اليهودي في الدراما العربية.. من بخيل مستغل إلى مواطن "طيب"
"العين" ترصد تطور صورة اليهود في الدراما العربية
شخصية اليهودي في الدراما العربية تطورت من تاجر مستغل بخيل إلى رجل مخابرات حتى ظهر كمواطن عادي، غالبًا "طيب".
مع ظهور الإعلان الترويجي لمسلسل الزعيم عادل إمام "مأمون وشركاه" الذي يخوض به ماراثون الدراما الرمضانية هذا العام، أثير الجدل حول تطرق الزعيم لموضوعات تمس الأديان وعودة ظهور اليهود في الدراما المصرية، خاصة أنه أثار جدلًا في الإعلام المصري والإسرائيلي بعد عرض مسلسله "فرقة ناجي عطا الله" عام 2012.
وتدور أحداث مسلسل "مأمون وشركاه" في إطار كوميدي اجتماعي يعالج قضية تعايش الأديان السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية في مصر، حيث يجسد الزعيم شخصية رجل بخيل متزوج من "لبلبة" ولديه 4 أبناء، ويخفي عن عائلته أنه صاحب ثروة طائلة، ولديه ابن متزوج من يهودية، وابنة متزوجة من سلفي متشدد.
يشارك فى بطولة المسلسل خالد سليم وخالد سرحان ومصطفى فهمي ولبلبة وكمال أبو رية وأحمد فؤاد سليم وتامر هجرس وريم مصطفى، تأليف يوسف معاطي، وإخراج رامى إمام.
وقد سجل برومو المسلسل نسب مشاهدة عالية فور نشره.
وارتبطت صورة اليهود في الدراما والسينما المصرية بعدة سمات محددة مثلت صورة نمطية لليهود في أذهان العرب، ومنها: البخل، والمكر، وقصر القامة، والأنف المعقوفة، والعمل بالصرافة أو بالتجارة أو بالمراهنات، ابتزاز الآخرين، واللف والدوران، استغلال الآخرين.
لعب اليهود بشكل عام دورًا كبيرًا في بدايات السينما المصرية؛ حيث كان توجو مزراحي مخرجًا ومنتجًا يهوديًّا، وقد سبقت السينما الدراما التلفزيونية بوقت طويل في تجسيد شخصية اليهودي، والتي قامت بتصويره كشخص عادي في الحارة المصرية، تارة بائع، أو تاجر.
أبرز من لعب هذا الدور ممثل يهودي مصري اسمه شالوم، حتى أنه لعب دور البطولة في سلسلة أفلام: "شالوم الرياضي"، و"شالوم الترجمان".
وبالتدريج أصبح تجسيد شخصية اليهودي وفقًا للتطورات الاجتماعية التي تمر بالمجتمع المصري، فأصبح تاجر"مانيفاتورة" يقوم برهن الممتلكات ويقايض أصحابها، ويبتز أصحابها، وذلك بالتزامن مع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ثم أصبح اليهودي الجاسوس ورجل مخابرات، يحاول تجنيد الشباب واستغلالهم.
ومن أشهر المسلسلات التي رسخت الصورة النمطية عن اليهودي:
رأفت الهجان:
أشهر الأعمال التي تحدثت عن الجاسوسية من خلال دور الفنان محمود عبد العزيز أو رأفت الهجان، ويدور حول ملحمة وطنية في ملفات المخابرات المصرية، بعد زرعه داخل المجتمع الإسرائيلي للتجسس لصالح المخابرات المصرية، وفي المقابل كان هناك بعض الشخصيات اليهودية داخل مصر تعمل جواسيس لصالح الموساد.
رأفت الهجان من تأليف صالح مرسي وإخراج يحيى العلمي وبطولة محمود عبد العزيز، يسرا، مصطفى شعبان، محمد وفيق، نبيل الحلفاوي وعفاف شعيب.
السقوط في بئر سبع:
من الأعمال التي تم إنتاجها عام 1994 وتحدث عن نكسة 1967 وحرب أكتوبر 1973 وأعمال الجاسوسية داخل مصر حيث اقتبس العمل من رواية "إبراهيم وإنشراح موسى" للكاتب عبد الرحمن فهمي، والذي تحدث عن كيفية الإيقاع بأخطر جاسوسين يعملان لصالح إسرائيل، وهما إبراهيم شاهين وإنشراح موسى.
العمل من إخراج نور الدمرداش وبطولة سعيد صالح، إسعاد يونس، طارق لطفي وحنان ترك.
فارس بلا جواد:
استند الفنان محمد صبحي في مسلسله "فارس بلا جواد" الذي عُرض عام 2002، على بروتوكولات حكماء صهيون والمؤامرات التي يعدها اليهود ضد مصر عن طريق جواسيسهم، والذي دارت أحداثه في حقبة الاحتلال الإنجليزي لمصر وكان من تأليف محمد صبحي وإخراج أحمد بدر الدين وبطولة سيمون ومحمد صبحي وجميل راتب.
وأثار هذا العمل حفيظة العديد من الجماعات اليهودية واتهمته بمعاداة السامية وتسبب في سحب السفير الإسرائيلي من مصر وقتها.
العميل 1001:
الفنان المصري الشاب مصطفى شعبان، قدم مسلسلًا من ملف المخابرات العامة المصرية تدور أحداثه حول شبكة تجسس كان الفنان طارق لطفي أحد أعضائها داخل العمل، وقام الفنان رياض الخولي بتجنيد مصطفى شعبان لكي يصبح جنديًّا بالجيش الإسرائيلي قبل حرب 1973 حتى استُشهد في نهاية العمل بعد إرشاد القوات المصرية لمكان الوحدة الإسرائيلية عن طريق بعض الرسائل.
وشارك شعبان البطولة الفنان طارق لطفي والفنانة ريهام عبد الغفور والفنانة نيللي كريم، تأليف نبيل فاروق وإخراج شيرين عادل.
الصفعة:
قدم الفنان شريف منير شخصية اليهودي للمرة الثانية في تاريخه بعد فيلم "ولاد العم"، مع الفنان كريم عبد العزيز، حيث ظهر خلال مسلسل "الصفعة" بدور إسرائيلي ولد في مصر ولكن تحولت الأرض التي ولد فيها لعدو له، وقصة العمل مأخوذة من ملف المخابرات المصرية.
الصفعة من تأليف أحمد عبد الفتاح وإخراج مجدي أبو عميرة وبطولة شريف منير، هيثم أحمد زكي، عزت أبو عوف وشيرين رضا.
يقول الناقد السينمائي طارق الشناوي إن الصورة الذهنية عن شخصية اليهودي ليست وليدة المخيلة المصرية وإنما صورها شكسبير في أعماله مثل" تاجر البندقية"، وقد استعان صناع السينما بسمات وصفات لليهود الذين كانوا يعيشون في ذاك الوقت".
ويرى الشناوي في حديث لبوابة "العين" الإخبارية أن وجود اليهود في الأعمال الدرامية أمر عادي ولا يفترض أن يثير الجدل، لكن لابد أن يركز على الجانب الإنساني وليس الديني، وعودة "يهود مصر" هي أيضًا انعكاس للواقع؛ حيث ظهرت أخبارهم في الإعلام، فهم مواطنون رفضوا مغادرة وطنهم، ووجودهم في الدراما المصرية يُعَد انفتاحًا وتحول جيد لتخطي الخطوط الحمراء.
وقد حاولت عدد من الأعمال الدرامية خلال الأعوام الأخيرة العمل على تغيير تلك الصورة النمطية عن اليهودي وتجسيده كمواطن مصري عادي عاش مندمجًا في النسيج الاجتماعي للحارة المصرية، كما حدث في مسلسل" ليلى مراد" للسيناريست مجدي صابر، ومسلسل"حارة اليهود" للسيناريست مدحت العدل، والتي تناولت شخصية اليهودي بشكل مغاير وأظهرته بالمواطن الصالح والطيب، ولم تتطرق لسمة البخل، إلا أن شخصية اليهودي الطيب لم تبدُ مقنعة للجماهير التي اعتادت أن تشاهد اليهودي يتحدث بنبرة صوت معينة.
وفي الدراما العربية، ظهرت شخصية اليهودي في مسلسل "باب الحارة" بشكل مسالم ومندمج في نسيج المجتمع أيضًا، وهو ما أثار الجدل خاصة في ظل الصراع العربي الإسرائيلي الممتد منذ 60 عامًا.
ويقول الناقد السينمائي المخضرم محمود قاسم: "الصورة النمطية المعادية للسامية لم تكن موجودة في مصر قبل عام 1948، فمنذ ذلك الحين وأصبح اليهود أعداء".
ويرى قاسم أن عودة شخصية اليهودي في الدراما بصورة مغايرة عنها في السينما التي جسدتها كعميل أو رجل مخابرات أو جاسوس أمر جيد، لأنه يعالج واقع أنهم كانوا يومًا ما جزءًا من المجتمع. والإشارة لمدى وطنيتهم يفرق بين اليهودية كديانة سماوية، والصهاينة كأصحاب أيديولوجية وفكر مرسوم.
aXA6IDMuMTQ1LjM3LjIxOSA= جزيرة ام اند امز