تضارب حول تداعيات ضريبة القيمة المضافة على الأسعار في مصر
رغم تأكيدات قطاع البحوث التابع لوزارة المالية محدودية تأثير الضريبة على حركة الأسعار، إلا أن دراسة أخرى حذرت من تطبيقها
رغم تأكيدات قطاع البحوث والسياسات الضريبية بمصلحة الضرائب التابعة لوزارة المالية محدودية تأثيرات الضريبة على حركة الأسعار، إلا أن دراسة صادرة عن إدارة البحوث المالية بالوزارة حذرت من تطبيق القانون في حالة انخفاض الجنيه منعًا للمساهمة في صعود الأسعار.
بعد تأجيل قرابة 6 سنوات بات تطبيق ضريبة القيمة المضافة كبديل لضريبة المبيعات على السلع والخدمات أقرب للواقع وسط جدل كبير ليس داخل المجتمع فقط، بل داخل أروقة وزارة المالية نفسها حول تداعيات الضريبة الجديد التي اعتمد رئيس الجمهورية مشروع القانون الخاص بها وإحالته لمجلس النواب.
وضريبة القيمة المضافة هي ضريبة تُفرض بسعر ضريبة موحد مقترح بنسبة 14% مقارنة بـ 10% لضريبة المبيعات على كل السلع والخدمات باستثناء ما يتم إعفاؤه بموجب نص أو إخضاعه لضريبة بسعر أقل أو أعلى بناءً على اعتبارات اجتماعية أو اعتبارات الرفاهية.
ويتم فرض ضريبة القيمة المضافة على كل مراحل الإنتاج والتداول من بيع وتوزيع ولا يتم تحميلها على المستهلك النهائي كما يتضمن في ضريبة المبيعات، وتسمح القيمة المُضافة للشركات التي تقوم بجمع الضريبة بخصم الضرائب التي تم تحميلها على مدخلات الإنتاج.
وتزداد المخاوف داخل المجتمع من حدوث زيادة جديدة في أسعار الخدمات والسلع عند تطبيق القانون في المرحلة الراهنة، في ظل ارتفاع سعر الدولار وانعكاسه على ارتفاع أسعار السلع المستوردة ومدخلات الإنتاج وهو ما حذرت منه بالفعل دراسة صادرة عن إدارة البحوث المالية بوزارة المالية قبل ذلك، ومع ذلك فضّل مسئولي المالية الآن تخفيف آثار الضريبة على حركة الأسعار.
وبحسب موازنة 2015 / 2016 تستهدف ضريبة القيمة المضافة تحصيل 30 مليار جنيه تُساهم في سد العجز المتُفاقم بالموازنة.
وترصد إيمان نجم محللة اقتصاد كُلي ببنك الاستثمار اتش سي للأوراق المالية والاستثمار التداعيات الأولية لتطبيق قانون الضريبة المضافة بسعر 14% مقابل ضريبة المبيعات المقدرة بـ 10%، بقول إن المؤشرات الاقتصادية للضريبة ترصد إمكانية صعود التضخم بواقع 100 نقطة ليرتفع من 10.5% إلى 11.5%.
وأضافت أن ضريبة القيمة المضافة تفرض على سلسلة الإنتاج كلها أو تقديم الخدمات ما يعني خصم جزء من الضريبة المقررة بنسبة 14%، وعدم تحميلها كاملة على المستهلك على عكس ضريبة المبيعات، ومن ثم عدم ارتفاع الأسعار بنسبة الـ 4% الإضافية التي ستتضمنها الضريبة الجديدة.
وأوضحت نجم أنه سيكون هناك تفاوتًا في تأثير الضريبة على أسعار الخدمات والسلع، إذ هناك عدد من الخدمات ستخضع للمزيد من الضرائب بموجب قانون الضريبة المضافة مثل خدمات المحمول وشبكات الإنترنت، وهي القطاعات التي ستكون تحت الرقابة الفترة المقبلة لرصد مدى تأثير الضريبة على أسعار الخدمات المقدمة للجمهور.
واستبعدت أن يؤدي رفع الحد الأدنى للتسجيل الضريبي بالنسبة للمحال من 150 ألف إلى 500 ألف جنيه كحجم أعمال مقترح في مشروع القانون إلى دمج الاقتصاد غير الرسمي نظرًا لأنه يحتاج إلى المزيد من الحوافز حتى ينخرط في المنظومة الضريبية.
ومع ذلك أكدت محللة الاقتصادي الكُلي إنه لا يمكن التعامل مع توقعات ارتفاع التضخم بنحو 100 نقطة على إنها تقديرات نهائية، فمازالت هناك نقاط عديدة بالقانون مُبهمة حيث لم يتضمن مشروع القانون الذي اعتمدها رئيس الجمهورية ما يعرف بسلع وخدمات لجدول التي سيفرض عليها سعر ضريبة مختلف أعلى أو أقل من السعر العام لاعتبارات اجتماعية، ولا جداول الإعفاءات التي توضح السلع المعفاة من الضريبة نهائيًّا.
ويتفق هذا إلى حدً ما مع تفسير الدكتور حسن عبدالله، رئيس قطاع البحوث والسياسات الضريبية بمصلحة الضرائب الذي أشار إلى هناك خدمات سينخفض سعرها نظرًا؛ لأن ضريبة القيمة المضافة تسمح بعدم تضمين الضريبة النهائية المحملة على المستهلك ضرائب مسددة على مدخلات الإنتاج المباشرة وغير المباشرة، خاصةً أن المدخلات المباشرة تشكل في المتوسط 30% من تكلفة تقديم السلع والخدمات.
وتابع بأن هذا يعني أن المدخلات ستتحمل قرابة 3% من سعر الضريبة المقترحة بـ 14%، وبدوره ستقتصر الضرائب المُحملة على المستهلك إلى 11% أي بزيادة 1% عن ضريبة المبيعات الحالية.
ويتقارب هذا مع تصريحات وزير المالية السابق هاني قدري الذي تولى وضع ضريبة القيمة المضافة حول انعكاسها على زيادة التضخم بنسبة 1.5 إلى 2.5% في أسوأ السيناريوهات حسب دراسات صندوق النقد الدولي.
هذا بافتراض أن السوق ستخضع لرقابة أجهزة الدولة وتحديدًا جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين والتجارة الداخلية.
وتحاول الحكومة تهيئة المواطنين لاستقبال الضريبة عبر إعلان مبادرات احتواء عشوائية الأسعار التي تتسم السوق المصرية، إذ أعلن اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك قبل يومين عن نية إطلاق تطبيق جديد على الموبايل خلال أسبوعين، يتيح للمواطنين إمكانية الإبلاغ عن أية مخالفات وتجاوزات من المحال التجارية والخدمية والمنتجات المباعة.
ومع ذلك رصدت بوابة "العين" الإخبارية تضاربًا في رؤية المسئولين بوزارة المالية، إذ حذرت دراسة أعدها 4 باحثون بإدارة البحوث المالية بوزارة المالية بعد ثورة 2011 وهم عبدالله عبداللطيف ومحمد متولي دكروري ومحروسة عمر وممدوح أحمد إبراهيم من تداعيات تطبيق ضريبة القيمة المضافة أثناء فترة انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع أسعار السلع المستوردة.
وأكدت الدراسة التي حصلت بوابة "العين" الإخبارية على نسخة منها أن تطبيق الضريبة المضافة في هذه الظروف سيجعلها مسئولة بشكل كبير عن ارتفاع الأسعار ومن ثم زيادة الأصوات المعارضة لتطبيق الضريبة.
وتتطابق المخاوف التي أعرب عنها باحثون وزارة المالية مع الظروف الراهنة التي شهدت خفضًا للجنيه مقابل الدولار بنسبة 14%، وارتفاع الدولار بالسوق الموازية إلى 10 جنيهات ما انعكس في ارتفاع أسعار السلع المستوردة ومدخلات الإنتاج.
كما اقترحت الدراسة أن تكون ضريبة القيمة المضافة بواقع 10% وليس 14% كما هو منصوص عليها في مشروع القانون الحالي.
وطالبت الدراسة بتعهد مصلحة الضرائب بعدم استخدام المعلومات التي ستتضمنها إقرارات ضريبة القيمة المضافة في التحقق من صحة الإقرارات السابقة لضريبة الداخل للحد من مستوى المعارضة لاستحداث الضريبة الجديدة.
واقترحت إعفاء جميع الخدمات المالية وعمليات البنوك وصندوق توفير البريد والخدمات الصحية والتعليمية وخدمات البنوك والتأمين وإعادة التأمين وغيرها من الخدمات الأخرى التي لا تهدف لتحقيق ربح وجميع الخدمات الحكومية.
ورأى الباحثون أنه يجب إعفاء السلع الرأسمالية مثل الآلات والمعدات من ضريبة القيمة المضافة لضمان مساندة أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحفيز الاستثمار.
وتقترح المادة الثالثة من مشروع قانون الضريبة المضافة أن تبلغ سعر الضريبة على الآلات والمعدات المستخدمة في إنتاج سلعة أو تأدية خدمة 5%، ما عدا الأتوبيسات وسيارات الركوب إلا إذا كان استخدامها هو المرخص به للمنشأة.
وبالمزيد من التعمق في قانون ضريبة المبيعات الساري حاليًا، يمكن رصد مؤشرات مبدئية للسلع التي يُمكن أن تشهد تغيرًا في الأسعار عند تطبيق القيمة المضافة، في ظل اعتياد السوق على تمرير المنتجين لأي تكاليف إضافية إلى المستهلك النهائي في أغلب الأحوال.
فالقانون يشمل عدة جداول لسعر الضريبة، فهناك جدول (أ) يخضع لضريبة 5% مثل وهي: البن ومنتجات الدقيق والحلوى من عجين عدا الخبز المسعر والصابون والمنظفات الصناعية والأسمدة والمبيدات الحشرية والجبس والمطهرات والخشب المنشور طوليًّا وألواح الخشب الحبيبى.
كما أن قانون ضريبة المبيعات يُطبق على 17 خدمة فقط، ما يعني إمكانية اتساع نطاق الخدمات الخاضعة لضريبة القيمة المضافة لتشمل الإعلانات ومكاتب المحاماة والمحاسبة والعيادات الخاصة والتعليم الخاص.
فيما تندرج مجموعة من السلع تحت جدول "الاستهلاك" لضريبة ثابتة على كميات محددة للسلع مثل الشاي والسكر والتبغ والسجائر والمعسل والكحول والأدوية والنبيذ وأجهزة السمع للصم والعاهات والزيوت النباتية غير المدعومة للطعام والزيوت والشحوم الحيوانية المهدرجة والأسمنت المائي، وأسياخ الحديد للبناء.
وهنا هذه السلع قد تخضع لضريبة القيمة المضافة أيضًا بجانب الضريبة الثابتة ما ينعكس في ارتفاع أسعارها.
وعلى الجانب الآخر هناك أسعار للسلع تمتلك فرصًا للانخفاض حال تطبيق القيمة المضافية عليها، وهي سلع الجدول (ب) الخاضعة لضريبة مبيعات 25% مثل أجهزة التلفزيون والثلاجات والديب فريرز ومعدات التجميل والعناية بالبشرة والشعر والنجف.
ومن جهة أخرى، عددت دراسة حديثة أعدها المركزي المصري للدراسات الاقتصادية نهاية مارس/آذار الماضي مزايا قانون ضريبة القيمة المضافة باعتباره آلية لعلاج تشوهات ضريبية تعتري قانون ضريبة المبيعات والمنظومة الحالية.
وقالت الدراسة التي حصلت بوابة "العين" الإخبارية على نسخةً منها، إن هذه التشوهات تشمل عدم سماح قانون المبيعات بخصم الضريبة السابق سدادها على مدخلات الخدمات التي لم يشملها القانون.
وأوضحت أن هذا الخلل أدى إلى ظاهرة التراكم الضريبي في ظل تحمل مقدم الخدمة ضريبة سبق سدادها على المدخلات ضمن تكلفة الإيرادات والتي تعتبر جزء من قيمة الإيرادات النهائية التي يتم عليه حساب الضريبة.
كما أشارت الدراسة إلى وجود العديد من الاتفاقيات في قانون ضريبة القيمة المضافة تؤدي إلى خروج حزمة خدمات من الإطار العام لتطبيق ضريبة المبيعات مثل اتفاقيات المقاولات والذهب والمياه الغازية.
ولفتت الدراسة إلى أن ضريبة المبيعات مطبقة على 17 خدمة فقط وتعفي عددًا واسعًا من الخدمات.
هذا فضلاً عن أن التطبيق الحالي لنظام الضريبة يقوم على التعليمات التنفيذية الصادرة من مصلحة الضرائب والتي تتعارض مع بعضها في أحيان كثير ما يؤدي إلى عدم الثبات في التطبيق وغياب العدالة الضريبية بين الشركات، لذا فإن صدور قانون جديد يتضمن نصوص واضحة وقاطعة سيؤدي إلى تلافي التشوهات والمشاكل الحالية.
aXA6IDMuMTM1LjIxNi4xOTYg جزيرة ام اند امز