تركيا تدخل اختبار دولة القانون مع بدء محاكمة صحافيين شهيرين
القضاء التركي يبدأ محاكمة صحافيين باتا رمزا للضغوط المتزايدة التي يمارسها الرئيس رجب طيب أردوغان على وسائل الإعلام.
في اختبار جديد لدولة القانون في تركيا، يبدأ القضاء التركي اليوم الجمعة محاكمة صحافيين باتا رمزا للضغوط المتزايدة التي يمارسها الرئيس رجب طيب أردوغان على وسائل الإعلام، وذلك لنشر مقال عن اعتراض قوات الأمن التركية لشاحنات عائدة لجهاز الاستخبارات التركي تنقل أسلحة لمقاتلين إسلاميين في سوريا.
ويمثُل رئيس تحرير صحيفة "جمهورييت" جان دوندار ومدير مكتب الصحيفة في أنقرة أردم غول، المعارضان الشرسان للحكومة التركية منذ وقت طويل، أمام المحكمة الجنائية بإسطنبول لتهم خطيرة قد تعرضهما للسجن المؤبد.
والرجلان اللذان وضعا في الحجز الاحتياطي 3 أشهر، متهمان بالتجسس وكشف أسرار دولة، والسعي إلى قلب نظام الحكم ومساعدة منظمة إرهابية.
وفي مايو/ آيار 2015 نشرا مقالا مدعوما بصور وشريط فيديو التقط على الحدود السورية في يناير/ كانون الثاني 2014 يظهر اعتراض قوات الأمن التركية لشاحنات عائدة لجهاز الاستخبارات التركي تنقل أسلحة لمقاتلين إسلاميين في سوريا.
وأثار المقال غضب أردوغان الذي نفى باستمرار دعمه لحركات إسلامية سورية متطرفة مناهضة للنظام.
وتوعّد أردوغان بلهجة غاضبة قائلا: "إن من نشر هذه المعلومة سيدفع ثمنا غاليا، لن أدعه يفلت من العقاب".
وبأمر من النيابة وضع الصحافيان في الحجز الاحتياطي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وطلب المدعي العام إنزال عقوبة السجن المؤبد بهما.
لكن في 26 فبراير/ شباط الماضي أمرت المحكمة الدستورية، إحدى آخر المؤسسات التركية التي لا تزال خارج هيمنة حزب الرئيس بعد 14 عاما من توليه الحكم، بالإفراج عنهما الشهر الماضي، معتبرة أن حقوقهما انتهكت.
اختبار لدولة القانون
وأكد أردوغان حينذاك في خطاب نقلته القنوات التلفزيونية: "آمل ألا تعيد المحكمة الدستورية الكرة بطريقة من شأنها أن تضع مسألة وجودها وشرعيتها على المحك"، مهددا بحلها.
وفي هذا المناخ، أعلن جان دوندار (54 عاما) أن محاكمته ستتحول إلى محاكمة للحكومة. وأعلن في بداية مارس/ آذار"لن ندافع عن انفسنا بل سنحاكم جرائم الدولة". وينشر اليوم الجمعة كتابه الجديد بعنوان "لقد اعتقلنا"، ووعد فيه بكشف مصدر المعلومات التي سمحت له باتهام الحكومة بتسليم أسلحة للإسلاميين.
وأثار اعتقال الصحافيين والاتهامات الموجهة ضدهما من القضاء والنظام في تركيا جدلا كبيرا في صفوف المعارضة والمنظمات غير الحكومية للدفاع عن الحريات وعواصم أجنبية عديدة التي تنتقد منذ سنوات تسلّط أردوغان.
وأمس الخميس، أعلن الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف دولوار الذي سيحضر المحاكمة أن "محاكمة دوندار وغول اختبار لدولة القانون في تركيا". وأضاف "ندعو المحكمة إلى إسقاط التهمة السخيفة الموجهة إلى الصحافيين".
وتأتي تركيا في المرتبة 149 من 180 دولة في التصنيف العالمي لمنظمة مراسلون بلا حدود. وشن النظام التركي هجوما غير مسبوق على وسائل الإعلام تحت غطاء التصدي "للدعاية الارهابية".
وكانت مجموعة "زمان" القريبة من عدو أردوغان الأول الداعية فتح الله غولن، آخر ضحاياه، بعد وضعها تحت الوصاية القضائية مطلع الشهر الماضي.
وعشية المحاكمة كتب 100 من مشاهير الكتاب بينهم حائز نوبل للسلام ماريو فارغاس ايلوزا (البيرو) والجنوب إفريقي جاي ام كوتزي رسالة إلى أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، لتغيير القوانين التي تضيق بلا موجب على حرية التعبير. ووسط موجة الاعتداءات لا يتوقع أن تجد هذه الدعوة صدى.