المؤرخ خالد زيادة يدرس "تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا"
يرصد الكتاب المراحل التي مرّ بها النظر الإسلامي إلى أوروبا منذ القرن 9 الميلادي وحتى العصر الحديث
يرصد كتاب "تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا" للمؤرخ خالد زيادة المراحل التي مر بها النظر الإسلامي إلى أوروبا منذ بداية القرن التاسع الميلادي وحتى العصر الحديث، وقد انتقلت نظرة المسلمين خلالها من "الازدراء" إلى "الإعجاب" الذي لا يخلو من رواسب العداء.
وضمن مشروع بحثي وعلمي ضخم، يتناول زيادة إحدى المسائل المركزية التي يثيرها الوعي العربي المسلم على حد سواء، وهي العلاقة مع الغرب، تلك العلاقة المغرقة في القدم والتي هي حصيلة الجوار الفريد، وقد أصبحت مصدرا للقلق الذي طبع الأفكار منذ أن صارت أوروبا مركز الحداثة في العالم في العالم.
واستهل زيادة مشروعه الكبير بـ "تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا" و"المسلمون والحداثة الأوروبية"، وصولا إلى "لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب"، وهو الذي عني فيه مؤلفه بالتركيز على إعادة قراءة العلاقات الإسلامية الأوروبية أو بمعنى أدق اكتشاف الحداثة الأوروبية، وتبني أجزاء منها هنا وأجزاء أخرى هناك، بما يزيد من فهمنا لمسائل التطور التاريخي والمشكلات الحاضرة، وهو الأمر الذي نحتاج إليه، فالمجتمعات تحت ضغط المتطلبات تغفل جذور الأزمات، وتفقد سيرورة التاريخ في تواصل حلقاتها وتأثير بعضها على البعض الآخر.
في هذا الكتاب؛ الصادر عن المصرية اللبنانية بالقاهرة، اعتنى المؤلف بالمصادر المبكرة للجغرافيين المسلمين الأوائل الذين رسموا خرائط العالم وعينوا أقاليمه، وقد استفادوا من الجغرافيا اليونانية وتقسيم العالم إلى سبعة أقاليم، وكان أول تشكل لصورة أوروبا يعود إلى ابن خرداذبة (حوالي 850م) الذي ذكر الروم والبرجان والبرغر والصقالبة.
ولفترة طويلة احتفظت النظرة الإسلامية بطابعها التقليدي الذي يمتزج فيها الازدراء باللامبالاة. ولم تفض الحروب الصليبية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين إلى إثارة الفضول لمعرفة الشعوب الأوروبية فأطلقوا عليهم اسماً واحداً هو "الفرنجة". وإثر الحروب الصليبية تزايدت المعلومات عن ممالك أوروبا ومدنها بفضل النشاط التجاري خصوصاً بين المدن في إيطاليا والساحل الشرقي للمتوسط.
ويتعقب المؤلف اطراد المعلومات في الفترة العثمانية حين ازدادت العلاقات التجارية والسياسية، لكن ذلك لم يبدل كثيراً من حالة العداء والازدراء، وصولاً إلى مطلع القرن الثامن عشر حين تنبه المسلمون إلى تقدم أوروبا العسكري والعلمي، حينها تبدلت النظرة جذرياً وحلّ الإعجاب مكان الازدراء واللامبالاة.
ويولي المؤلف اهتماماً للأدبيات العائدة للقرن التاسع عشر والتي تظهر التأثر بالعلوم والآداب الأوروبية وصولاً إلى المحاولات الفكرية التي سعت إلى فهم العلاقات بين عالم الاسلام وأوروبا. ويقول ناشر الكتاب في تصديره عنه "إن كتاب خالد زيادة "تطور النظرة الإسلامية إلى أوروبا" مؤلف شامل وغير مسبوق لجهة الإطار الزمني الذي يتناوله والمصادر التي استند إليها، إضافةً إلى فهم التحولات التي طرأت على العلاقة بين العالمين".
مؤلف الكتاب، الدكتور خالد زيادة، كاتب ومؤرخ وأديب ومفكر وأكاديمي، من مواليد مدينة طرابلس بلبنان العام 1952، وحصل على إجازة الفلسفة من الجامعة اللبنانية سنة 1977، والدكتوراه من جامعة السوربون الثالثة، باريس 1980. بالإضافة إلى عمله الأصلي كأستاذ جامعي وباحث تاريخي مرموق له العديد من المؤلفات في التاريخ الاجتماعي والثقافي؛ شغل منصب سفير لبنان في القاهرة، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية. وصدر له عن الدار المصرية اللبنانية "الكاتب والسلطان ـ من الفقيه إلى المثقف"، و"الخسيس والنفيس ـ الرقابة والفساد في المدينة الاسلامية"، وكرس بعض مؤلفاته لدراسة العلاقات الإسلامية الأوروبية، مثل "تطور النظرة الاسلامية إلى أوروبا"، و"المسلمون والحداثة الأوروبية"، و"لم يعد لأوروبا ما تقدمه للعرب". بالإضافة إلى ذلك، كتب زيادة ثلاثة أعمال أدبية جمعها في كتاب بعنوان: "مدينة على المتوسط" وهي تحكي سيرة مدينة طرابلس. كما نشر رواية بعنوان "حكاية فيصل"، تدور أحداثها حول الثورة العربية في النصف الأول من القرن العشرين.
aXA6IDE4LjExNy4xNTYuMTcwIA== جزيرة ام اند امز