لماذا يتحدث قادة الشرق الأوسط إلى بوتين وليس أوباما؟
روسيا أكثر رغبة في العمل مما غير ديناميكية المنطقة
زعماء الشرق الأوسط يتوافدون إلى موسكو لرؤية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه الأيام، ولا يهرعون إلى واشنطن
"لماذا يتحدث قادة الشرق الأوسط إلى بوتين وليس أوباما".. تساؤل طرحه الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دينيس روس في مقال رأي نشرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، طرح فيه وجهة نظره بشأن تغير نظر قادة الشرق الأوسط وتراجع ثقتهم في أمريكا ويأسهم من أوباما، وتوجههم إلى موسكو التي تحاول ملء الفراغ التي خلفته واشنطن في المنطقة.
وقال دينيس روس، وهو مستشار في معهد واشنطن، ودبلوماسي محنك، كان الرجل الأول لعملية السلام في الشرق الأوسط، إن الولايات المتحدة لديها قدرات عسكرية في الشرق الأوسط في الوقت الراهن أكثر بكثير من روسيا.
وأوضح أن أمريكا لديها 35 ألف جندي ومئات الطائرات؛ أما الروس فلديهم تقريبًا 2000 جندي، وربما 50 طائرة، ورغم ذلك يتوافد زعماء الشرق الأوسط على موسكو لرؤية فلاديمير بوتين هذه الأيام، ولا يزورون واشنطن.
وقال روس "لماذا أسمع في رحلاتي إلى المنطقة أن العرب والإسرائيليين قد فقدوا الأمل إلى حد كبير في الرئيس باراك أوباما؟ لأن التصورات تهم أكثر من مجرد السلطة، حيث يُنظر للروس باعتبارهم على استعداد لاستخدام السلطة للتأثير على توازن القوى في المنطقة، ونحن لا نفعل".
واعتبر روس قرار بوتين بالتدخل عسكريًّا في سوريا أمن وضع الرئيس بشار الأسد، وقلل بشكل كبير من العزلة التي فرضت على روسيا بعد الاستيلاء على شبه جزيرة القرم وتلاعبها المستمر بالقتال في أوكرانيا، ونظرة بوتين للعالم تختلف تمامًا عن نظرة أوباما الذي يعتقد أن استخدام القوة فقط في الحالات التي ربما يكون فيها أمننا ووطننا مهددًا بشكل مباشر، وعقليته تبرر اتخاذ إجراءات وقائية ضد الإرهابيين، وبذل المزيد من الجهد لمحاربة داعش، ولكنه يؤطر مصالح الولايات المتحدة واستخدام القوة لدعمها في شروط ضيقة للغاية.
الدبلوماسي الأمريكي قال أيضًا: "لكنها تعكس قراءة الرئيس للدروس المستفادة من العراق وأفغانستان، وتساعد في تفسير السبب في أنه كان مترددًا للغاية لبذل المزيد من الجهد في سوريا في وقت أسفرت الحرب عن كارثة إنسانية وأزمة لاجئين تهدد الأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي، وساعدت في نشأة داعش، وهذا ما يفسر أيضًا لماذا يعتقد أن بوتين لا يمكنه الفوز ويخسر، نتيجة للتدخل العسكري في سوريا".
وأضاف "لكن في الشرق الأوسط، فإن وجهات نظر بوتين حول الإجبار، بما في ذلك القوة لتحقيق الأهداف السياسية، يظهر أنها القاعدة وليس الاستثناء، وهذا ينطبق على أصدقائنا وكذلك خصومنا".
وأشار إلى أنه "في أعقاب الاتفاق النووي، أصبح سلوك إيران في المنطقة أكثر عدوانية، وليس أقل من ذلك، في ظل انضمام القوات النظامية الإيرانية لقوات الحرس الثوري المنتشرة الآن في سوريا، والاستخدام الأوسع للميليشيات الشيعية، والتجارب الصاروخية الباليستية".
وقال إن "وجود روسيا لم يساعد، والتدخل العسكري الروسي غير مسار المعركة في سوريا، وخلافًا لوجهة نظر أوباما، وضع الروس في وضع أقوى دون فرض أي تكاليف كبيرة عليهم؛ ليس فقط لأنهم لم يعاقبوا على تدخلهم السوري، لكن الرئيس باراك أوباما نفسه يتصل الآن بفلاديمير بوتين، ويطلب مساعدته للضغط على الأسد، إذ يعترف فعليًّا من الذي لديه النفوذ".
وقال "هذا لا يعني أننا ضعفاء وروسيا قوية، فبموضوعية، روسيا تتراجع اقتصاديًّا وفترة انخفاض أسعار النفط تزيد الصعوبات المالية، وهي حقيقة قد تفسر، جزئيًّا على الأقل، رغبة بوتين في إبراز دور روسيا على الساحة العالمية وممارسته للسلطة في الشرق الأوسط".
وأضاف "كما أسمع في زياراتي إلى المنطقة، العرب والإسرائيليين على حد سواء يتطلعون إلى الإدارة (الأمريكية) المقبلة، فإنهم يعرفون أن الروس ليسوا قوة للاستقرار، ويعولون على الولايات المتحدة للعب هذا الدور".
واعتبر أن القوى المختلفة في المنطقة إذا شككت في المصداقية الأمريكية، سوف تكون هناك حدود لمقدار ما سوف يعرضون أنفسهم له سواء في محاربة داعش، وعدم الاستجابة للنصائح الروسية، أو حتى التفكير في الاضطلاع بدور ذي قدر أكبر من المسؤولية في التسوية الفلسطينية لصنع السلام مع إسرائيل.
وأضاف "وللاستفادة من اعترافهم بأنهم ربما يحتاجون لمواجهة المزيد من المخاطر وتحمل المزيد من المسؤولية في المنطقة، فإنها يحتاجون لمعرفة أن كلمة أمريكا موثوقة وأنه لن يكون هناك المزيد من "الخطوط الحمراء" التي تم الإعلان عنها وعدم الوفاء بها، وأننا نرى نفس التهديدات التي يرونها، وأن قادة الولايات المتحدة يفهمون أن القوة تؤثر على المشهد في المنطقة، ولن يترددوا في تأكيد ذلك".
وحدد دينيس روس عدة خطوات يمكنها المساعدة في نقل مثل هذا الانطباع منها:
- تشديد السياسة الأمريكية المعلنة تجاه إيران حول عواقب الغش في الخطة الشاملة المشتركة للعمل لتشمل لغة حادة، واضحة بشأن توظيف القوة، وليس العقوبات، إذا انتهك الإيرانيون التزامهم بعدم السعي أو الحصول لحيازة سلاح نووي.
- الاستعداد لتسليح القبائل السنية في العراق، إذا ما استمر الإيرانيون والميليشيات البارزة في منع رئيس الوزراء حيدر العبادي من القيام بذلك.
- في سوريا، نوضح أنه إذا واصل الروس دعم الأسد وليس إجباره على قبول مبادئ فيينا (وقف إطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية، مفاوضات وعملية انتقال السياسي)، فإنهم لن يتركوا لنا أي خيار سوى العمل مع شركائنا لتطوير ملاذات آمنة ومناطق حظر طيران.