الأزمة الاقتصادية في ليبيا.. هل تستعصي على الحل؟
الحاجة إلى تبني سياسات اقتصادية تقدم الحل السريع، وزيادة مُعدل الشفافية بين المسؤولين والشعب في ليبيا باتت واجبة..
فيما يتعلق بموضوع إعادة تفعيل نظام جباية الضرائب على السلع والمتوقف حالياً كأحد مصادر الدخل يعتقد "أبولسين" بأن اللجوء إلى النظام الضريبي في الوقت الراهن سيُسهم في تأجيج المشكلة إلى أبعد من أزمة السيولة، لأن هذه الضرائب هي ضرائب مباشرة يدفعها الممول و يتحملها المُستهلك المتأثر أصلاً بالضائقة المالية، و سينعكس ذلك مباشرة على ارتفاع في الأسعار، ويضيف بأنه في الوقت الراهن يجب أن تُلغى الضرائب الجمركية وتتحملها الدول على الأقل مؤقتاً لأجل المحافظة على استقرار الأسعار.
يحذر "أبولسين" من تفشي ظاهرة ما أسماه "اقتصاد الحدود السائلة" و الذي يقول إنه تغديه أطراف وشبكات عالمية خارج ليبيا كعمليات التهريب الممُمنهج لبعض السلع، وتجارة البشر، وما نراه في بعض البلدان من عمليات للقرصنة، وتجارة الممنوعات، وما إلى ذلك من الأعمال غير المشروعة، حيث إن هناك الكثير من الجماعات التي تعتمد على هذه العلميات في جني الأموال وهي نشطة جدا في الجنوب الليبي، كذلك في الحدود مع تونس، ويعتبر أن هذه النشاطات بمثابة الاقتصاد الخفي وهو يؤثر بشكل مباشر على الحالة الاقتصادية في البلد دون القدرة على تحديد حجمه.
الدكتورة "حميدة أبورونية" مدير مركز البحوث والاستشارات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة طرابلس في حديث لها لبوابة "العين" تعتقد بأن السياسيين وعبر تتالي الحكومات في ليبيا يُسوقُون لعامة الناس عبر جميع وسائل الإعلام بأن ليبيا دولة ريعية ومصدر دخلها الوحيد هو النفط الخام، بينما في واقع الحال تمتلك ليبيا حجم كبير جداً من الاستثمارات الخارجية وفي كافة المجالات الاقتصادية، وتسهم هذه الاستثمارات بشكل كبير في الناتج القومي وهنا تتساءل عن أوجه صرف أرباح كل هذه الاستثمارات وتدعو لضرورة رفع معدل الشفافية بين المسؤولين والشعب فيما يخص قيمة إجمالي الدخل.
كما تنتقد "أبورونية" انتشار فكرة أن الخبراء والأكاديميين في المجال الاقتصادي ينؤون بأنفسهم عن البرامج العلمية في المجال الاقتصادي خشية الإدلاء بآرائهم الاقتصادية حتى لا يتم تحميلهم على تيار سياسي معين، وتقول أن هذا سيؤدي إلى فقدان الكثير من الخبرات الاقتصادية التي يفترض بها أن تساهم في حل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.
وفي حديث لبوابة "العين" مع الدكتور "صابر الوحش" الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة طرابلس يُعزي الأزمة الاقتصادية بالدرجة الأولى إلى هشاشة الوضع الأمني من جهة، وإلى ضعف النظام المصرفي من جهة أخرى، فقلة السيولة النقدية في المصارف، إضافة إلى الارتفاع الكبير في الأسعار، والانخفاض في الدخل الحقيقي للمواطن، كل ذلك يستوجب ضرورة اتخاد تدابير سريعة لحل المشكلة عبر تطوير عمل النظام المصرفي، علاوة على تقنين آلية تسيير و إدارة الاعتمادات المستندية، أيضاً المراقبة الصارمة للأسعار عند وصول السلع المستوردة.
يضيف "الوحش" بأن مثل هكذا حلول سريعة تحتاج إلى تكاثف كل الجهود فيما بين وزارة الاقتصاد، ووزارة المالية و مصرف ليبيا المركزي.
و يعتقد أن أكبر عقبة تواجه إعادة تفعيل نظام جباية الضرائب الذي يدعو له البعض هو إنشاء منظومة عمل اقتصادية متكاملة، ولكن في الوقت الراهن ووفق الظروف الراهنة لا يمكن بأي حال من الأحوال إنشاء هكذا منظومة وذلك لاحتياجها إلى أجهزة ومؤسسات كثيرة في الدولة لمراقبة سير العمل، فعلى سبيل المثال من أهم الجهات الخاصة بمنظومة العمل هذه والمعني بمراقبة الأسعار هو "الحرس البلدي" والذي هو الآن مُعطل ولا يُقدم أي خدمة بالتالي، فإن الحديث عن إعادة تفعيل نظام عمل جباية الضرائب سوف لن يكون الحل الآني للمشاكل القائمة.