محمد خان: إخراج "كتاب" شيء مختلف عن إخراج "فيلم"
في ندوته التي استضافها منبر ابن رشد بمعرض أبوظبي للكتاب فتح المخرج المصري محمد خان خزانة الذكريات والأسرار في رحلته الطويلة مع السينما
على هامش فعاليات الدورة الـ 26 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، استضاف منبر (ابن رشد) بالمعرض، الخميس، المخرج السينمائي المعروف محمد خان للحديث عن مشواره الطويل مع السينما، وتجربته العريضة في الإخراج السينمائي، بمناسبة صدور الطبعة الثانية من كتابه «مخرج على الطريق» الصادر عن دار الكتب خان المصرية.
أدار الجلسة الكاتب والإعلامي المصري وليد علاء الدين، الذي قدَّم تعريفًا بخان وتناول أهم المحطات الفنية والأفلام المبكرة التي مهدت لمسيرة محمد خان الملهمة والفارقة في عالم السينما المصرية والعربية عموما.
كعادته، تحدث خان بعفوية وتلقائية قائلًا: "لست من أنصار إلقاء الدروس والمواعظ، لا أجيد ذلك، فقط يمكنني الحديث عن مشواري وتجربتي السينمائية"، ومن ثم كشف خان لجمهور اللقاء عن بداياته مع السينما "الميلاد كان في حي من أحياء القاهرة، ومنها كان الشغف بالسينما والولع بها، سافرت إلى لندن لدراسة الهندسة، واكتشف بالمصادفة البحتة أن هناك دراسة للسينما فقررت أن أدرس السينما بدلًا من الهندسة، لأعود إلى مصر للعمل مع صلاح أبو سيف في قراءة سيناريوهات الأفلام، ثم سافرت بعدها إلى بيروت لأعمل كمساعد مخرج في عدد من الأفلام التجارية، لكي عاودت السفر مرة أخرى إلى لندن، وهناك كتبت أول مؤلفاتي بالإنجليزية «مقدمة في السينما المصرية»، وأعود بعدها إلى مصر وأخرج أول أفلامي القصيرة "البطيخة".
كشف خان لجمهوره جذور وملامح السينما التي أخرجها منذ أول أفلامه الذي تعاون فيه مع صديق عمره المصور الكبير سعيد شيمي، لكن النقلة الحقيقية كانت، كما أوضح خلال اللقاء، عندما تعرف على المونتيرة الكبيرة نادية شكري في لندن، وهي التي أقنعته بالعودة لإخراج أول أفلامه الروائية الطويلة «ضربة شمس» 1978، كان خان مصممًا على أن ينتج بنفسه فيلمه الأول بتحويشة العمر، لكن الفنان الراحل نور الشريف تحمس لكي يتحمل المخاطرة الإنتاجية بدلًا من خان، وحقق الفيلم نجاحًا ساحقًا عند عرضه، ومن هنا بدأ المشوار. ومن الفيلم الأول وحتى الفيلم الأخير «قبل زحمة الصيف» (الذي يعرض الآن في دور السينما المصرية) تشكلت ملامح وأسلوبية سينما خان التي دشنت ما اصطلح على تسميته بـ"تيار الواقعية الجديدة" في السينما المصرية.
روى خان جانبًا عن علاقته بالفنان الراحل أحمد زكي التي كانت قوية وحميمة لا تخلو من مشاكسات و"مناقرة"، وصف خان زكي بأن "موهبته استثنائية وجبارة وهو ممثل لن يعوض". كما حكى مشاهد من ذكرياته مع الممثل الأسمر الذي تعاون معه في ستة أفلام: "علاقتي بأحمد زكي كانت صحيح زي ناقر ونقير لكنها أيضًا كانت حب كبير، أحمد زكي كان أول من يخطر على بالي لأداء دور البطولة في معظم أفلامي، عملنا معًا في «طائر على الطريق»، و«موعد على العشاء»، وعندما بدأت التحضير لفيلم «الحريف» اتفقت مع زكي أن يقوم بدور البطولة".
يتابع خان "طلبت منه أن يطلق شعره وشاربه، لكنه عاندني وراح حلق رأسه "زيرو"، تضايقت بشدة، وقررت تغييره، وبالفعل اتفقنا مع عادل إمام لبطولة الفيلم، ذهبت بعدها لأحمد زكي في بيته، وقلت له صباح الخير يا حمام، أنا غيّرتك خلاص ومضينا مع عادل إمام، رد زكي علي بكل هدوء طيب مبروك، ثم تركني وذهب إلى الحمام، أخبرني بعد ذلك أن كان يشتمني بعنف تعبيرًا عن غضبه وانفعاله الشديد من تغييره".
ومن ذكرياته عن فيلم «أحلام هند وكاميليا»، كشف خان أنه كان يريد الجمع بين النجمتين فاتن حمامة وسعاد حسني لبطولة هذا الفيلم، قال إن ذلك لو تحقق لكان شيئًا عظيمًا في تاريخ السينما. أيضًا روى خان قصة اختياره لنجلاء فتحي لأداء دور كاميليا، ذهب إليها في منزلها ليعرض عليها الدور، منتظرًا أن تقرأ السيناريو ثم تبدي رأيها، استأذنته دقائق وعادت وهي ترتدي ملابس خادمة فقيرة، لم يعرف خان أنها نجلاء فتحي إلا حين اقتربت منه.
خان قال، إن كثيرين لا يعلمون أن شخصية "هند" في الفيلم مستلهمة من شخصية حقيقية اسمها "هند علي خضر" كانت تعمل كخادمة ومربية في منزل أسرتي وأنا طفل، كانت من أصول ريفية (من إحدى قرى مركز قويسنا بالمنوفية).
أما «مخرج على الطريق» الذي احتفل خان بتوقيع نسخ طبعته الثانية أثناء مشاركته في معرض أبوظبي للكتاب؛ فليس مجرد كتاب جمعت فيه مقالات المخرج القدير فحسب، لكنه يقدم خلاصة وحصاد لتجربة عريضة وممتدة مع فن السينما، درس عملي بين يدي عشاقها ومحبيها عن ما وراء الكواليس، أو "ما وراء الكاميرا، تجربتي مع السينما"، وربما يرى فيها البعض سيرة مولع "حقيقي" بالسينما.
أوضح خان أن كتابه «مخرج على الطريق»، وعلى مدار صفحاته التي تقترب من الـ600، قدم خلاصة لمشوار طويل مع السينما، عشقًا وصناعةً وإخراجًا، عبر عشرات المقالات التي تناول فيها قضايا وموضوعات كلها عن السينما؛ همومها وأجاعها، حنين السنوات البعيدة، ذكريات لندن، وغيرها مما سجله على مدار أكثر من 25 عامًا على صفحات الجرائد العربية والمصرية والمواقع الإلكترونية: "الحياة اللندنية"، "القبس" الكويتية، "الدستور الأصلي" المصرية، وأخيرًا جريدة "التحرير" المصرية.. وغيرها.
يقول خان: إخراج "كتاب" غير إخراج "فيلم"، وعلى الرغم من أن الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات (أعمدة) نُشرت في عدة جرائد عربية ومحلية منذ أوائل التسعينيات حتى 2015 فهو بكامله يحكي عن تجاربي السينمائية ونظرتي للحياة والفن والعالم بأسره.
aXA6IDMuMTQ1LjQ3LjE5MyA= جزيرة ام اند امز