طيران الإمارات لا يمكن اختزالها في شخص، فهي مؤسسة وفرق عمل متعددة ومتكاملة تعمل تحت قيادة جماعية يرأسها الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم
ما أظهرته وسائل الإعلام العالمية من اهتمام بخبر تقاعد الرجل الثاني في طيران الإمارات تيم كلارك، يعكس مدى العالمية التي بلغتها هذه الشركة الإماراتية، فالتغيرات التي تشهدها في مراحل زمنية مختلفة سواء تجارياً أو تقنياً أو إدارياً تهم صناعة الطيران بمجملها وتؤثر فيها كونها أكبر شركة طيران للمسافرين الدوليين.
نعم، إن دور الرئيس في مؤسسة عالمية مثل «الإمارات» مهم، لكن الأكثر أهمية منه أن يكون شجاعاً وكفؤاً لمستوى التحديات والمنافسة، ولديه القدرة على التفاوض والتعاطي مع عمالقة المصنعين ومزودي الخدمات بما يحقق رؤية دبي، ويلبي طموحات ورفاهية المسافرين من الجنسيات كافة.
ما دفعني إلى الكتابة عن هذا التقاعد إضافة إلى معرفتي الشخصية بهذا الرجل على مدار عقود، وهو مهني رفيع تربى وتطور مع طيران الإمارات مقال قرأته لأحد الصحفيين الأجانب، تتحدث فكرته عن أن «حقبة طيران الإمارات الذهبية انتهت بخروج رئيس الشركة تيم كلارك».
ما لم يرغب أن يذكره الصحفي الأجنبي، أن طيران الإمارات لا يمكن اختزالها في شخص واحد، فهي مؤسسة وفرق عمل متعددة ومتكاملة تعمل تحت قيادة جماعية يرأسها سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم الذي كلف الراحل موريس فلاناجن برئاسة فريقها التنفيذي لثلاثة عقود قبل أن يتولى تيم كلارك هذه المهمة.
هذه المؤسسة وتلك الفرق عملت بشكل مشترك لتنفيذ رؤية القائد الملهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بإطلاق أول شركة إماراتية وطنية للنقل الجوي عام 1985، نجحت منذ عامها الأول نتيجة جرأة سموه في المضي قدماً بالقرارات الاستراتيجية بما في ذلك إصراره على مبدأ الأجواء المفتوحة، وقراره تسيير الرحلات على أسس تجارية بعيداً عن السياسة، وشراء الطائرات العملاقة حتى في خضم أزمة المال العالمية 2008.
«الإمارات» بوجود فلاناجن وكلارك، استطاعت بقيادة الشيخ أحمد بن سعيد أن تعيد اختراع نفسها من جديد مع كل حقبة زمنية، مستفيدة من تطور صناعة الطيران تقنياً وخدمياً، فكانت المبادرة بجرأة لم تعتد عليها الناقلات الجوية، فحولت دبي إلى محور عالمي عندما اشترت الطائرات بعيدة المدى، ونجحت في إيصال أي راكب حول العالم إلى وجهته من خلال محطة توقف واحدة هي دبي، ونقلت صناعة الترفيه في الأجواء إلى مستوى غير مسبوق، ما دفع الشركات الإقليمية والعالمية لاقتفاء أثرها.
«الإمارات» مع تقاعد كلارك، ستكون قادرة مجدداً على إعادة اختراع نفسها للتواؤم مع متغيرات الأجواء، وإطلاق المبادرات الخلّاقة، حيث رؤية محمد بن راشد واضحة وقيادة أحمد بن سعيد مستمرة، وفرق العمل المواطنة والأجنبية موجودة، ودبي والإمارات في قلب الحدث وتصنعه أمام حقبة الخمسين عاماً المقبلة.
نعم، إن دور الرئيس في مؤسسة عالمية مثل «الإمارات» مهم، لكن الأكثر أهمية منه أن يكون شجاعاً وكفؤاً لمستوى التحديات والمنافسة، ولديه القدرة على التفاوض والتعاطي مع عمالقة المصنعين ومزودي الخدمات بما يحقق رؤية دبي، ويلبي طموحات ورفاهية المسافرين من الجنسيات كافة.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة