الاستثمارات السعودية تترقب حوافز مصرية لإصدار تراخيص مشروعات
أبدى عدد كبير من شركات المملكة عزمها ضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية، غير أنها بحاجة لتذليل تحديات تأخر التراخيص
وسط توقيع مصر حزمة اتفاقيات استثمارية وتنموية حكومية مع السعودية بقيمة 25 مليار دولار في مجالات عدة خلال الزيارة التاريخية للعاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، أعلن عدد كبير من رجال الأعمال السعوديين عن رغبتهم في ضخ استثمارات جديدة أو استكمال مشروعات متوقفة على دراسات وتراخيص.
وطالب مجموعة من المستثمرين بأن تذلل الحكومة المصرية الصعوبات التي يواجهونها خلال مراحل تنفيذ المشروعات واستصدار الموافقات والتراخيص الخاصة بها.
ويتزامن هذا مع إعلان علاء عمر الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمنطقة الحرة أن هناك 20 شركة سعودية تواجه مشاكل في مشروعاتها وجاري وضع حلول نهائية لها في إطار الآليات التي تضعها اللجنة التي شكلتها وزارة الدفاع وهيئة الرقابة الإدارية.
وهذا فضلاً عن انتهاء الحكومة من تسوية 58 حالة لشركات سعودية، ولكن الإشكالية تكمن في إجراءات التنفيذ التي تتعطل لعدم التزام الوزارات المعنية بهذه المشكلات بحلول اللجنة القانوني.
وهو ما يطرح تساؤلاً حول الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الاستثمارات المرتقبة في دفع المسؤولين المصريين نحو تذليل العقبات الاستثمارية وتهيئة المناخ أمام استقبال الاستثمارات، خاصةً في ظل مرور الاقتصاد المصري بصعوبات كبيرة فيما يتعلق بعجز الموازنة والبطالة، ما يتطلب ضخ المزيد من النفقات الاستثمارية للتخفيف من حدة هذه الأزمات.
ويمكن رصد طبيعة العقبات التي تواجه الاستثمارات السعودية من خلال تصريحات الشركات خلال اجتماع المجلس الأعمال المصري السعودي الذي انعقد خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين.
ومن أشكال النزاعات هو تعديل قرارات تخصيص الأراضي مثلما حدث مع حالة المستثمر السعودي عصام ناس الذي حصل على أرض مساحتها 5 آلاف متر بميدان سفنكس بمحافظة الجيزة، ثم تم وقف المشروع، قبل أن يتم تسويته عبر الاتفاق على إنشاء مشروع يتوزع بين 60% للمستثمر السعودي و40% لهيئة الأوقاف، ويتوقف الأمر على التنفيذ.
كما أن من بين الحالات طول آجل التصاريح الأمنية، مثل حالة الشركة السعودية المصرية للتنمية السياحية التي انتظرت 3 أشهر للحصول على التصاريح الأمنية اللازمة لبحث التأثير المروري لإقامة مشروع سياحي بتكلفة 4 مليارات جنيه على أرض فندق المارياديان بالقاهرة.
هذا إلى جانب تأخر التراخيص، فعلى سبيل المثال الشركة السعودية المصرية أيضًا انتظرت نحو 18 عامًا حتى حصلت على ترخيص إقامة منتجع سياحي على أرض فندق شيراتون الغردقة بقيمة 2 مليار جنيه.
ويرهن مستثمرون سعوديون مثل مجموعة العقيل الاستثمارية ضخ استثمارات بتعديل قانون الاستثمار الجديد وتفعيل الشباك الواحد، فضلاً عن ضمان تحويل أرباحهم خارج البلاد واستقرار سعر الصرف.
وتكشف بيانات من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة تقدر أعداد الشركات السعودية فى السوق المحلية بـ3744 شركة برؤوس أموال مصدرة قيمتها 22.7 مليار دولار، وذلك خلال الفترة من بداية يناير 1970 حتى نهاية فبراير الماضي، وأكدت البيانات أن الإحصائيات تشمل شركات الاستثمار الداخلي والمناطق الحرة وقانون 159.
من جانبه، قال الدكتور أشرف الأبراشي الشريك بمكتب الإبراشي للاستشارات القانونية في الشؤون الاقتصادية، أن وزارة الاستثمار أجرت العام الماضي تعديلات بقانون الاستثمار لتيسيير إجراءات تراخيص الشركات وإجراءات التصفية.
وأكد أنه من الصعب الخروج بنتيجة واضحة حول دور هذه التعديلات في تيسير حركة الاستثمار نظرًا لأن الاستثمارات الحكومية سواء المصرية أو العربية هي التي سيطرة على حركة الاستثمارات الفترة الماضية.
وأضاف الأبراشي أننا بحاجة إلى اتخاذ مزيد من القرارات على أرض الواقع لتهيئة المناخ الاستثماري أمام الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، لأن الوضع الحالي فيما يتعلق بالاستثمارات العربية يشهد تسوية مشاكل للشركات ولكن لا يغلق الباب أمام وقوع أزمات جديدة لها، الأمر الذي يستوجب اتخاذ إجراءات لعلاج جذور المشاكل.
وأوضح أن قانون الاستثمار لسنة 1997 نص صراحة على تفعيل الشباك الواحد في إصدار التراخيص أي أن الهيئة العامة للاستثمار هي الجهة المسؤولة عن منح جميع التراخيص للمستثمر فيما يتعلق بالأراضي وخطوط الإنتاج والمرافق وغيرها تسهيلاً على المستثمرين ومحاربة لأي شكل من أشكال الفساد الإداري.
وتابع الإبراشي: التعديلات التي تمت العام الماضي بالقانون واللائحة التنفيذية تطرقت تفصيليًا إلى كيفية تفعيل الشباك الواحد، ومع ذلك ما زلنا حتى الآن نطالب بتفعيله.
وأرجع تعطل تنفيذ الشباك الواحد إلى أن الهيئات تعتمد على رسوم التراخيص التي تحصل عليها من المستثمرين في الإنفاق على احتياجاتها من خلال تأسيس صناديق خاصة، لذلك ترفض إسناد إصدار التراخيص للهيئة العامة للاستثمار.
وبرأي الخبير القانوني فإن الحل يكمُن في تحديد ميزانية الدولة مبالغ كافية للإنفاق على احتياجات الهيئات الحكومية مقابل سحب حق منح التراخيص منها، لحل مشكلة تعدد جهات ولاية التراخيص وما تتضمن من بيروقراطية وفساد في بعض الأحيان.
كما شدد على أن كافة المستثمرين بحاجة إلى ثبات القوانين وعدم تعديله بشكل يترتب عليه وضع التزامات جديدة على المستثمرين، خاصةً فيما يتعلق بموافقات تخصيص الأراضي أو شراء شركات حكومية.
وتجدر الإشارة إلى أن محكمة القضاء الإداري ألغت عقود خصخصة عددًا من الشركات خلال السنوات الخمس الماضية مثل عمر أفندي وطنطا للكتان والمراجل البخارية والنيل لحليج الأقطان، ثم أصدر مجلس الوزراء قراراً يقصر حق الطعن ضد العقود المبرمة مع الدولة على أطراف التعاقد إلا أن القرار واجه دعوات طعن ضد دستوريته، ويخضع للنظر من قبل المحكمة الدستورية العليا الآن.
من جانبه، رأى خالد أبوهيف الرئيس التنفيذي لشركة التوفيق القابضة للاستثمارات المالية أن هناك تحسنا في المرونة التي تتمتع بها إجراءات إصدار تراخيص وموافقات المشروعات والمرافق الخاصة بها.
ولكن استدرك قائلاً: هذا بالطبع لا ينفي أنه ما زال هناك صعوبات تواجه المستثمرين في استصدار الموافقات مثل الجهات الأمنية والدراسات المرورية.
وطالب بتوحيد جميع إصدار التراخيص تحت مظلة الهيئة العامة للاستثمار باعتبارها الجهة المنوطة بالتعمل مع المستثمرين، فضلاً عن ضرورة عدم إلزام المستثمر بسداد أي رسوم حتى يحصل على كافة تصاريح المشروع.
على صعيد آخر، أكد أبوهيف أن أبرز التحديات الآن هو التغير في القوانين والأنظمة الضريبية بشكل مستمر مثل رفع ضرائب أرباح الشركات بعد 2011 من 20% إلى 25% ثم فرض ضريبة 5% لمدة 3 سنوات على كل فرد أو شركة تسجل أرباح أكثر من 5%، ثم بعد ذلك تم خفض ضرائب أرباح الشركات إلى 22.5% وإلغاء ضريبة الأغنياء ثم الاتجاه الآن باستبدال ضريبة المبيعات بضريبة القيمة المضافة.
وأضاف أن كل هذه التعديلات تُربك المستثمرين عند إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات لحساب المصروفات والأرباح، لافتًا إلى أن المستثمر قد يتقبل سداد نسبة ضرائب مرتفعة ولكن في المقابل يجب أن تكون هناك خطة مستقبلية طويلة الأجل حول تطور الضرائب حتى يتمكن من إعداد دراسة جدوى واتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.
وأشار رئيس التوفيق القابضة إلى أن تقلب سعر صرف الجنيه مقابل الدولار يشكل تحديًا أيضًا أمام المستثمرين ولاسيما العرب والأجانب نظرًا لأن أي انخفاض في قيمة الجنيه ينعكس في تراجع قيمة الأرباح بنفس المقدار عند تحويلها خارج البلاد، وهو ما يستلزم إعلان واضح من البنك المركزي عن مستقبل السياسة النقدية وسعر الجنيه حتى يتمكن المستثمرين من وضع دراسات الجدوى بشكل دقيق.
aXA6IDE4LjIxOS4yMDcuMTE1IA==
جزيرة ام اند امز