الجرتق والدلكة والبطان.. ماذا تعرف عن طقوس الزفاف بالسودان؟
وبانتهاء حفل الزفاف ينصرف المدعوون، فيما عدا "خشم البيت"، الذين يتوجهون إلى بيت أهل العروس لإقامة "الجرتق".. ماذا؟
تختلف عادات وطقوس الزواج في السودان باختلاف المناطق والقبائل، نظرا لتعدد الأعراق والأجناس.
ويبدأ "العرس" في السودان بجلسة تسمي "قولة خير" يجتمع فيها أكابر العائلة من الطرفين بقصد التعارف والتأكد من أصل وعراقة كل من الأسرة الأخرى، وفيها يتقدم عادة أعمام العريس أو والده بطلب يد العروسة لابنهم.
وخلال حفل زفاف سوداني، تقول إحدى السيدات من أقارب العروسين حول عادات وطقوس الزواج في السودان، إنه في حالة موافقة أهل العروس بعد جلسة "قولة خير" تتم "الخطبة"، التي لم تكن بهذا الانتشار في السابق نظرا لأن الزواج لم يكن يخرج من نطاق الأسرة أو الجيران في الحي، ثم تبدأ التجهيزات الفعلية للزواج بتقديم العريس "المهر" أو "سد المال"، وهو عبارة عن تجهيز العريس للعروس بكل ما يلزمها من ثياب وعطور وأحذية فضلا عن المال، موضحة أن كل ذلك يتوقف على حسب المقدرة المالية للعريس.
وأضافت أنه بمجرد تحديد ميعاد الزفاف، تحبس العروس فترة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر لتدخل في برنامج مكثف للعناية بالبشرة يعرف بـ"تدخين العروس"، ويستخدم فيه "خشب الطلح" وزيوت معطرة محضرة بالمنزل، كما تستخدم أيضا "الدلكة السودانية"، وهي عبارة عن تقشير للبشرة. وتعمل عملية تدخين العروس هذه على إكساب بشرتها اللون البرونزي، ويحضر العريس مؤنة الحبس من طحينة وعصائر ليزداد وزن العروس.
وتأتي بعد ذلك "ليلة الحنة"، وفيها تتم دعوة كل من أهل العروس والعريس على حدة، ويتم فيها تخضيب أرجل وأيدي العريس والعروس بالحناء فيما يعرف في السودان بـ"النقش"، ويقدم في هذه الليلة الطعام وتعقد جلسات الغناء والأُنس. ثم يأتي موعد عقد القران وفيه تقدم "وليمة العقد"، والتي غالبا ما تكون غداء يدعي إليه الأهل والأقارب والأصدقاء لمباركة الزواج.
وعقب ذلك يتم إقامة "حفل الزفاف"، وهي عادة تكاد تكون جديدة على السودانيين، وفيها يتم دعوة أقارب العروسين بشكل عام وكبير، ويقدم طعام العشاء أو الفرح قبل قدوم العروسين، اللذين يحضران بعد ذلك لتلقي التهاني والرقص مع المدعوين، وتكون هذه الحفلة غالبا في الفترة المسائية وتمتد حتى الساعة الحادية عشر مساء كحد أقصي.
وبانتهاء حفل الزفاف ينصرف المدعوون، فيما عدا أهل العروسين المقربين "خشم البيت" كما يطلق عليها بالسوداني، حيث يتوجهوا إلى بيت أهل العروس لإقامة "الجرتق" وهو من العادات القديمة جدا، حيث يتم خلاله إلباس العروس ثوبا أحمر اللون خصيصا لهذه المناسبة، وتقوم كبار نساء الأسرة "بجرتقة" العريس والعروس عن طريق وضع "ضريرة" حمراء اللون فيها هلال ذهبي اللون مطرز على جبهة العروس، و"حريرة" حمراء اللون مدلي منها عناقيد زرقاء في يد العريس.. ثم يتم "بخ اللبن" بأن يأخذ كل من العريس والعروس من لبن في إناء ويقوم ببخه (نفثه) في وجه شريكه المستقبلي، وذلك في إشارة لجلب الفأل الحسن.
ويتم خلال "الجرتق" ذبح خروف يسمي "حليلة" مع تقديم أنواع من الفاكهة للأهل المقربين ممن حضروا، في إشارة إلى أن العروس أصبحت حلا للعريس.
وبعد اكتمال زينة العروسين يأتي دور "السيرة"، وهي موكب يتم بعد اكتمال مراسم الزواج حيث يكون العريس في كامل زينة السيرة، وهي الجلباب السوداني التقليدي والطاقية والعمامة والحذاء الجلدي المعروف باسم (المركوب) والسيف، ويكون العريس مخضوب اليدين والرجلين بالحناء، وتغطي رأسه طبقة من العطر الجاف النفاذ الرائحة، وتتدلى من عنقه مسبحة طويلة تسمى بمسبحة (اليسر) وحباتها خليط من العقيق والخشب العطري، ويسير العريس في المقدمة ويهز سيفه يمينا ويسارا في زهو.
وأثناء "السيرة" تحمل إحداهن "الدلوكة"، وهي آلة إيقاعية تشبه الطبلة، لكن هيكلها من الفخار وتكون فتحتها مغطاة بالجلد، حيث تسير المغنية وهي تضرب عليها عند الأداء وخلفها اثنتان تضربان على طبلتين صغيرتين، ويكون إيقاع "السيرة" قويا لأن الأغاني هنا تقتصر على أغاني الحماسة، ومن أكثرها شيوعا الأغنية التي مطلعها (عريسنا ورد البحر.. العديله وقطع جرايد النخل.. العديله)، والمعنى أن عريسنا في طريقه إلى البحر، وفي السودان تطلق كلمة البحر على النهر، أما كلمة العديلة فتعني أن المغنيات يتمنين الخير للعريس والمستقبل الزاهر له، والذهاب إلى النهر أو النيل أو أي منهل مائي هو تقليد يرجع بأصوله إلى زمن سحيق من تاريخ السودان والقصد منه التبرك. أما قطع جريد النخل فالقصد منه أن يكون فألا حسنا بأن مستقبل العريس سوف يكون دائم الخيرات والرزق الوفير.
يشار إلى أن "الدلوكة" ما زالت تحتل مكانتها المرموقة في الريف السوداني، إلا أنها بدأت تنحسر في المدن حيث حلت الآلات الحديثة محلها.
وهناك من الطقوس والعادات السودانية قائمة المساهمة المالية في الأفراح، وهو عبارة عن قيام أحد أقرباء العريس بتدوين المجاملات أو المساهمات المالية التي تدفع له أثناء الفرح من أصدقائه وأقاربه مشاركة منهم معه في تكاليف الزواج التي يتحملها كاملة، كل على حسب مقدرته، ويقوم العريس برد هذه المجاملات في حينها لأصحابها، ويعاب من يعرف عنه التهرب من هذه العادة.
جدير بالذكر أن هناك عادة "الجلد أو الضرب بالسوط" أو ما يعرف بـ"البطان" في احتفالات الزواج عند بعض القبائل السودانية، ويقوم فيها العريس بجلد أشقائه وشباب عائلته في جو احتفالي خاص يحضره الجميع نساء ورجالا وحتى الأطفال، ويكون المقصد هو إثبات الفروسية والاحتمال لأبناء أسرة العريس، والذي يجلد أيضا في نفس الاحتفال. وعادة يحتاج من يقوم بممارسة هذا الطقس لعلاج طويل حتى يبرأ ظهره من أثر الجلد.
aXA6IDMuMTQyLjE5OC4xMDgg جزيرة ام اند امز