خلال العقد الماضي، انتزع العديد من مليارديرات العالم مناصب عامة عبر الانتخاب؟ فما السبب وراء ذلك، وهل يلحق الأمريكي ترامب بأقرانه؟
في جورجيا، الجمهورية السوفييتية السابقة، ذاع خلال السنوات الماضية صيت الملياردير بيدزينا افانيشفيلي، الذي يمتلك ثروة تعادل ثلث إجمالي الناتج المحلي لبلاده، المقدر بـ15.8 مليار دولار أمريكي، لكنه لم يكن على وفاق مع الحزب الحاكم.
وأثار انتخاب ميخائيل ساكاشفيلي رئيسًا للبلاد عام 2008، حفيظة افانيشفيلي وحلفائه الروس، إذ عمد الرئيس الجورجي إلى اتباع خط موالي للغرب وهدد بالانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي (الناتو).
ولمحاربة ساكاشفيلي وسياساته، شكّل افانيشفيلي حزب "الحلم الجورجي"، وفاز أعضاء الحزب بأغلبية المقاعد في البرلمان، ومن ثم أصبح الملياردير رئيسًا للوزراء في 2012.
أفانيشفيلي ليس حالة فريدة من نوعها، فبدلاَ من الجلوس على مقاعد المتفرجين أو السعي للتأثير على السياسة العامة من وراء حجاب، سعى مليارديرات من نحو 14 دولة حول العالم لتولي المناصب السياسية العامة على مدى العقد الماضي، بحسب معهد "بروكينجز" الأمريكي للأبحاث.
فبجانب افانيشفيلي، نجد أن الأمر ذاته ينطبق على مايكل بلومبرج ودونالد ترامب في الولايات المتحدة.
سعى مليارديرات آخرون لصعود سلم السلطة، مثل: سيلفيو برلسكوني في إيطاليا، وسيرج داسو في فرنسا، وفرانك ستروناك في النمسا، وكليف بالمر في أستراليا، وزاك جولدسميث، في المملكة المتحدة، وبيترو بوروشينكو في أوكرانيا، وأندريه بابيس في جمهورية التشيك، وتاكسين شيناواترا في تايلاند، ومانويل فيلار في الفلبين، ونجيب ميقاتي والراحل رفيق الحريري في لبنان، وفيجاي ماليا وناندان نيليكاني في الهند، وميخائيل بروخوروف واندريه جورييف وسيرجي بوجاتشيف في روسيا.
الأمر اللافت أن معظم هؤلاء الأفراد فازوا في الانتخابات فعلاً، فالخاسران الوحيدان بينهم حتى الآن هما المرشح الروسي بروخوروف، الذي خسر أمام من اعتبره الروس "سياسيًا أكثر ثراءً"، وهو فلاديمير بوتين، والملياردير الهندي ناندان نيليكاني، الذي تحول حزبه "المؤتمر" إلى المعارضة بعد وصول رئيس الوزراء الحالي، ناريندرا مودي، إلى السلطة.
وبالطبع ترتكن ظاهرة نجاح المليارديرات في اقتناص المناصب الانتخابية إلى أسباب، إذ يوضح معهد "بروكنجز" أن الكثير من الناخبين يعتبرون أقطاب الاقتصاد هؤلاء فرسانًا أغني من أن يتم شراؤهم من أحد، فمن من وجهة نظر الناخب، يتمتع هؤلاء الأفراد باستقلال اقتصادي يمكنهم من الوقوف في وجه جماعات المصالح الخاصة.
وفي هذا الإطار، يُرسخ الملياردير الأمريكي ترامب من آن لآخر هذا التصور لدى مواطنيه، بقوله إنه يموّل حملته الانتخابية ذاتيًا، ولا يعتمد على تمويل الشركات.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المليارديرات في كثير من الأحيان يسعون لتكوين ائتلافات غير تقليدية، ويبدون استعدادًا للتفكير خارج الصندوق، ومن خلال سيطرتهم على المال والإعلام، فإنهم يتمكنون من إبهار الناخبين بتصريحات متشددة وأفكار جريئة، ويصدّرون فكرة أن نجاحهم في إدارة أعمالهم الاقتصادية يضمن فعاليتهم السياسية أيضًا.
ويتبع المرشح الجمهوري المحتمل لرئاسة الولايات المتحدة، ترامب، هذا النهج بتوجيه خطابه خاصة للبيض وأفراد الطبقة العاملة الذين يشعرون بالإهمال، وأظهرت استطلاعات الرأي أن ترامب استطاع جذب عدد من أصوات المستقلين وحتى الديمقراطيين الساخطين في عدة ولايات في الانتخابات التمهيدية، لكن مع ذلك مازال يواجه جبهة كبيرة من المعارضة.
وبعد كل ذلك.. هل يسير الملياردير الأمريكي على درب أقرانه من أقطاب الاقتصاد ويقتنص المنصب الرئاسي؟