"بيبي كورد".. تخزين الأمل للعلاج من الأمراض المستعصية

بنوك الخلايا الجذعية تحتفظ بالحبل السري للمولود لمدة 30 عامًا، من أجل استخدامه في علاج المريض من أمراض مستعصية عديدة.. ما هي؟

لم تكن "أم ليث بلاونة" تعرف أن حياة ابنها ليث، البالغ من العمر 9 سنوات والمصاب بمرض "التلاسيميا" يمكن أن تتغير جذريا من خلال زرع خلايا جذعية مستخلصة من الحبل السري.

وبعد البحث المطول لحلول لهذا المرض أدركت أن هذه الزراعة ستكون هي الحل، لكن لم يتم العثور على شخص تتطابق خلاياه مع خلايا ابنها، وكان الحل الوحيد أن تلجأ لاستيراد هذه الخلايا.

وتقول الأردنية "أم ليث": "يعاني ابني من مرض التلاسيما، ونذهب شهريًّا إلى المستشفى لنقل وحدة دم له، وهذا يترتب عليه الكثير من المخاطر، فصحته لا تماثل من هم بعمره، ونتيجة نقل الدم له فالكبد والطحال من الممكن أن يتلفوا مع الوقت بسبب نسبة الحديد المرتفعة التي يتعرض لها. ويكون عرضة للالتهابات التي تهاجم جسمه بالإضافة إلى تشوهات عظمية ومخاطر لا يمكن حصرها. عندما علمت أن من الممكن علاجه من خلال الخلايا الجذعية المأخوذة من الحبل السري، توجهت إلى الأطباء، لكن كلفة الاستيراد عالية جدًّا، وتصل إلى 40 ألف دينار أردني، أي ما يعادل 57 ألف دولار. وهو مبلغ لا يمكنني تأمينه، وأنصح كل أم أن تعمل على تخزين الخلايا الجذعية لجنينها حتى لا تواجه الصعوبات التي أعيشها أنا وطفلي".

يقول رئيس مجلس إدارة بنك الخلايا الجذعية "بيبي كورد"، الدكتور ماهر الصراف، لـ"العين" إن الخلايا الجذعية أو خلايا المنشأ تعد أساس بناء الجسم هي واحدة من الاكتشافات الثورية في عالم الطب، لما لها من قدرة فريدة على التكاثر والتطور إلى أنواع أخرى من الخلايا الرئيسية، وبالتالي إعادة تجديد الأنسجة والأعضاء والأنظمة الحيوية داخل الجسم.

وأوضح أن الأهم من ذلك أن الخلايا الجذعية للحبل السري للطفل هي المطابق المثالي الذي يمكن التبرع به لمختلف أفراد الأسرة المقربين، ومن هنا جاءت فكرة تأسيس بنك للخلايا الجذعية العائلية "بيبي كورد"، حيث أن نسبة التطابق تكون 100% مع الطفل نفسه، و50 % مع والدي الطفل، و25 % مع اشقاء الطفل وشقيقاته.

ويضيف "يعد الحبل السري بحد ذاته مصدرًا غنيًا بالخلايا الجذعية الوسيطة التي تختلف عن الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري من حيث قدرتها على التمايز إلى أنواع مختلفة من الأنسجة مثل العضلات والعظام والغضاريف والخلايا الدهنية، ويمكن استخدام هذه الخلايا المستخلصة من الحبل السري في معالجة العديد من الأمراض، نظرًا لأنها غير مناعية فإنها أقل عرضة للرفض من قبل جسد المريض بعد عملية الزرع، مما يعطيها قيمة علاجية هائلة، وذلك ليس فقط لأن هذه الخلايا الجذعية موجودة بكثرة في المادةِ الجيلاتينية التي تُعرف باسم «هلام وارتون» في الحبلِ السُري، بل لأنها أيضًا بالغة المرونة إزاء التغييرات في درجات الحرارة وفي المناطق المحيطة بها مما يجعلها مصدرًا آمنًا وموثوقًا للخلايا الجذعية".

وعند سؤاله عن الأمراض التي يتم علاجها من خلال الخلايا الجذعية يبين الصراف، أوضح الدكتور ماهر الصراف أن هذه الطريقة تستخدم لعلاج اضطرابات فقر الدم النخاعية مثل الأنيميا، وفشل النخاع العظمي الوراثي، وأيضًا أمراض اللوكيميا مثل سرطان الدم الليمفاوي والنخاعي الحاد وثنائي النمط الحاد، وأمراض الأنيميا الخبيثة المزمنة، واضطرابات التي تصيب النخاع العظمي مثل تليف النخاعي الحاد، والتبدل النخاعي مجهول السبب، ومتلازمات سوء النمو النخاعي واختلالات كريات الدم البيضاء واختلالات الصفائح الدموية الوراثية، وغيرها.

وقال إن المريض الذي يتم زراعة خلايا جذعية في جسمه لعلاج مرض معين يخضع لفحوصات دائمة قبل الزراعة وبعدها، إلا أن نسبة نجاح هذه الزراعة عالية. وأشار إلى أنه حتى هذه اللحظة تم علاج أكثر من 35 ألف حالة في العالم فيما يخص أمراض الدم، بينما يعكف العلماء الآن على دراسة السبل الممكنة لاستخدام الخلايا الجذعية في علاج امراض مثل الزهايمر، السكتة الدماغية، أمراض القلب، إعادة ترميم الأنسجة والجلد، الحروق، ترميم العظام والمفاصل والغضاريف، السكري، التصلب اللويحي، وضمور العضلات.

بنوك

بنك "بيبي كورد" هو بنك خاص للخلايا الجذعية في الأردن على المستوى العائلي تم تأسيسه في عام 2005، ويتولى تخزين الخلايا الجذعية مقابل مبلغ يصل إلى 3 آلاف دينار، أي ما يعادل 4260 دولارًا تقريبًا، ومن الممكن دفعه بالتقسيط.

ويشترك في هذا البنك حاليًا آلاف الأردنيين الذين يخزنون خلاياهم نتيجة الوعي بأهمية ذلك، والأرقام آخذة بالتزايد.

ويتم تخزين الخلايا الجذعية في البنك لمدة تصل إلى 30 سنة، ضمن ظروف معينة ودرجات حرارة منخفضة جدًا.

ويمكن الاستفادة من الخلايا الجذعية للحبل السري خلال فترة لا تتجاوز 48 ساعة بعد ولادة الطفل، وكلما كان تخزينه بشكل أسرع كان أفضل.

وتجدر الإشارة إلى وجود بنوك مماثلة للخلايا الجذعية في لبنان ومصر.