"الذئاب المنفردة" في بروكسل.. من الحانات إلى التفجيرات
الذئاب المنفردة أطلت بأنيابها في تفجيرات بروكسل الأخير، بعد أن نجحت في التخفي عن الأمن عبر التزامها بتعليمات التنظيم
لم يستطع ماثيو هينمان، مدير مركز آي.اتش.إس جين لأبحاث الإرهاب والأعمال القتالية في بريطانيا، إلقاء اللوم على الأمن البلجيكي في سلسلة التفجيرات الإرهابية التي شهدتها العاصمة البلجيكية بروكسل.
هينمان، قال لـ "لرويترز" الثلاثاء واصفًا تلك التفجيرات: "إنها ليست حالة فشل أمني أو أن الخدمات الأمنية كان من المفترض أن تتوقع حدوث الهجوم وتمنعها".
وتابع "ما حدث هو تأكيد على حجم التحدي الذي تواجهه الأجهزة الأمنية في أنحاء أوروبا لمنع هذا النوع من الهجمات؛ لأنه من الواضح أن هناك شبكة متطورة للغاية قادرة على تنفيذ هجمات فردية".
ما أشار إليه، هينمان سبق وتوقعه ميشيل حنا الحاج، الباحث بالمركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب، في مقال نشره بمجلة "الحوار المتدمن" في 2 يناير 2016.
الحاج، كتب مقالة حينها تعليقًا على تفجيرات باريس الإرهابية، وذهب فيها إلى أن الهجمات الفردية، التي سيتم تنفيذها عبر ما يعرف بـ"الذئاب المنفردة"، ستكون هي أداة تنظيم "داعش" الإرهابي في 2016.
والذئاب المنفردة، تكتيك تستخدمه التنظيمات الإرهابية عندما يتم تضييق الخناق عليها أمنيًّا، ويعني قيام شخص أو مجموعة، لا يخضعون لها تنظيميًّا، ولكن يؤمنون بأفكارها، بالتخطيط والتنفيذ لبعض العمليات الإرهابية استنادًا إلى إمكاناتهم الذاتية، ليقوم التنظيم بإعلان تبنيه للعملية، وهو ما حدث في تفجيرات بروكسل الأخيرة.
وفسر الحاج في مقاله أسباب لجوء داعش إلى "الذئاب المنفردة" قائلًا، أنها انعكاس لنجاح الأمن في إحكام قبضته على التنظيم.
وأضاف أن نجاح التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده أمريكا في إحكام قبضته على التنظيم، زاد من اضطراره إلى اتخاذ موقع الدفاع والحرص في الوقت نفسه على البقاء في الصورة، اعتمادًا على "الذئاب المنفردة" التي اقتنعت وتبنت أفكاره دون أن تنخرط في صفوفه.
وكان التنظيم، قد استنفر ذئابه المنفردة قبل 3 سنوات في بيان أصدره في سبتمبر من عام 2013، أبو محمد العدناني، المتحدث الرسمي باسم التنظيم حينها، حيث دعى فيه إلى استنفار أي مقاتل أو نصير أو موحّد، استعدادًا لمواجهة التحالف الدولي الذي وصفه بـ "الحملة الصليبية".
ووجه التنظيم – مؤخرًا – تعليمات لذئابه المنفردة، دعاهم فيها إلى الانسجام في الحياة الغربية، حتى يتمكنوا من التخفي عن السلطات الأمنية.
وقالت صحيفة "إكسبريس" البريطانية، في 10 يناير 2016، إن قيادة التنظيم أصدرت كتيبًا إرشاديًّا، من 58 صفحة، تضمن هذه التعليمات، ومنها حلق اللحى، الابتعاد قدر الإمكان عن ارتياد المساجد، حتى يتمكنوا من التخفي عن السلطات الأمنية البريطانية.
وتضمنت التعليمات ارتداء الساعات والذهب، وارتياد النوادي الليلية والحانات والحفلات الموسيقية لعقد اجتماعاتهم ومناقشة العمليات ورصد الأهداف، حتى لا يثيروا انتباه السلطات الأمنية.
كما أرشدتهم التعليمات إلى استخدام العطور الكحولية والابتعاد تمامًا عن استخدام العطور الزيتية المعروفة عن المسلمين، مثل المسك وغيرها.
ويختتم الكتيب نصائحه وتعليماته للذئاب المنفردة: "لا داع لاستخدام التحية الإسلامية المعروفة، وغيرها من الجمل الملفتة للانتباه، مثل عليكم السلام وجزاك الله خيرًا وبارك الله فيك".
وتبدو يد الأمن مغلولة في التعامل مع هذه الذئاب المنفردة، فكما يظهر من تلك التعليمات، ستكون هناك صعوبة في تمييزهم عن المواطنين العاديين داخل المجتمعات.
ولا يعني ذلك، إعفاء الأمن من أي مسئولية، ولكن قبل الأمن يظهر دور الفكرة، فالذئاب المنفردة يتم صيدها بـ "الفكرة"، ولابد من مواجهتها بالفكرة أيضًا.
aXA6IDE4LjE5MS4xMDcuMTgxIA== جزيرة ام اند امز