في عيدهم.. عمال فلسطين فريسة حصار غزة ومعابر الضفة
عمال فلسطين من الضفة الغربية اضطروا في يوم العمال العالمي للتوجه لأعمالهم في إسرائيل، بينما لم يجد حوالي 200 ألف فرصة عمل واحدة
عاد محمد ناحي مرهقاً إلى منزله في قليقلية بعد ساعات طويلة من البناء تحت أشعة الشمس، لكن المرور من المعبر الإسرائيلي ضاعف تلك المعاناة له ولأكثر من مئة ألف عامل فلسطيني يعملون توجهوا في يوم العمال العالمي للعمل في إسرائيل.
يتطلب وصول محمد (49 عاما) وحوالي سبعة آلاف عامل من قليقلية شمال الضفة الغربية، الانتظار لساعات ليسمح لهم جنود الاحتلال الإسرائيلي بالمرور من معبر قليقلية الشمالي.
103 آلاف عامل فلسطيني اضطروا للمرور من 11 معبراً إسرائيلياً، ليلتحقوا بأعمالهم في إسرائيل، بعد المرور من تلك المعابر المحصنة التي تفرض إجراءات مشددة، بالكاد تجدها في المطارات وفق ما يقول محمد ناجي لبوابة العين.
كغيره يهزأ محمد ناجي بيوم العمال العالمي، ويسخر من ظروف عمل الفلسطينيين بقوله "يوم العمال يجب أن يذكر العالم بمعاناة العامل الفلسطيني.. بماذا يحتفل العمال؟ يتساءل بمرارة ويجيب: من لا يعمل في يومه لا يجد قوت أولاده".
وغير بعيد كان آلاف العمال يعودون من معبر طولكرم بعد يوم عمل شاق في إسرائيل، تخلله إهانات للعمال ليس من جنود الاحتلال بل وحتى من المشغلين، بحسب ما يقول العامل سالم عبد الرحيم بعد عودته عصر اليوم إلى منزل بطولكرم.
ويقول عبد الرحيم، ككل العمال الفلسطينيين في إسرائيل يعاني من العمل لساعات طويلة في ظروف قاسية تنتهك حق العامل، ولا تراعي أدنى حقوقهم العمالية، فضلاً عن معاناة السفر.
عدد من النواب العرب في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، تفقدوا عددا من المعابر منذ ساعات الصباح، وهالهم أوضاع العمال الفلسطينيين، وصدمتهم مشاهد طوابير العمال التي تمر عبر ممرات إلكترونية ضيقة في المعابر المنتشرة في محافظات الضفة الغربية.
النائبة عايدة توما، التي كانت ضمن وفد نواب الكنيست عند معبر قليقلية، أكدت أن قضية العمال الفلسطينيين تكشف الوجه الحقيقي القبيح الذي يرغب المجتمع الإسرائيلي بنسيانه.
وقالت توما، لقد نجح الاحتلال في تحويل المعابر التي كان من المفروض أن تكون فسحة تربط العامل بمكان عمله وتوفر له فرصه ليحيا بكرامة إلى مواقع قمع ودوس على الكرامة ومحطة للاستغلال بأبشع أشكاله.
وأضافت "رأينا هنا وجها لا يتم الحديث عنه من جرائم الاحتلال، وهو سوق لاستعباد أبناء شعبنا حيث يصبح النضال من أجل لقمة العيش من أصعب المعارك.
وأشارت توما، إلى ما سمعوه من شهادات حية من العمال عن تجار تصاريح العمل واستنزافهم لجيوب العمال وعن الوصول إلى المعبر والانتظار الطويل ومن ثم العودة إلى البيت دون تحصيل الأجر، وغيرها من الشهادات التي ترسم واقعا مريرا نتاج التفنن في القمع والاضطهاد.
بدوره حمل النائب العربي في الكنيست يوسف جبارين، دولة الاحتلال مسؤولية جعل العمال الفلسطينيين لقمة سائغة في حلق المقاولين وأرباب العمل.
وأضاف، أن "حالة المعبر تقول الكثير: حشود من الآلاف في قطعة أرض صغيرة ومهملة، بدون أدنى الشروط المطلوبة، بانتظار حافلات النقل على أنواعها. هذا هو مظهر الاحتلال في الأول من أيار.. قمع قومي واستغلال طبقي في معبر الاستعباد، في دولة يهودية وامبريالية".
تفشي البطالة
لكن مرارة عمل مئات الآلاف أهون عند محمد ناجي من الانضمام لجيش البطالة الذي يضم 336 ألف عاطل عن العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة، يشكلون 26% من الأفراد المشاركين في القوى العاملة الفلسطينية.
بلغ عدد العاطلين عن العمل في الضفة 143 ألفا بمعدل 17% من المشاركين في القوى العاملة، في حين بلغ عدد العاطلين 193 ألفا في قطاع غزة بمعدل حوالي 41% من المشاركين في القوى العاملة.
في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً للسنة العاشرة على التوالي فرض العدد الكبير للبطالة في صفوف العمال، نفسه على يوم العمال، حيث خرج العمال في مظاهرات حاشدة تطالب بإنصافهم وتحقيق العدالة وتحذر من إهمالهم ونسيانهم.
أقوى التحذيرات أطلقها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، خلال مظاهرة نظمها أمام مقر مجلس الوزراء بغزة بمناسبة "يوم العمال العالمي"، محذراً من الوصول لمستويات معيشية كارثية في ظل سياسية تشديد الحصار.
وقال إن ذلك ينذر بانفجار إنساني إن لم تتدارك المنظمات الدولية الأمر وتضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من عشر سنوات.
وقال القيادي في الاتحاد العام للعمال جمال جراد، إن معاناة العمال في هذا العام تجاوزت كافة المستويات نتيجة تشديد الحصار وإغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الخام والمستلزمات الأساسية للبناء والإعمار، لافتا إلى أن ذلك أدى إلى إغلاق مئات المصانع والمنشآت وتسريح آلاف العمال.
وأشار إلى واقع العمال في غزة، موضحا أن نسبة البطالة بلغت 60%، ونسبة الفقر وصلت في صفوف العمال إلى 70%، منوها إلى ارتفاع أعداد العمال المتعطلين إلى 213 ألف عامل، بعد أن كانت أعدادهم لا تتجاوز 50 ألف متعطل عام 2011م.
ودعا جراد الأمم المتحدة إلى إبداء وقفة جادة ومسؤولة تجاه معاناة الطبقة العمالية الفلسطينية في قطاع غزة، والتخلي عن دورها المحدود في تقديم الدعم الإنساني، وممارسة ضغوط حقيقية لإجبار الكيان الإسرائيلي على فتح المعابر ورفع الحصار الظالم المفروض على غزة .
وفي مسيرة عمالية نظمتها قوى اليسار الفلسطيني جابت شوارع غزة الرئيسة، واستقرت أمام مقر المجلس التشريعي، أكد النقابي إلياس الجلدة، أن أوضاع العمال السيئة لم تجد البرامج والسياسات التي تنقذها من براثن الجوع والفقر والمعاناة رغم وجود حكومة التوافق الوطني، التي ليس لها من هم سوى زيادة الضغط على المواطن من ضرائب واحتكارات وقوانين جائرة بحق العمال والفقراء وارتفاع الأسعار وتضييق الحريات العامة والشخصية.
وطالب الجلدة حكومة التوافق وسلطة الأمر الواقع بغزة (حكومة حماس) إلى وضع العمال على سلم أولوياتهم ببرامج تشغيل على أسس عادلة وشفافة، وإلى تفعيل العمل بقرار الحد الأدنى للأجور، وإلى تعديل نظام الضمان الاجتماعي بما يحقق العدالة للعمال والعاطلين وحياة حرة وكريمة تعزز صمودهم وبقاءهم في وطنهم، مؤكدا على حق عمالنا وأبنائهم في الحصول على التأمين الصحي والتعليم وعلى حق العمل دون تمييز.
aXA6IDE4LjE5MC4yMTkuMTc4IA== جزيرة ام اند امز