الانزلاق الغضروفي.. هذا ما جناه عليّ الكومبيوتر
"الديسك" أو الانزلاق الغضروفي يظهر نتيجة قضاء الإنسان ما يقارب الـ9 ساعات مقيداً في عمله دون حركة
تعتبر أمراض العامود الفقري، وخاصة الانزلاق الغضروفي "الديسك" من أمراض العصر الشائعة، نتيجة قضاء الإنسان ما يقارب التسع ساعات مقيداً في عمله دون حركة، والتزامه بإداء واجباته أمام شاشة الكمبيوتر. الكثير من الآلام تظهر على آخر الظهر وأحياناً الرقبة، ليظهر التشخيص إصابة الشخص بـ"الديسك" الذي يؤثر على مسار حياتهم دون شك.
تقول فاطمة التلاوي البالغة من العمر 39 عاماً: أُصبت في الديسك منذ عمر الثلاثين، بين الفقرة الرابعة والخامسة. وهذا نتج عن طبيعة عملي التي تجبرني البقاء أحيانا 15 ساعة متتالية دون توقف أمام شاشة الكمبيوتر، فأنا أعمل كمترجمة وعملي مكثف كوني أعمل في صحيفة، لقد جنيت المال الكثير وبالمقابل جنيت الألم.
تضيف: إذا لاحظنا أن مرض الديسك هو مرض لم يكن موجودا ومنتشرا بكثرة بين أجدادنا، لأن أعمالهم كانت تعتمد على الحركة المستمرة كالزراعة، أما نحن فمعظم أعمالنا مكتبية، ونجلس لساعات أمام المكتب، لقد خضعت لعمليات جراحية عديدة، تم من خلالها قص أطراف "الديسك"، وخفَّ الألم إلا أنني يجب أن أتقيّد بتعليمات الطبيب، مثل عدم الجلوس لساعات طويلة وأخذ راحة بين فترة وأخرى، وعدم الحركة المفاجئة والحفاظ على الوزن المعتدل.
التوقف عن الحياة
أما فايز الطيراوي يبلغ من العمر 42 عاماً، فهو لم يعرف أنه مصاب بمرض الديسك إلا بعد ذهابه لأكثر من طبيب، وجاءت إصابته نتيجة عمله في مهنة الخياطة التي تحتاج لانحناء الرقبة لفترات طويلة، وقد وصلت إصابته إلى العامود الفقري ولم تقف عند الرقبة. هذا الألم جعله غير قادر على المشي، فقد كان يصيب رقبته وظهره بالتشنج، بحسب ما وصف.
ولكن الطيراوي لم يخضع للجراحة وفضّل أن يعتمد على التمارين التي نصحه بها الطبيب، كالسباحة التي أصبحت من طقوس العلاج، وبعد فترة خضع لعلاج الديسك دون جراحة من خلال حقن معتمدة من وزارة الصحة وبالفعل الآن يشعر بتحسن.
بعيداً عن الجراحة
الطبيب عمار أبو صبح، المدير العام للمستشفى الإسلامي الأردني، وهو أول طبيب أردني، متخصص في علاج الألم التداخلي من جامعة ليستر البريطانية، يقول إن الانزلاق الغضروفي هو تراجع أو تمزق في أحد الأقراص بين الفقرات التي تكون العمود الفقري، موضحا أن قرص العمود الفقري هو لحمة هلامية لها مركز يتميز بالليونة مغطى بغشاء أكثر خشونة، ويحدث الانزلاق عند دفع هذا الـ"هلام" من خلال شق في الغشاء الخارجي الخشن مما ينتج عنه تهيج الأعصاب المجاورة فيؤدي إلى ألم أو تنميل أو ضعف في أحد الأطراف.
ويتابع: "تتراوح الأعراض بين ألم قليل أو عدم وجود آلام إذا أصيبت أنسجة القرص بخدوش فقط، وقد يتسبب في آلام كبيرة بالرقبة أو أسفل الظهر وهي آلام تشع وتنتقل إلى الأعضاء الطرفية في المناطق التي تغذيها الجذور العصبية المتأثرة بالانزلاق، عادة لا يتم تشخيص انزلاق الأقراص على الفور، حيث إن معظم المرضى يشعرون بآلام غير محددة في الفخذين والركبتين أو القدمين.. وقد تتضمن الأعراض الأخرى بعض التغييرات الحسية مثل خدر أو وخز، مع ضعف عضلي وغيرها."
من المعروف أن آلام الظهر الناتجة عن انزلاق غضروفي "الديسك" أو عن احتكاك في المفاصل بين الفقرات وغيرها سائدة عند كبار السن، إلا أنه لوحظ في الآونة الأخيرة أن الفئات العمرية التي تشتكي من هذه الأوجاع وتراجع العيادة بدأت تظهر في العقد الثاني إلى العقد الرابع.
عيادة علاج الألم
مرض "الديسك" له طرق تحفّظية مثل استخدام تمارين معينة وعلاج طبيعي وبعض الأدوية المسكنة، ويتم اللجوء إلى العمليات الجراحية في حدود خاصة، إلا أن عيادة علاج الألم أتاحت لملايين البشر العلاج من الألم الناتج عن الديسك دون جراحة، ومن هذه الطرق علاج الألم من خلال التردد الحراري لعلاج العصب الملتهب نتيجة ضغط الديسك، أو حقن جذر العصب الخارج من الفقرة المراد علاجها بمواد تساعد على تخفيف الضغط على العصب، وعلاج الديسك من خلال الحفر من الجلد إلى لب الديسك من خلال قسطرة واستخدام الصبغة والأشعة لضمان سلامة المريض.
نسبة النجاح
وبحسب حالة "الديسك"، فقد يكون الانزلاق به بنسبة (10%) من قطر الديسك، والحالة الثانية يكون الانزلاق بنسبة من (10-50%) من قطر الديسك، وفي الحالة الأخيرة يكون الانزلاق أكثر من النصف، في علاج الألم التداخلي نستطيع استخدام أسلوب الحفر في الحالة الأولى والثانية، أما الثالثة فهنالك طرق أخرى، مع العلم بأن 90% من الحالات في العالم يعانون من المرحلة الأولى أو الثانية.
نسبة النجاح بالطرق الحديثة وبوجود طبيب وكادر متخصص تضاهي ما يتم عمله خلال الجراحة، ما يميز هذه العلاجات أنه لا ينتج عنها التهابات أو نزيف أو تقيد المريض بأي تعليمات تحد من حركته الطبيعية بعد العلاج، كما يحدث في العلاج الجراحي. حيث تم علاج أكثر من 10 آلاف حالة منذ أربع سنوات، ومعظم المرضى يعانون من ألم بالظهر أي بنسبة (80- 85%) وباقي المرضى يعانون من أمور أخرى كألم في المفاصل أو شد عضلي وغيرها.
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNjEg جزيرة ام اند امز