تركيا الجديدة.. في قبضة أردوغان أيضا
الرئيس التركي يفوض رئيس وزرائه أحمد داود أوغلو لإجراء مشاورات مع زعماء المعارضة بشأن إعادة كتابة الدستور.
بعد أن حقق حزب العدالة والتنمية التركي ذو الجذور الإسلامية انتصارا غير متوقع في الانتخابات التي جرت يوم الأحد الماضي، عادت البلاد إلى حكم الحزب الواحد، في نتيجة عززت سلطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أنها في الوقت ذاته قد تزيد من الانقسامات الاجتماعية العميقة.
وحصل حزب العدالة والتنمية على نسبة تقل قليلا من 50% من الأصوات، وهي نسبة كافية بشكل مريح لتحقيق أغلبية في البرلمان المؤلف من 550 عضوا، وهي أعلى بكثير مما توقعه حتى أعضاء الحزب.
وفي أول خطاب هام للرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الأربعاء، قال أردوغان إن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو سيجري مشاورات مع زعماء المعارضة بشأن إعادة كتابة الدستور.
وأضاف أنه على البرلمان أن يعطي أولوية لمناقشة دستور جديد، مصرحا بأنه في حالة فشل هذه المفاوضات سيؤيد الدعوة لإجراء استفتاء شعبي لأخذ رأي المواطنين الأتراك في المسألة.
وقال أردوغان إن هذه النتيجة هي تصويت من أجل الاستقرار ورسالة إلى المتمردين الأكراد في جنوب شرق البلاد، بأن العنف لا يمكن أن يتعايش مع الديمقراطية.
ولطالما أبدى أردوغان رغبته في تعديل الدستور حتى تتمتع الرئاسة بسلطات تنفيذية وهو ما سيمنحه سلطات أكبر، عبر الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.
وكان أردوغان الذي يهيمن على الساحة السياسية التركية منذ أكثر من عقد، يسعى منذ فترة لتعديل الدستور المعد من قبل الجيش، من أجل توسيع صلاحيات الرئاسة.
ودعا كل الأطراف السياسية إلى العمل على دستور مدني جديد يحل محل دستور العام الذي أعدّه الجيش بعد انقلاب 1980، في ظل تخوف أحزاب المعارضة التركية من أن ذلك سيعزز سلطات أردوغان الذي تتهمه أساسا بالنزعة السلطوية.
ومن جهتهم قال مسؤولون في أنقرة إن الحكومة الجديدة التي قد تعلن أواخر الأسبوع المقبل على أقرب تقدير ستضم عددا من كبار مستشاري أردوغان وإن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو سيظل مسؤولا عن الفريق الاقتصادي بالحكومة.
ويرى مراقبون أنه من المرجح أن يكون الوزراء الجدد من داخل ما يطلق عليها "حكومة الظل" التي تضم مجموعة من المستشارين الأقوياء وأسسها أردوغان للحفاظ على نفوذه بعد فوزه بأول انتخابات رئاسية مباشرة في تركيا في أغسطس آب 2014 عقب أكثر من عشر سنوات في منصب رئيس الوزراء.
وأن الحكومة الجديدة ستحمل بصمة الرئيس رجب طيب أردوغان وتوقعوا أن يتولي مجموعة من مستشاريه المخلصين مناصب وزارية ليزيد إحكام قبضته مع عودة حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة بمفرده.
وقال مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية "لا يمكن أن يكون كل المقربين من أردوغان في الحكومة لأنه لا توجد وزارات كافية"، لكنه أوضح أن المقربين منه سيتولون مناصب رئيسية.
وقال المسؤول "سنرى جزءا مهما من مستشاريه والعاملين معه في الحكومة القادمة."
وكانت أحزاب المعارضة التركية، قد دعت للخروج في مظاهرات عقب انتهاء التصويت في الانتخابات البرلمانية يوم الأحد، مبدية اعتراضها على نتائج الانتخابات.
وقال مسؤول كبير من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة الذي كان يفكر في "الحدّ من" نفوذ أردوغان من خلال حكومة ائتلافية إن النتيجة هي "ببساطة كارثة".
وكان مراقبون دوليون قد صرحوا بأن حملة الدعاية للانتخابات البرلمانية في تركيا التي شهدت استعادة حزب العدالة والتنمية الحاكم للأغلبية يوم الاحد غير نزيهة وشابها الخوف والعنف.
وقال رؤساء البعثة المشتركة لمجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في مؤتمر صحفي إن العنف كان له أثر كبير.
وأشاروا إلى اعتداءات وممارسة الترهيب ضد أعضاء في حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد الذي تراجع التأييد له بنسبة 2% مقارنة بانتخابات يونيو حزيران.
وقال أندرياس جروس وهو برلماني سويسري رفيع بوفد مجلس اوروبا "للأسف خلصنا الى أن هذه الحملة كانت غير نزيهة واتسمت بالكثير من العنف والخوف."
إلا أنه حتى الآن لم تقدم أي أحزاب شكاوى رسمية بشأن النتائج وإن كان حزب الشعب الديمقراطي قال إنه يعتزم الطعن على عدة مقاعد، ولا يُنتظر ظهور النتائج الرسمية قبل 11 يوما حتى يتاح وقت كاف للنظر في الشكاوى.
ويخشى معارضون أن تعمّق النتيجة من نزعات أردوغان السلطوية. وبددت النتيجة الآمال في تشكيل حكومة ائتلافية كان يمكن أن تخفف حدة الانقسامات الاجتماعية العميقة.
وظهرت بوادر على تكثيف الحملة الصارمة التي تشنها الحكومة ضد المعارضين.
واعتقلت السلطات العشرات بينهم ضباط شرطة وموظفون حكوميون كبار يوم الثلاثاء للاشتباه في صلاتهم برجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن الذي يتهمه أردوغان بالتآمر للإطاحة به استنادا إلى مزاعم فساد كاذبة.
وداهمت الشرطة مقر مجلة إخبارية تميل لليسار بسبب غلاف يشير الى أن نتيجة الانتخابات قد تفجر صراعا.
وفرضت قوات الأمن مدعومة بطائرات هليكوبتر حظرا للتجول في مناطق ببلدة بجنوب شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية من الأكراد، بينما قصفت طائرات تركية مواقع تابعة للمسلحين الأكراد في شمال العراق، مما يدل على استمرار الحملة العسكرية ضدهم بلا هوادة.
وكتب علي سيرمن الكاتب بصحيفة جمهوريت المعارضة "القدرة على التلاعب بالخوف عنصر مهم في عالم السياسة منذ مكيافيلي. أثبت طيب (أردوغان) أنه أستاذ بالفعل."
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg جزيرة ام اند امز