خبراء لـ"العين": التصعيد "الصدري" يُعجّل بحل البرلمان العراقي
توقع خبراء ونواب في البرلمان العراقي في حديث لـ"العين حالةً من التصعيد للاحتجاجات وتأزم الوضع السياسي تصل لحد حل البرلمان
أمهل زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدي الصدر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حتى الغد السبت لإعلان حزمة إصلاحات حقيقية ووزارة التكنوقراط المرتقبة، استجابة لمطالب الشعب وليس للكتل السياسية.. وهدد بالتصعيد حال عدم استجابته لذلك.
جاء ذلك فيما توقع خبراء ونواب في البرلمان العراقي في حديث لبوابة "العين" الإخبارية حالة من التصعيد للاحتجاجات وتأزم الوضع السياسي تصل لحد حل البرلمان في ظل بطء الإصلاحات وتركيزها على الأمور الإجرائية دون الجوهرية وصراع الكتل السياسية، وعدم قدرة العبادي على إحداث توافق حول برنامجه الإصلاحي وتغيير الحكومة.
وقال النائب عن "تحالف القوي" السني محمد نوري لـ"بوابة العين" الإخبارية إن المخرج هو ذهاب العبادي إلى تشكيل حكومة أغلبية من حزبه "الدعوة" ومن يأتلف معه، وتكون هناك معارضة برلمانية يكون دورها رقابة ومحاسبة الحكومة، في ظل غياب التوافق السياسي بين الكتل ورئيس الوزراء.
وأشار إلى أنه اقترح تشكيل جبهة معارضة داخل البرلمان، وقال "بعد أن شاركنا في الحكومة ووجدناها ليست بالمستوى المطلوب، سنؤيد العبادي إذا ما ذهب إلى حكومة مستقلين تكنوقراط".. لافتا إلى أن التصعيد هو المرجح خلال الأسبوع المقبل مع انتهاء المهل الممنوحة لتشكيل الحكومة واستمرار احتجاجات المتظاهرين.
وأوضح أنه في حالة عرض العبادي تشكيلة حكومة التكنوقراط على البرلمان فلن تحظى بالثقة لأنه لم يتشاور مع الكتل السياسية بشأن الحقائب والأسماء، والكتل أيضا رفضت ترشيح أسماء من قبلها على اعتبار عدم وضوح صورة التغيير وهل هو جزئي أم شامل، والأمور ستزداد تعقيدا إذا ما طلب التيار الصدري تصويت البرلمان على ترشيحاته التي أبلغها لرئيسي مجلس النواب والوزراء.. واصفا الوضع السياسي بأنه" مبهم ويذهب إلى المجهول" بالنسبة لطبيعة الإصلاحات والتغيير.
وزراء تكنوقراط
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي عبد الكريم حطاب احتجاجات التيار الصدري صورة من صور رفض نهج الحكومة العراقية لعدم إنجازها الإصلاحات بشكل جذري واكتفائها بالأمور الإجرائية والشكلية التي لم تلمس حياة المواطنين، مما دفعهم للخروج للشارع احتجاجا على بطئها وعدم محاسبة الفاسدين.
وكشف حطب لـ"العين" الاخبارية أن العبادي يمتلك تشكيلة لوزراء تكنوقراط اختارتها لجنة الخبراء المستقلة برئاسة مهدي الحافظ، معربا عن اعتقاده بأن العبادي سيطرح التغيير الوزاري على مرحلتين حفاظا على تأييد الكتل السياسية بالبرلمان، الأولى تشمل تسعة وزراء، إذا مانجحت ونالت ثقة البرلمان يستكمل التغيير في وقت لاحق.
وتوقع رفض البرلمان للتعديل الوزاري المرتقب وأن العديد من الكتل أعلنت أنها لن تقدم مرشحين للعبادي ولم يؤخذ رأيها في المرشحين التكنوقراط التي أسندت مهمة اختيارهم للجنة خبراء، والمؤشرات تؤكد رفض البرلمان وعندها سيكون التيار الصدري مطالبا بخطوات أخرى لا سيما إذا ما رفضت ترشيحات العبادي أو كتلة "الأحرار" التابعة للتيار الصدري، وساعتها سيرفع المتظاهرون شعارا جديدا وهو"حل البرلمان".
وكان ثلاثة وزراء من كتلة "مواطن" التابعة للمجلس الإسلامي بزعامة عمار الحكيم كشفوا أمس عن تعليق مشاركتهم في حكومة العبادي، كما وضع وزراء التيار الصدري قبل أيام استقالتهم تحت تصرف مقتدى الصدر، وهما كتلتان شيعيتان ضمن "الائتلاف الوطني" أكبر الكتل البرلمانية التي تضم أيضا ائتلاف"دولة القانون" بزعامة نوري المالكي.
"الثلة الضالة"
وأدى آلاف المتظاهرين والمعتصمين العراقيين "صلاة جمعة موحدة" اليوم بساحة كرادة مريم بآلاف المتظاهرين الذين يشاركون المعتصمين الصلاة رافعين أعلام العراق، تلبية لدعوة الصدر دعما لمطالب الإصلاحات ومحاربة الفساد وتشكيل حكومة "تكنوقراط" مستقلة.
وتلا خطيب الجمعة أسعد الناصري كلمة الصدر، أكد فيها ضرورة الحفاظ على وحدة العراق، وطالب العراقيين بكافة مكوناتهم بإنقاذ البلاد ممن وصفهم "الثلة الضالة" وليس من داعش فقط الذي نبت من الفساد بالعراق، ودعا الجميع إلى الشعور بالمسؤولية وحماية العراق من الفساد والمفسدين ودعم الإصلاحات بالطرق السمية.
وأضاف: إذا ما أعلن العبادي غدا عن إصلاحات مقبولة وحكومة التكنوقراط المستقلة، وليس حزب السلطة وسلطة الحزب سندعمه باحتجاجاتنا السلمية أكثر، أما إذا ما لم يعلن حزمة الإصلاحات والوزارة ستكون لنا وقفة نعلنها غدا بعد اليأس منه، ولن نكتفي بالاعتصام أمام المنطقة الخضراء والاحتجاجات السلمية التي لا تمس إلا الفساد والمفسدين.
وتابع: إذا ما عرض العبادي على مجلس النواب العراقي حزمة الإصلاحات ووزارة التكنوقراط ولم يحظ بالتصويت اللازم لتمريرها فإن الاحتجاجات ستكون ضد الرافضين في البرلمان وبالأسماء.. وشدد الصدر ضرورة الالتزام بالسلمية ومنع المندسين من اختراق الاحتجاجات والاعتصام، وقال: إن "انضباطكم شهد به الصديق والعدو فلا تضيعو ذلك".
وتوافد المئات من المتظاهرين إلى ساحة التحرير وسط بغداد قبل ظهر اليوم، وعبروا عقب تجمعهم جسري الجمهورية والسنك المؤديين إلى ساحة "كرادة مريم" للانضمام إلى المعتصمين وأداء الصلاة، على أبواب المنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تحوي مقرات البرلمان والحكومة والرئاسة والسفارات العربية والأجنبية، تلبية لدعوة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
تشديد أمني
وفرضت قوات الجيش والشرطة إجراءات أمنية مشددة وسط العاصمة العراقية، لا سيما بمحيط ساحة التحرير وجسري الجمهورية والسنك المؤدين إلى ساحة الاعتصام بكرادة مريم ومحيطها، حيث تجري إجراءات تفتيش أمنية للداخلية إلى موقع الاعتصام.. كما أغلقت القوات الأمنية اليوم شوارع السعدون وأبو نواس المؤديين لساحة التحرير.
وكان الصدر دعا العراقيين إلى التجمع في ساحة التحرير وسط بغداد والعبور لموقع الاعتصام لأداء صلاة موحدة مع المعتصمين أمام بوابات الخضراء تحت شعار "الوحدة والإصلاح"، مؤكدا ضرورة أن يكون دخولهم للمنطقة وخروجهم بعد انتهاء الصلاة سلميا مع بقاء المعتصمين.. وطالب بمنع سفر المسؤولين المتهمين بالفساد خارج العراق وإعادة من فرّ منهم.
ويتظاهر العراقيون يوم الجمعة من كل أسبوع اعتبارا من 31 يوليو الماضي بساحة التحرير وعدد من المدن العراقية للمطالبة بمحاربة الفساد وتحقيق الإصلاحات التي دعا إليها العبادي ووافق عليها البرلمان وتدعمها المرجعية الدينية العليا.. واعتصم المتظاهرون أمام أسوار المنطقة الخضراء وسط بغداد اعتبارا من يوم 18 مارس بناء على دعوة الصدر، الذي أمهل الحكومة 45 يوما لتطبيق برنامج الإصلاحات الشامل ومحاربة الفساد تنتهي في 29 مارس الجاري.