طرابلس غداة وصول "السراج".. عطلة وترقب ومناوشات
الحركة في الشوارع لا تزال هادئة مع عدم خلو الشوارع من المارة، وتسود حالة من من الترقب والانتظار لما ستحمله الساعات القادمة.
تسود العاصمة الليبية طرابلس حالة من الهدوء الحذر، في اليوم الثاني لوصول المجلس الرئاسي لحكومة الإنقاد، في وقت لا يزال أعضاء المجلس يتخذون القاعدة البحرية "أبوستة" مقراً لهم حتى يتم تأمين المقر الذي سيمارسون منه مهامهم.
ويرجح أن يكون المقر منتجع "مدينة النخيل" الواقع في منطقة "جنزور" غرب مدينة طرابلس.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم، اليوم الخميس، عطلة في جميع المؤسسات التعليمية بمدينة طرابلس، بسبب ما أسمته "تدهور أمني"، ويبدو أن قرار وزارة التعليم سرى على باقي القطاعات والمؤسسات، فالحركة في الشوارع لا تزال هادئة مع عدم خلو الشوارع من المارة.
وتسود حالة من الترقب والانتظار لما ستحمله الساعات القادمة.
وعقب وصول المجلس الرئاسي يوم الأمس العاصمة طرابلس، شهدت المدينة بعض المناوشات والقلاقل من مجموعات مسلحة رافضة له، لكن سرعان ما انسحبت من مواقعها بعد انتشار قوات من مجموعة كتائب مُسلحة مؤيدة له.
ولم تلبث حتى تمكنت من تأمين كامل وسط المدينة، ما أسهم بخلق نوع من الطمأنينة للمواطنين الذين كانوا في حالة من التوجس عما سيترتب عن دخول حكومة السراج.
على الصعيد السياسي، تحدث "خليفة الغويل"، رئيس حكومة الإنقاد التابعة للمؤتمر الوطني العام في طرابلس، في مؤتمر صحفي، رافضاً فيه دخول أعضاء المجلس الرئاسي للبلاد ومطالباً إياهم بخيار تسليم أنفسهم أو المغادرة.
رئيس المجلس الرئاسي "فائز السرّاج" من جانبه استهل مسيرته بمؤتمر صحفي شدد فيه على ضرورة الحوار بين أبناء الشعب الليبي ونبذ الخلافات، والتأكيد على بناء دولة المؤسسات والقانون، كذلك العمل على مكافحة الإرهاب المتمثل في سيطرة "داعش" على بعض المناطق في ليبيا.
ولعل أبرز ما يهم المواطن البسيط من هذا الخطاب الاستهلالي هو إشارته إلى توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة بين حكومتين كمصرف ليبيا المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط، لما لهما علاقة مباشرة بحياة المواطن.
كما أرسل "السرّاج"، في مؤتمره الصحفي، رسائل تطمين للمواطنين عبر تصريحه بأنه قد وضع تصوراً لإيجاد الخطط والمعالجات الاقتصادية والمالية اللازمة لحل الأزمات الحالية.
المحلل السياسي "محمد بعيو"، في حديث له لبوابة "العين" الإخبارية، يرى أن أبرز التحديات التي تواجه حكومة السراج الآن هو ضرورة حصولها على الثقة من البرلمان لأن وجودها الحالي بالداخل لا يزل يعاني من نقص قانوني يعيق ممارستها لمهامها طالما لم يتم اعتمادها من البرلمان وفق ما جاء في الاتفاق السياسي.
من جهة أخرى يرى "بعيو" أنه لا يفترض أن يبقى البرلمان تحت سيطرة فئة قليلة تعرقله وتعيق عمله وتعطله من خلال عدم إكمال النصاب القانوني لاجتماعه ومنحه الثقة للحكومة الجديدة.
للخروج من المرحلة الحرجة التي تمر بها البلد يُرجع "بعيو" ذلك لثلاثة عوامل مهمة، أولها شعور كل السياسيين "خصوصاً" أعضاء البرلمان بأهمية تغليب مصلحة الوطن والحسّ الوطني، ويعتبر ذلك صفة مسؤولية شخصية لزم على كل المعنين التحلي بها، والعامل الثاني هو حجم الضغوط الدولية والإقليمية على كل الأطراف، معتبراً أن مجلس النواب مُنقسم إلى عدة تيارات تدعمها دول عربية وأجنبية، أما العامل الثالث فهو قدرة المجلس الرئاسي على المناورة والمبادرة والصبر وتقديم العمل الإيجابي في مواجهة النقد الذي يُوجه له من الكثير من الجهات.
ويلخص "بعيو" في أبرز ما يواجه حكومة "السراج" بعد حصولها على الثقة من البرلمان في مهمة تغليب لغة السياسة على لغة السلاح، وأن يُصبح الحوار ليبياً في داخل ليبيا على أرضية المصلحة العليا المشتركة للوطن، يأتي بعدها تنفيذ ما كان قد حدده في برنامجه من حل المشاكل والأزمات القائمة والمرتبطة بحاجات الناس.
فيما يرى الصحفي "يونس علي يونس" أن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة هو الوضع الأمني وانتشار السلاح بين المجموعات المسلحة وعدم القدرة على ضبطه، لا سيما أنه هناك بعض المليشيات التي أُعطيت الصبغة الأمنية والرسمية في السابق، ما يجعل من الصعوبة بمكان مواجهتها اليوم بعد أن أمسكت بزمام الكثير من الأمور داخل العاصمة، علاوة على وجود عصابات مأجورة تتغير حسب الأوضاع السياسية.
ويضيف "يونس" بالنسبة لحكومة السراج فإنها وإن استطاعت الدخول للعاصمة فلا أظن بأنها ستنفذ خارطتها كما ينبغي لأن هناك من يتربص بها حتى تكون مثل شقيقاتها "المؤقتة" و"الإنقاذ" وغيرهما اللواتي لم يستطعن أن يقدمن شيئا بل زِدن الطين بلة.
كما يعتقد بأن الدعم الخارجي ليس كافيا بل يجب أن يحدوه دعم شعبي ومؤسساتي من أجل الدفع بهذه الحكومة، فالمشكلة تكمن دائما على الأرض ولن يكون الانتصار انتصاراً إلا إذا وجد مقوماته الحقيقية.
ويلخص "يونس" ما يحدث الآن من أزمات بأنه جاء نتيجة لتراكمات سابقة عقِبت ثورة فبراير حيث إن هناك الكثير من القرارت التي اُتخذت كانت سببا لما يحدث اليوم.
وبجولة في وسط شوارع العاصمة طرابلس التي يسودها الهدوء ولا تزدحم بالمارة كثيراً على غير العادة مع خلوها من أي حواجز أمنية التقت بوابة "العين" الإخبارية "جمال العريبي" 29 عاماً وقال بأنه خرج ليتجول في المدينة ويتعرف على الوضع القائم بعد دخول الحكومة الجديدة يوم أمس مع تعبيره عن تأييده التام لها والتي يعتقد بأنها ستُخرجُ البلاد مما تعانيه من أزمات.
أما الحاج "محمد بن عمر" 69 عاماً فأعرب عن ارتياحه لما حصل يوم الأمس، والذي كان على العكس مما توقع هو والكثيرون، من أن دخول الحكومة قد يجعل العاصمة تعيش حالة حرب ضروس بين من مع ومن ضد حكومة الوفاق، ويعتبر بأن هذا مؤشر جيد على سير الأمور على ما يرام.
فيما ينظر "أحمد مصطفى" للأمور بشيء من التحليل، مُعتبراً أن قدرة "السرّاج" وحكومته على الحصول على التأييد الشعبي الكامل مرهونة بما سيقدمه خلال الأسبوعين القادمين، فإذا تمكن من توفير السيولة في المصارف، وصرف المرتبات المتأخرة، وتخفيض سعر الدولار، فإن كل أفراد الشعب ستقبل به وهم من سيمنحونه الشرعية حتى بدون موافقة البرلمان.
وتبقى الساعات القادمة، وأيضاً الأيام والأسابيع القادمة حُبلى بالأحداث والمستجدات، وربما المفاجآت، فالسراج في العاصمة طرابلس، ولم يحصل على ثقة برلمان طبرق، وحكومة الغويل ترفضه ولا تعتبره شريكا في الوطن ولا تزال أيضاً في العاصمة، فيما المواطن يعيش حالة من الترقب والانتظار على أي حال ستصير حال البلاد.
aXA6IDMuMTQwLjE4NS4xOTQg جزيرة ام اند امز