معبر بيت حانون.. استهداف التجار بالاعتقال أو الابتزاز
سلطات الاحتلال تعتقل 50 فلسطينيًّا، بينهم 24 تاجراً.
اتهامات الاحتلال جاهزة للقبض على تجار فلسطين.
بعد تسعة أشهر من الاعتقال؛ أفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن التاجر عبد الحكيم شبير، 51 عاما، عقب اعتقاله من معبر بيت حانون "إيرز"، شمال قطاع غزة؛ كانت كفيلة بإلحاق أضرار كبيرة بتجارته.
والتاجر شبير، هو واحد من أكثر من 30 تاجراً تعرضوا للاعتقال أثناء مرورهم أو استدعائهم لمقابلة المخابرات الإسرائيلية على المعبر الواقع على حدود بلدة بيت حانون، أقصى شمال القطاع، وهو المنفذ الوحيد المفتوح جزئيا أمام حركة الغزيين إلى الضفة وإسرائيل، ومنهما إلى باقي أنحاء العالم، في ظل إغلاق معبر رفح البري الحدودي مع جمهورية مصر العربية.
ويقول شبير لـ"بوابة العين" إنه جرى الإفراج عنه بعدما برأته المحكمة الإسرائيلية، من تهمة بيع بضائع للمقاومة الفلسطينية، في حين جرى اتهامه بالتشويش على سير العمل في معبر كرم أبو سالم (معبر تجاري جنوب قطاع غزة) لتبرير فترة اعتقاله طوال تسعة أشهر؛ رغم أن المعبر غير مخصص لحركة الأفراد.
يشعر شبير بالمرارة من هذه التجربة، فالاعتقال ليس سهلاً، والخسائر كانت كبيرة على صعيد حركة التجارة ومتابعة الأعمال في فترة اعتقاله، كما يقول.
ويبين أنه تعرض للتحقيق، ووجهت له اتهامات ببيع بضائع (أدوات كهربائية) للمقاومة في غزة، وأنه أكد للمحققين وللمحكمة أنه تاجر ويبيع البضائع المسموح بها، والتي تعبر عبر المعبر الإسرائيلي، دون أن يعرف هوية المشترين، أو سبب شرائهم.
ورغم الاعتقال لتسعة أشهر، يبدو حال التاجر شبير أحسن من غيره من التجار الذين لا تزال تعتقلهم قوات الاحتلال بحجة بيع بضائع، مثل الأخشاب والحديد وأدوات الكهرباء والإسمنت لفصائل المقاومة، التي تستخدم بعض هذه المكونات في حفر الأنفاق وتجهيزاتها العسكرية.
فالتاجر سامي طبش (52 عاماً)، لا يزال معتقلاً منذ اعتقاله بتاريخ 25 أغسطس / آب الماضي.
ويقول زهير طبش، صهر التاجر المعتقل لـ"بوابة العين": إن صهره، المتزوج وأب لثمانية أبناء، يحوز على تصريح سفر عبر المعبر، وجرى اعتقاله أثناء سفره.
وأشار إلى أن الاحتلال يتعمد الاعتقال بحجج ومبررات واهية، فسامي يعمل تاجر ساعات وعلب مجوهرات ونايلون، وهي قضايا لا علاقة لها بأعمال المقاومة.
50 معتقلًا بينهم 24 تاجرًا
ويؤكد عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين، أن قوات الاحتلال اعتقلت ما يقارب من 50 مواطنًا منذ مطلع العام الجاري أثناء مرورهم معبر بيت حانون، ما يدلل أنه تحول إلى مصيدة لاعتقال المواطنين، كما أغلب المعابر والحواجز الإسرائيلية.
وأشار فروانة لـ"بوابة العين" إلى أن بين المعتقلين على المعبر خلال هذا العام 24 تاجراً و4 مرضى، على الأقل، كما بينهم مرافقو مرضى، وطلاب ومدرسون، وامرأة.
تدمير اقتصادي
وينظر التجار بغزة بخطورة بالغة، لتصاعد حملات الاعتقال ضدهم، مستشعرين آثارها السلبية على قدرتهم على إدارة تجاراتهم في بيئة اقتصادية مدمرة، وتوالي النكسات التي يتعرضون لها.
ويحذر رئيس جمعية رجال الأعمال بغزة علي الحايك، من خطورة سياسة اعتقال رجال الأعمال والتجار الفلسطينيين، وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الفلسطيني، الذي يعاني بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي منذ 8 سنوات متواصلة.
ورأى الحايك في حديثه لـ"بوابة العين" أن الهدف من هذه الاعتقالات هو تدمير الاقتصاد الفلسطيني، والحفاظ على التبعية الاقتصادية لإسرائيل، لافتًا إلى أن السياسة الإسرائيلية أدت إلى وجود تخوفات كبيرة لدى التجار من السفر عبر معبر بيت حانون، رغم حاجتهم الماسة لذلك، من أجل عقد الاتفاقات والصفقات وإتمام أعمالهم.
ويطالب الحايك السلطة الفلسطينية والجهات ذات العلاقة بالعمل الحقوقي والأعمال، بالتدخل لدى سلطات الاحتلال والضغط عليها لوقف هذه الممارسات المدمرة.
بوابة معاناة
ويؤكد نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ياسر عبد الغفور؛ أن الآونة الأخيرة شهدت تصعيدًا في اعتقال التجار والمرضى وغيرهم ممن تدفعهم حاجاتهم الإنسانية والحياتية للسفر.
وقال عبد الغفور لـ"بوابة العين" إن معبر بيت حانون بات بوابة معاناة وعذاب يمر عبرها الغزيون مضطرين، في ظل انعدام البدائل التي تجعل قرابة 1.8 مليون أسرى في سجن كبير اسمه غزة، مشدداً على أن قوات الاحتلال تقترف انتهاكات متعددة الأنماط بتقييدها حرية حركة الفلسطينيين وفرضها الحصار على قطاع غزة.
ولفت إلى أن الخطير في الأمر أن سلطات الاحتلال تستغل سيطرتها وتحكمها بالمعابر التي تربط القطاع بالعالم الخارجي، لتحولها إلى مصيدة للإيقاع بالفلسطينيين، ووسيلة لابتزازهم والضغط عليهم والإيقاع بهم واعتقالهم تعسفيًّا، وإخضاعهم لممارسات ترقى لمستوى التعذيب وسوء المعاملة في سجونها ومراكز اعتقالها.
الاستغلال الأمني
ويؤكد المتابعون لحالة المعبر، أن ممارسات الاحتلال على المعبر لا تتوقف عن حد الاعتقال وممارسة الإذلال، بل تمارس سياسة الابتزاز للمسافرين خاصة المرضى، حيث تخضعهم لمقابلات مع المخابرات الإسرائيلية التي ترهن الموافقة على مرورهم بالتعاون معها، وتقديم معلومات عن المقاومة بغزة.
ويقول المختص في الشأن الأمني في غزة، إسلام شهوان، لـ"بوابة العين": إن سياسة الابتزاز التي تمارسها أجهزة الأمن الإسرائيلية على المعبر لا تتوقف، فهي معركة مستمرة، لإسقاط أكبر عدد ممكن من المارين في وحل العمالة.
وأشار إلى أن الاحتلال وصل به الأمر إلى تقديم بعض التسهيلات على السفر، من أجل زيادة فرصته في اقتناص وابتزاز المسافرين (بات معدل المسافرين يوميا عبر المعبر يصل إلى قرابة ألف شخص بعد أن كان لا يتعدى عشرات).
وقال: إن الأجهزة الأمنية في غزة تقوم بمتابعة المواطن الذي يغادر ويأتي، والاستماع لبعض المواطنين والاستفسار منهم، إضافة إلى ممارسة التوعية العامة، كإجراءات وقائية وإفشال مخططات الاحتلال، مؤكداً أن العديد من المواطنين أدلوا بإفادتهم عن تعرضهم للابتزاز بطريقة غير إنسانية من مخابرات الاحتلال، خاصة لحالات من المرضى سواء لهم أو لأبنائهم الأطفال.