التمويل الإيراني لحماس.. متاجرة سياسية تعمق الانقسام
مسؤولون وخبراء فلسطينيون دقوا ناقوس الخطر حول أهداف هذا التمويل الذي يأتي بعيدا عن الشرعية الفلسطينية
مرة أخرى يعود التمويل الإيراني المسيس لفصائل فلسطينية محددة، للواجهة بعدما كشفت حركة حماس عن تمويلات إيرانية لإقامة برج سكني بغزة، بعد أسابيع من الإعلان عن تخصيص طهران مبالغ مالية لشهداء وجرحى مسيرة العودة شرق قطاع غزة.
ودق مسؤولون وخبراء فلسطينيون ناقوس الخطر حول أهداف هذا التمويل الذي يأتي بعيدا عن الشرعية الفلسطينية وفي توقيت حساس متعلق بمحاولة الإدارة الأمريكية فرض صفقة القرن، وفصل قطاع غزة عن باقي الوطن.
مساعدات مسيسة
ويحذر محمود الزق سكرتير جبهة النضال الشعبي وأمين سر هيئة العمل الوطني في قطاع غزة من أن أي مساعدات لا تمر عبر الشرعية الفلسطينية المتمثلة في السلطة الوطنية وحكومة الوفاق هي مساعدات مسيسة ولا تكون لصالح شعبنا.
وقال الزق لـ"العين الإخبارية": المساعدات التي تقدمها إيران لصالح فصائل محددة (حماس والجهاد الإسلامي) ليست لصالح الشعب وتزيد من عمق الانقسام"، مؤكدا أن هذا التمويل المسيس ساهم في تعزيز الانقسام طوال الفترة الماضية.
وأضاف "للشعب الفلسطيني عنوان واحد، هو عنوان الشرعية المتمثل في السلطة الفلسطينية وهي التي يتعامل معها العالم بأسره، وأي التفاف على ذلك له أهداف خبيثة".
فاتورة الدم
وأعلنت وزارة الأسرى والمحررين في قطاع غزة التي تديرها حركة حماس أنها وزعت شققا سكنية بنيت بتمويل إيراني في قطاع غزة لأسرى فلسطينيين أفرج عنهم من السجون الإسرائيلية.
وقال بهاء المدهون وكيل الوزارة في بيان إن وزارته "أجرت الأربعاء (الماضي) القرعة العلنية لتوزيع 26 شقة على 26 أسيرا محرراً من بين 125 محررا مستفيدين من المنحة بتمويل من إيران، في برج الصالحي1، في حي الإسراء بمدينة خان يونس".
الكشف عن هذا التمويل، جاء بعد أسابيع من الكشف عن تخصيص إيران مبالغ مالية للشهداء والجرحى من مسيرة العودة شرق قطاع غزة، ما رأى فيه خبراء فلسطينيون بأنه محاولة من نظام الملالي لاستثمار الدم الفلسطيني لصالح أجنداتها التخريبية الخاصة.
يخرب أكثر ما يفيد
ورأى الدكتور صادق أمين الكاتب والمحلل السياسي، أن الكشف عن هذا التمويل الإيراني سواء لضحايا مسيرة العودة أو البرج السكني له دلالات حول توجهات السياسة الإيرانية التي تتعرض لعزلة دولية.
وقال أمين لـ"العين الإخبارية": "الشعب الفلسطيني يرحب بأي تمويل ومساعدة، لكنه حذر من التمويل المسيس والمؤدلج، الذي يخرب أكثر مما يفيد".
وأشار إلى أن توقيت الكشف عن استئناف التمويل لحماس في هذ التوقيت بعد الحديث عن انقطاع هذا التمويل أو تراجعه في السنوات الأخيرة على خلفية خلاف الجانبين من الموقف من الأزمة السورية يطرح تساؤلات عن أهداف إيران التي تواجه عزلة كبيرة في المنطقة.
وعبر عن مخاوفه بأن إيران تسعى لخلق بؤر توتر في غزة تحرف الأنظار عن أوضاعها الداخلية، واستخدامها ورقة مساومة في إطار مفاوضاتها مع أمريكا وأوروبا، مشددا على أن الشعب الفلسطيني يرفض أي متاجرة بمعاناته الإنسانية.
ووفق مصادر مطلعة فإن إيران تودّ من خلال هذا الكشف الجديد عن تمويلاتها تأكيد انخراطها في دعم حماس في القطاع، وتأكيد إمساكها بورقة القطاع على الرغم من الدور المتقدم الذي تلعبه مصر في المسائل التي تتعلق بشؤون قطاع غزة الأمنية والسياسية.
لماذا الآن؟
بدوره، شكك الدكتور محمد عنبتاوي، المحلل السياسي، في أهداف هذا التمويل وتوقيته، ويرى أنه محاولة للعبث وتخريب الجهود المصرية التي تتولى مسؤولية متابعة الملف الفلسطيني وتسعى لإنجاز المصالحة الوطنية.
وقال عنبتاوي، لـ"العين الإخبارية"،: "لو كانت إيران صادقة في مساعداتها لتوجهت بها عبر السلطة الفلسطينية، ولكنه تمويل مسيس وله أجندات واضح أنها بعيدة عن المصالح الفلسطينية".
ورأى أن إيران تستغل ورقة غزة في إطار صراعاتها ومفاوضاتها الدولية، عبر التلويح بورقة غزة وضبط حالة التصعيد من خلال توفير أموال للشهداء والجرحى، وكأن شعبنا يضحي من أجل أموال.
ووفق تقديرات المراقبين فإن التمويل الإيراني للقطاع يجري وفق قواعد قد لا تكون بعيدة عن قواعد التمويل القطري التي ظهرت أنها تمر من خلال آليات رقابية إسرائيلية، ولا يستبعد هؤلاء أن يكون التمويل الإيراني يمر من خلال اتفاقات قطر المالية مع إسرائيل، أو أن الدوحة تتكفل بالتمويل لحساب طهران.
aXA6IDMuMTQuMTM0LjE4IA== جزيرة ام اند امز