"المنديل أبو أوية" غطاء الرأس المصري ينتقل للحفلات التنكرية
المنديل أبو أويا، قطعة ملابس مصرية تقليدية تحولت إلى حفلات التنكر واستوديوهات التصوير، لكنه عاد بسبب نانسي عجرم وشاكيرا.. ماذا فعلتا؟
"منديل الحلو يا منديله على دقة قلبي باغني له".. أغنية شعبية شهيرة تغنى بها المطرب الراحل عبد العزيز محمود، عام 1949 من كلمات الشاعر الكبير مرسي جميل عزيز، كان يقصد بها "المنديل أبو أوية" أحد أهم ملامح الأزياء المصرية بجانب الجلباب والملاية اللف والعباءة واليشمك، وغيرها من الملابس الفلكورية التي كانت تميز كل مدينة عن الأخرى، لكن تحولت جميعها إلى مجرد أزياء تراثية لا يتم ارتداؤها إلا في الاحتفالات الشعبية وفي بعض القرى الريفية المنعزلة.
ورغم تنوع الأزياء بين مختلف المدن المصرية في الشمال والجنوب إلا أن "المنديل أبو أوية" كان زيا للنساء على اختلاف المجتمعات والطبقات الاجتماعية في مصر وأوشك حاليا على الاندثار.
لكن لا يزال المنديل أبو أوية جذابا بالنسبة للفتيات المقبلات على الزواج، وهو ما يؤكده عطية إبراهيم، أحد تجار زنقة الستات بالإسكندرية لـ"العين" أن "المنديل أبو أويه" كان يميز المرأة المصرية عن الجنسيات الأخرى التي كانت تعيش هنا، وكان سر جمالها؛ لأنه يبرز جمال الوجه بألوانه أو بالتطريز المشغول عليه، وكان المنديل جزءا من الزي الذي لا يكتمل دون "الملاية اللف"، وهي قطعة قماش حريرية سوداء على شكل مستطيل تتدثر بها المرأة قبل خروجها من المنزل. وبدأت بعض العادات والتقاليد المصرية في الاختفاء أو التغيير، منذ الاحتلال الإنجليزي لمصر، ومن بينها الأزياء المصرية الأصلية، وبالتدريج اختفى تماما، ومنذ بداية السبعينيات والثمانينيات أصبح من مفردات الزي الشعبي فقط من أجل الاستعراضات والمسرحيات والأفلام، وأصبح الفنانون فقط هم من يقبلون على شرائه".
ويضيف ضاحكا" منذ أن ظهرت الفنانة نانسي عجرم في كليب "آه ونص" وهي ترتدي الجلباب المصري الشعبي وتضع المنديل أبو أوية، وأيضا شاكيرا وهي تقدم استعراضات بالمنديل أو أوية لكن على خصرها، اشتد الطلب على المنديل وزادت حركة بيعه، وأصبح الإقبال من المصريين والأجانب. فلا توجد عروس مصرية تستعد للزواج اليوم دون أن تأتي لتشتري هذا المنديل مع الخلخال والجلباب المطرز، أيضا هناك عدد كبير من سيدات الطبقة الراقية يشترونه من أجل الحفلات التنكرية سواء لهم أو لأطفالهم حيث ترتديه الفتيات الصغيرات في حفلات المدارس".
ويباع المنديل في القاهرة أيضا في محلات الحسين وشارع المعز والموسكي ومنطقة الصاغة والرويعي، كما يقول عمرو البلتاجي، صاحب أحد محال الأقمشة والإكسسوارات بالموسكي بالقاهرة: "منذ زمن بعيد كان المنديل أبو أوية أحد الإكسسوارات الهامة للمرأة، مثل الحلي الذهبي، لا تخرج من دونه وأحيانا كثيرة كان هناك مناديل للبيت وأخرى للمناسبات والخروج للشارع".
وعن أنواعه وأسمائه يقول:"أشهر أنواع المنديل أبو أوية، هو: الدمياطي المشهور بـ"المقصقص"، و"المقمع"، و"الفل"، و"اثنين بترتر"، و"حزمة الحطاب"، و"الشيخ علي"، و"المقصقص على عريجة"، و"مروحة على خمسة"، وفي نوع تاني اسمه "أوية الدبوس" وسمي بهذا الاسم لأنه يكون مصنوع من القماش والأسلاك اللينة". ويضيف: "أصبح سعر المنديل أبو أويه أضعاف سعره في الماضي لأنه صناعة يدوية، وأصبح من النادر وجوده، حيث تأتي إلينا أغلب المناديل من دمياط وإسكندرية، وسعرها يكون في حدود 10 أو 20 جنيه، حسب شغل الإبرة فيه".
وتعتبر الدكتورة بثينة عبدالجواد، الأستاذة بالمعهد العالى للتربية الفنية بالزمالك، أول من درست فن الأوية كأحد الفنون التراثية وقدمت فيه دراسة ميدانية شاملة لكل القرى والمحافظات المصرية التي تنتجه، نشرت عام 1987.
وحول بداية فن الأوية في مصر، تقول الدكتورة بثينة إن " فن الآوية هو أحد الفنون اليدوية التراثية التي تندرج تحت أشغال الإبرة التي بدأها المصريون القدماء في ملابسهم. والأوية هي نوع من الدانتيلا الرقيقة كانت تستعمل ككلفة لأطراف الإشغال المصنوعة من النسيج كالفساتين وملابس النوم والمناديل والإيشاربات، وينسب فن الأوية بالدرجة الأولى للأتراك، ويطلقون عليه "أويا" حيث كانت المرأة التركية تطرز شريطا طويلا من القماش باستخدام خيوط دقيقة من الحرير بألوان مختلفة بحسب الأزهار التي تريد تطريزها وباستخدام إبرة دقيقة لتزين به عنقها، وهذه الأوية صغيرة جدا وحجم كل زهرة بحجم حبة البسلة على الأكثر ونرى فيه من الورد والفلفل الأحمر بأزهاره وثمره والليلك والبنفسج وغيرها.
وتضيف: "ومع الفتح العثماني للبلاد العربية انتقل فن الأوية من تركيا إليها، لكنه تقلص في مصر واشتهر في نطاق "منديل الرأس"، الذي أطلقت عليه عدة مسميات فهو معروف باسم "القرطة" في محافظة دمياط، و"الحردة" في الصعيد، وفى القاهرة وباقي المحافظات اشتهر ب"المنديل أبو أوية".
وحول أشكال وأحجام المنديل، تقول: "اختلفت بحسب المستوى الاجتماعي فقد عمدت الطبقة الارستقراطية عبر العصور إلى استخدام الأوية في المنديل اعتمادا على الانتقاء والى تكلفة المنديل بالخامات التي تصل في بعض الأحيان إلى استخدام الأحجار الكريمة والذهب والأوان الهادئة، أما الطبقات الفقيرة والمتوسطة كانت تميل إلى البساطة ورخص الثمن والألوان الزاهية".
aXA6IDE4LjIyNS4yNTQuODEg جزيرة ام اند امز