الحكومة الجزائرية تبدأ "التقشف".. وسوق السيارات أول الضحايا
الجزائر لن تسمح باستيراد أكثر من 83 ألف سيارة سنة 2016، بسبب السياسة الحذرة التي تطبقها للحفاظ على احتياطيها من العملة الصعبة.
بدأت الجزائر عمليا تطبيق إجراءات التقشف التي أعلنت عنها الحكومة لمواجهة انهيار أسعار البترول، فقد كشفت وزارة التجارة عن تحديد عدد السيارات المرخص باستيرادها سنة 2016 إلى نحو 83 ألف سيارة بحيث لن تتجاوز تكلفتها الإجمالية مليار يورو.
وزعت وزارة التجارة رخص الاستيراد على وكلاء السيارات قصد السماح لهم بمباشرة نشاطهم، حيث تم الترخيص لنحو 40 متعاملا وإسقاط 40 آخرين تقدموا بملفاتهم للوزارة، علما أن نظام الرخص لم يكن مطبقا في السابق وجرى اعتماده منذ يناير الماضي للتحكم أكثر في فاتورة الاستيراد.
وبعد أن كان مقررا السماح باستيراد 152 ألف سيارة سنة 2016، تراجعت الوزارة بعد يومين فقط من هذا الإعلان، ليكشف الوزير بختي بلعايب من جديد أن جرى تخفيض الكمية المسموح بها إلى 83 ألف سيارة فقط، على أن تراجع هذه الكمية –بحسب كلامه- وفق التطورات التي ستشهدها السوق.
وأشار الوزير إلى أن فاتورة استيراد حصة 83 ألف سيارة المسموح بها لن تتعدى مليار دولار سنة 2016 مقابل أكثر من 3 مليارات دولار سنة 2015، مبررا اللجوء إلى هذا الإجراء بـ"مقتضيات ترشيد وارداتنا ولأنه يجب التوقف عن استيراد سيارات لتخزينها، حيث إن السيارات التي ستستورد مشتروها معروفون لأنهم دفعوا تسبيقات قبل استلام مركباتهم".
وشدد وزير التجارة على أن الحكومة تشترط على الوكلاء المستوردين الذين حصلوا على رخص الاستيراد، "الوفاء بالتزامات تتعلق بالاستثمار في مجال السيارات سواء فيما يخص إنتاج قطع الغيار أو المساهمة في إنتاج هذه السيارات بالجزائر".
وكانت الجزائر قد استوردت سنة 2015 أكثر من 265 ألف سيارة بقيمة 3.14 مليار يورو، وفي سنة 2014 حوالي 418 ألف سيارة بقيمة 5.7 مليار يورو، وهو ما جعل الحكومة تراجع هذه الكميات بفعل الضغط الكبير الذي تشكله على احتياطي العملة الصعبة الذي أصبح يتآكل بعد تراجع المداخيل بشكل سريع خلال السنتين الماضيتين.
اختلال السوق
غير أن هذا التقشف في استيراد السيارات، انعكس مباشرة على السوق التي تعرف اختلالات بالجملة، إذ أضحت ندرة السيارات الجديدة واقعا ملموسا عند كل الوكلاء المعتمدين الذين عرفوا تراجعا كبيرا في رقم أعمالهم، بسبب عدم قدرتهم على تلبية الطلبات الهائلة من الزبائن.
ويشير عدد من الوكلاء الذين سألتهم بوابة "العين" الإخبارية، إلى أن فتح الحكومة باب الاستيراد من جديد لن يحل إشكال الندرة القائم، لأن عدد السيارات المرخص به ضئيل جدا ولا يلبي الحاجة، إذ بالكاد يكفي لتغطية طلبات الزبائن الذين ينتظر بعضهم منذ سنة وصول سيارته.
وأدى هذا الواقع في الجزائر إلى لجوء أغلب الزبائن إلى سوق السيارات المستعملة في ظل عدم توفر السيارات الجديدة، مما دفع بالأسعار إلى الارتفاع بشكل جنوني، إذ يقدر المتعاملون الزيادات التي شهدتها السيارات المستعملة بنحو 20 إلى 30% من قيمتها الحقيقية، وهو ما جعل من رحلة اقتناء سيارة بالنسبة لكثير من الجزائريين حلما يكاد يكون بعيد المنال.
استراتيجية الحكومة
وتحاول الجزائر من خلال التضييق على استيراد السيارات دفع العلامات الكبرى في العالم إلى إقامة استثمارات بالبلاد، مع تشجيعهم عبر الحوافز والتسهيلات الضريبية والعقارية.
ووضعت الحكومة أمام وكلاء السيارات مهلة لتحويل نشاطهم التجاري إلى إنتاج قطع غيار السيارات من أجل خلق شبكة مناولة قادرة على تزويد المصانع التي يتم إنشاؤها حاليا
وكانت شركة توتويا قد أعلنت عن إنشاء 3 مصانع في الجزائر قريبا تشمل مختلف أنواع صناعة السيارات وقطع الغيار والشاحنات.
من جانبها، تجري شركة فولكسفاجن الألمانية مباحثاتها، مع السلطات الجزائرية لإقامة مصنع تجميع بمنطقة غيلزان غربي الجزائر العاصمة، وذلك بالشراكة مع شركة سوفاك الجزائرية.
وينتظر أن يكون المصنع بطاقة إنتاجية تقارب الـ 100 ألف سيارة سنويا، وبتكلفة ستبلغ 170 مليون دولار. ويرتقب أن ينتج المصنع ثلاثة أصناف من السيارات، وهي بولو كلاسيك، سكودا أوكتافيا، وأماروك "بيك آب".
وجاءت المفاجأة من شركة بيجو التي أعلنت عن تأجيل مصنعا الذي كان مقررا الإعلان عنه لدى زيارة الوزير الأول الفرنسي الأخيرة إلى الجزائر.
وبحسب المعلومات التي تم تداولها، فإن خلافات حول نسبة الإدماج في المصنع حالت دون الوصول إلى اتفاق، إذ يقترح الجانب الجزائري أن تكون بنسبة 40 %، بينما يرى الفرنسيون أن هذه النسبة مبالغ فيها.
وفي حال تنفيذ المشروع، فإنه سينتج 75 ألف سيارة سنويا، ونوعين من السيارات هما بيجو 208 و301، ويمتد على مساحة 70 هكتارا في منطقة غيلزان غربي العاصمة دائما.
ولحد الآن، تعُدُّ الجزائر مصنعا واحدا لتجميع السيارات دخل الخدمة في نوفمبر 2014، وهو بالشراكة بين رينو الفرنسية ومؤسسة وطنية جزائرية، ويتربع المصنع على مساحة إجمالية قدرها 150 هكتارا منها 20 هكتارا مستغلة.
aXA6IDMuMTQuMTM1LjgyIA== جزيرة ام اند امز