصريحات المسيئة من قبل وهبه المحسوب على الرئيس اللبناني ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل.
وكان مستشار عون، في معرض دفاع مستميت منه خلال المقابلة التي بثت أمس الإثنين على قناة الحرة الأمريكية عن حزب الله الإرهابي، ليخلص إلى الإساءة لدول الخليج بالقول إن "بعض دول أهل المحبة والصداقة والأخوة، جلبت لنا (داعش) في سهل نينوى والأنبار وتدمر".
وفي بيان تبرئها، قالت الرئاسة اللبنانية، إن ما صدر عن وزير الخارجية والمغتربين شربل وهبة لمحطة "الحرة" تعبر عن "رأيه الشخصي ولا يعكس موقف الدولة والرئيس عون".
وأكدت كذلك "على عمق العلاقات الأخوية بين لبنان ودول الخليج الشقيقة وعلى حرصها على استمرار هذه العلاقات وتعزيزها في المجالات كافة، وحرص الرئيس عون على رفض ما يسيء إلى الدول الشقيقة والصديقة عموما والسعودية ودول الخليج بشكل خاص.
ومن أبرز الردود على حديث وهبة كانت تصريحات رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وقال الحريري، في بيان، إن "تصريحات وهبة تخرب العلاقات اللبنانية العربية"، مضيفا "كما لو أن الأزمات التي تغرق فيها البلاد والمقاطعة التي تعانيها، لا تكفي للدلالة على السياسات العشوائية المعتمدة تجاه الأشقاء العرب".
ورأى أن "كلام وهبة لا يمت للعمل الدبلوماسي بأي صلة، وهو يشكل جولة من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي اعتمدها وزراء العهد، وتسببت بعواقب وخيمة على لبنان".
وأكد أنه "إذا كان هذا الكلام يمثل محوراً معيناً في السلطة اعتاد على تقديم شهادات حسن سلوك لجهات داخلية وخارجية، وأنه بالتأكيد لا يعني معظم اللبنانيين الذين يتطلعون لتصحيح العلاقات مع الأشقاء في الخليج العربي ويرفضون الإفراط المشين في الإساءة لقواعد الأخوة والمصالح المشتركة".
أما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فوصف وهبه بـ"وزير خارجية حزب الله"، داعيا إلى تعيين بديل عنه حتى تشكيل حكومة جديدة أو إجراء انتخابات نيابية.
بدوره قال رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عبر حسابه على "تويتر"، إن "ما قاله وزير الخارجية المستقيل مرفوض ومستنكر وبعيد كل البعد عن تاريخ العراقة الدبلوماسية اللبنانية ويندرج في سلسلة الإساءات المدمرة لعلاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج.. حمى الله هذا الوطن من العابثين به وبشعبه".
كذلك اعتبر مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، في بيان، أن "ما صدر عن وهبه، كلام غير مقبول ومدان ومرفوض ومردوده على قائله، والتراجع عنه فضيلة، ومن يتعرض للمملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي فإنه يتعرض بادئ ذي بدء للبنان".
كذلك علقّ الوزير السابق ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية ريشار قيومجيان على حيث وهبة، بقول: "من مظاهر سقوط الحكم الرديء ارتهان سياسته الخارجية للدفاع عن سلاح حزب الله وارتباطه الإقليمي.. بوليصة التأمين على الكرامة والسيادة جيشنا الوطني.. حضرة الوزير لا من حرر الدواعش من سجونه أو أمّن لهم حافلات مكيفة سكت دهراً ونطقت كفراً، (في إشارة الى حزب الله).
وتوجه لوهبة، قائلا: "حري بك الاعتذار والخجل من أصدقاء لبنان وأشقائه العرب".
وبعد موجة الاستنكار والرفض الواسعة لتصريحات الوزير اللبناني وتبرؤ الرئاسة اللبنانية منه، قدم وهبه اعتذاره مؤكدا أنه "لم يقصد الإساءة إلى أي من الدول والشعوب العربية".
وقال وهبة، في بيان، إنه: "يهمني التأكيد، مرة جديدة، أن بعض العبارات غير المناسبة التي صدرت عني في معرض الانفعال رفضا للإساءات الموجهة إلى رئيس الجمهورية، هي من النوع الذي لا أتردد في الاعتذار عنه".
aXA6IDE4LjIxOS4xNzYuMjE1IA== جزيرة ام اند امز